الميدان تحاور تجربته مع الشهيد محمود محمد طه ،، (الرابعة)
المسيحي الكاثوليكي الذي حاور زعيم الجمهوريين وصادقه!.
يوسف جورج ،، من تراتيل الجيش المريمي إلى إنشاد الجمهوريين العرفاني!.
* عندما سألت الأستاذ مرة " إنت منو" ،، رد قائلاً " مرشد وزميل طريق "!
* أعداؤه يطرحون الأسئلة حول صلاته بتجريد مخل للمفاهيم!.
* هل يمكن إتهام من وضع كتاباً عن صحيح الصلاة وكيفية آدائها بأنه ملحد ومرتد؟!.
دلفت لحوار الأستاذ يوسف جورج من صالون الصديق الشاعر عاطف خيري بالعاصمة الأسترالية ،، وبحساسية ومحبة جمعت بناتاً وأولاداً، تفرعت الدردشة وامتدت حتى رمال الشاطئ الذهبي لمدينة " Surfers Paradise " السياحية، لتنتج هذه الحوارية الحميمة. كان يوسف جورج في الأصل مسيحياً كاثوليكياً قبل أن يلتقي الشهيد محمود محمد طه، ويجالسه ويحاوره طويلاً، وقبل أن يرق قلبه العامر بالمحبة الانسانية إلى الاسلام وسماحته، فيسلم وينطق بالشهادتين سراً، ويمشى بمودة مع الأستاذ ومريديه الجمهوريين في طريق الفكرة، وذلك بعد أن تخلى بسلاسة عن مواقعه ومناصبه التي كان يتبوأها في الكنيسة الكاثوليكية بالخرطوم دون عداء أو كراهية. وحول هذا يقول أنه اكتشف عوالم جديرة بالانتماء لها وبشراً جديرين بالمحبة لهم، وفي نهاية هذا الحوار المطول أودع يوسف جورج رسالة مؤثرة وجهها لجميع أؤلئك الذين ساهموا بشكل مباشر أو غير مباشر، في تصفية الأستاذ محمود جسدياً، طالباً فيها منهم مراجعة مواقفهم من الأستاذ وفكره وفرية ردته، وفي ذات الوقت طالباً لهم المغفرة والرحمة، قائلاً لهم " كيف تكفرون مسلماً درًج وأدخل مسيحياً مثلي إلى مراقي الاسلام ونطق بالشهادتين "، مؤكداً أن الدوافع كانت الأبعد عن الاسلام وسماحته، وكانت أقرب إلى الصراع السياسي المكشوف والتهافت على السلطة؟!. الجدير بالذكر أن هذه تعد أول مناسبة يعلن فيها الأستاذ يوسف جورج عن إسلامه علناً، كما تعد أول مرة ينطق فيها بالشهادتين على الملآ، وحسب وجهة نظره فقد آن الأوان لفعل ذلك، حيث شعرت أثناء حواري معه بفيض من المحبة العامرة للجميع وبلسان مبين يعبر عن إسلام شعبي مسامح ومتسامح، ولم المس منه أي عداءات سواء تجاه الكنيسة أو المتأسلمين ، سلفيين كانوا أو أي جهة أخرى، ومن الجانب الآخر أحسست بأن يوسف جورج كان أيضاً بمثابة المحاور لي لرغبته واهتمامه بمعرفة آرائي وانطباعاتي حول إفاداته التي أكرمني بها ،، فإلى الحوار:-
حاوره بأستراليا: حسن الجزولي
* والله يا ريت يا يوسف ولو نموذج واحد من نوع الأسئلة اللي بتحاور بيها الشهيد عشان نقيف على تطور وعيك تجاه الفكرة الجمهورية واقتناعك النهائي بأطروحات الأستاذ؟!.
