عايرة في دولة جنوب السودان وأدوها سوط ؟
ثروت قاسم
2 February, 2014
2 February, 2014
Facebook.com/tharwat.gasim
Tharwat20042004@yahoo.com
1- الموقف العام ؟
+ في يوم الخميس 23 يناير ، وقع طرفا النزاع بدولة جنوب السودان ، اتفاقاً لوقف العدائيات وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين ، يستمر العمل به حتى يوم الجمعة 7 فبراير ، لتبدأ يوم السبت 8 فبراير المفاوضات بين الطرفين من جديد للوصول إلى إتفاقية سلام شامل بين الطرفين .
ولكن يتهم كل طرف الطرف الآخر بخرق وعدم الإلتزام بإتفاقية وقف العدائيات في ولايتي جونقلي والوحدة !
يتهم الدكتور رياك مشار :
+ الجيش اليوغندي بخرق إتفاقية وقف العدائيات بالتقدم شمالاً في ولاية جونقلي بعد سيطرته على العاصمة بور . ويستهجن تصرفات الجيش اليوغندي وكأنه الحاكم بأمره في الجنوب ؛
+ حركة العدل والمساواة السودانية والحركة الشعبية الشمالية بالقتال إلى جانب قوات الرئيس سلفاكير في ولاية الوحدة ، وولاية أعالي النيل على التوالي .
+ في يوم الخميس 30 يناير 2014 وفي اديس ابابا تم التوقيع على إتفاقية لوقف العدائيات بين الحركة الشعبية وحركة ديفيد ياو ياو ( قبيلة المورلي ). ... حركة جنوب السودان الديمقراطية ، العدائيات التي ستمرت لحوالي 3 سنوات بين الحركتين وأدت لآلاف القتلى وعشرات الآلاف من النازحين.
+ في يوم الخميس 30 يناير 2014 رفضت جوبا مغادرة القوات اليوغندية إلا بعد إستتباب الأمن والسلام ، ولم تر جوبا أي غضاضة في قتل اليوغنديين للمواطنين من جنوب السودان ( أكثر من 10 الف قتيل ) ، وحرق منازلهم وتشريدهم ( أكثر من نصف مليون نازح ولاجئ ) . صارت القوات اليوغندية تسرح وتمرح في