+ طيب ،، سألتو مرة عن المسيح وعودتو! ،، وحسب ما عندنا في المسيحية بنتوقع عودة المسيح حسب مقولات السيد المسيح نفسو، فماهو موقفك من العودة دي ورأيك في الموضوع بمجمله؟!. ،، قال ليا ، أنحنا برضو في الاسلام بنرجو وننتظر عودة المسيح! ،، وحسب العقلية اللي أنا جاي بيها وجدتني أقول ليهو بدهشة ده معناتو إنتو برضو مسيحيين طالما بتنتظرو عودة المسيح! ،، قال ليا ،، بس المسيح لمن يرجع بيرجع بالقرآن في يد وبيرجع بالانجيل في اليد الأخرى! . قلت ليهو سيأتي المسيح وليس محمد أو أحمد ! ،، قال ليا في الواقع المسيح حا يرجع باسم أحمد وحا يرجع عشان يتم رسالته ،، رسالة المسيح "مبشراً برسول من بعدي يأتي اسمه أحمد" ،، وأن محمد عليه الصلاة والسلام يتضمن كل الرسل بما فيهم المسيح نفسه ،، وعودة المسيح هي عودة محمد عليه الصلاة والسلام خاتم الأنبياء . في نهاية الأمر لمست ومن خلال مناقشاتي مع الأستاذ إنو الجهد اللي بنبذل فيهو في المسيحية غير مجدي ولا يؤدي لأي شئ ! ،، فردياً لم يقدمنا لقدام ،، واجتماعياً ما عامل شئ كتير ،، تعاليم الكنيسة غير مطبقة عند المسيحيين ،، هناك ماهو مطبق وهناك ما هو غير مطبق ،، بس الالتزام مافي ،، لقيت نفسي أنا بفكر براي ،، بس أنا ما طلعت من الكنيسة لأنو ما مقتنع بأفكار الكنيسة ،، إنما لأنو لقيت شئ أعلى ،، شئ أعمق ،، روحياً شئ مبلور ومكتمل أكتر من ما في المسيحية ،، زي ما الواحد كان بتعلم في الابتدائي وبعدين الثانوي وبعدين وصل للمرحلة الجامعية ،، مافي موقف عدائي للمراحل الدراسية دي ،، الابتدائي أهلك لتكون في الثانوي وكذلك الثانوي أهلك لتكون في الجامعة وهكذا! ،، إكتشفت أفكار معينة لقت تجاوب عندي ،، أهمها فكرة التوحيد ،، التوحيد بأن لا الله إلا الله وأن الله واحد ، نعم عند الأخوان المسلمين مثلاً هي كذلك ولكنها شكلية وكأنو لا معنى لها ، فقط عند الأستاذ طرحها كأنها مرحلةProcess” " في طريق وأسلوب توحيد النفس البشرية ، لتجد الهدوء الداخلي والنفسي! ،، أشياء كتيرة عبر عنها الأستاذ في جزئية التوحيد دي وقال إنو الاسلام عبارة عن علم نفس ،، فالتوحيد هنا عبارة عن أسلوب ،، منهج ،، طريق ،، عندنا في المسيحية أن الله واحد ، بس برضو في فكرة الثالوث ،، لكن ده مش الموضوع ،، الموضوع إنو إنت مع التوحيد لتتوحد ذاتك مع الفكرة اللالهية .
* قيل أن الأستاذ يستند في أحاديث كثيرة على نوعية أسئلة جريئة إنت طرحتها ليهو من قبل ودايماً كان بيردد مقولة " زي ما سألني أو قال ليا يوسف جورج" ،، يا ريت تعلق؟!.
+ نعم دي حقيقة ،، أنا طلعت من السودان بدري زي ما قلت ليك، قبل أربعين سنة وما عدت أتزكر التفاصيل بما فيها الأسئلة ،، بس توجد محاضرات مسجلة وموجودة ، وكتير من الأجيال الجمهورية اللي ما عاصرت محمود تعرفت على المحاضرات دي ،، ومن بين الأسئلة المعنية سألته مرة " إنت منو" ؟ فرد علي حسب ما أذكر :- " أنا مرشد وزميل طريق " بمعنى أنا مشيت الطريق ده ورجعت عشان ما آخدكم معاي ! ،، وأنا بستفيد إستفادة بسيطة من الحكاية دي وإنتو بتستفيدو إستفادة كبيرة ،، زي أنا بستفيد واحد في المية وإنتو بتستفيدو مية في المية !. نفس هذه الاجابة موجودة في كتاب أسئلة وأجوبة ،، كسؤال وجواب ،، توجد أسئلة تانية كتيرة بس بصراحة ما عدت أتزكرها .
* هل السؤال ده منسوب ليك إنت تحديداً؟ .
+ أبداً ،، مطروح بشكل عام ،، وإمكن طرحوهو ناس تانين ،، بس هو نفس سؤالي للأستاذ اللي كان بيستشهد بيهو في محاضراتو وأحاديثوا إنو " زي ما قال يوسف جوج ".
* لدي سؤال مفصلي لو صحت التسمية يا أستاذ يوسف ،، تكون حضرت مع الجمهوريين بعض الصلوات في العصر أو المغرب أو العشاء ،، من كان يؤم مثل هذه الصلوات يا يوسف؟! ،، وأظنك فهمتني أنا قاصد شنو بطرح السؤال ده تحديداً؟!.
+ فهمتك جداً، وأشكرك على طرح السؤال ده بالذات لأنو فعلاً سؤال مفصلي ومهم وكان لازم يطرح في الحوار ده ، أنا بحاول أرد عليك بما يقربنا لفهم المطروح ،، ناخد صلاة المغرب بالذات مثلاً ،، لأنو باقي الصلوات ممكن نقول صلى قبل أو حا يصلي بعد !،، أنا ما كنت بصلي في الوكت داك رغم اقتناعي بالفكرة تماماً ، إنو أنا مسلم مية في المية وأشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله ،، وأن القرآن حق والرسل حق ،، فوكت صلاة المغرب الناس بتستعد بالوضوء وتهيئة مكان الصلاة وفرش البروش وكده، الأستاذ كان في الوكت ده بدخل لغرفتو ،، ومن يؤم الصلاة بكون واحد من الجمهوريين الكبار ،، عبد اللطيف أو سعيد الطيب شايب الله يرحمو أو جلال الدين الهادي الله يرحمو أو محمد فضل الله يرحمو ويحسن إليه ولبناتو الاتنين موجودات ، نوال ورشيدة . المهم ،، المسألة دي ،، كونو الأستاذ بصلي براهو في غرفتو ما أثارت إنتباهي في البداية إلا لاحقاً ،، بعدين لمن عرفت حاجة إسمها صلاة الأصالة!. وعرفت إنو الموضوع ده حساس لدرجة أنو مسبب مشكلة لعدد كبير من الناس ، خاصة بالنسبة لأنصار السنة وجبهة الميثاق الاسلامي والبعض الآخر ،، يطرحون السؤال مجرداً من مفاهيمه " هل الرجل يصلي أو لا يصلي" !. هنا سأجاوبك بنفس إجابتي على أحد أصدقائي هنا بأستراليا عندما سألني عن صلاة الأستاذ، وكان ينتمي لجماعة الأخوان المسلمين تركهم فيما بعد ، قلت ليهو يا أخي، ما أعرفه إني تلقيت أولى تعاليمي في الصلاة وكيفيتها وقيمتها وطريقتها الصحيحة من الأستاذ مباشرة ،، لذلك أنا بعتبر حسب ما تعلمتو من قيمة للصلاة أن الصلاة دي بين الفرد وربو ،، مع الله ،، ليس هناك أي زول وسيط ،، يؤمك من أو لا يؤمك من، دا ليس بموضوع جوهري في آداء الصلاة! ،، فأنا يوسف جورج المنتمي للاسلام عن طريق الأستاذ محمود محمد طه قد تعلمت الصلاة وكيفية آدائها من الأستاذ محمود محمد طه ،، مش من زول تاني غيرو! ،، وتعلمت إنو الصلاة دي ليست فقط حركات ،، في صلاتنا الصحيحة والسليمة كل حركة ليها معنى ،، وإنت بتبتدئ وتقول " الله أكبر " إذا ما صادق في دي، فأحسن تمشي بيتكم وما تصلي وتتعب نفسك، " وربما مصلي لم تزده صلاته إلا بعداً"! ،، "الله أكبر" دي معناتا أي شئ تاني سقط ،، ودي معروفة في حياة النبي عليه الصلاة والسلام زاتو ،، " الله أكبر " و " السلام عليكم " دي صلاة ،، بعدين الأستاذ محمود بتكلم عن الصلاة بين الصلاتين ،، يعني بين "السلام عليكم" في الصلاة الأخيرة و" الله أكبر " في الصلاة الجاية ،، فحياة الأستاذ محمود محمد طه كانت مكرسة للتسليك ،، كلمة التسليك يعني السلوك ،، المعاملة ،، فدي الصلاة بين السلام عليكم والله أكبر في الوكت الجاي ،، في الوكت البعد الصلاة الأخيرة . من جانب آخر يقول الأستاذ محمود أن الصلاة هي بمثابة صلاتين في حديثين ،، الصلاة صلة والصلاة معراج العبد إلى ربه ،، الصلاة صلة بمعنى أنها الهدف ،، وهو ما نطلبه من الصلاة ،، نحن نصلي عشان نوصل لصلاة الصلة ،، المعراج هو الطريق اللي بنمشي ليهو وصلاة المعراج هي صلاة التقليد ،، بنقلد النبي عليه الصلاة والسلام في طريقتو عشان نوصل لصلاة الصلة. ولمن الانسان يوصل لصلاة الصلة ،، هو بيتخذ صلاتو الفردية مباشرة ،، صلاة الأصالة ،، ده باختصار شديد، وفي كلام كتير عن الموضوع ده . فاللي أنحنا عارفينو إنو صلاة الأستاذ محمود كانت صلاة الأصالة ،، ودي صلاة فردية ليهو هو عليه رحمة الله ،، ودي الصلاة المقبولة بعد ما إنت توصل لصلاة الصلة ،، إذا هو حاول يصلي صلاة التقليد ما مقبولة منو ،، والمقبول منو هو صلاة الأصالة ،، لأنو دي صلاتو الفردية البتقربو من الله سبحانه وتعالى! في النهاية هل الرجل اللي وضع كتاب عن الصلاة وعلم كيفية آداء الصلاة يمكن أن يشكك زول في إيمانو وإسلامو وأنه كافر لأنه فقط لا يقيم الصلاة إلا مع نفسو؟!. من وين جونا بحكم زي ده؟!
elgizuli@hotmail.com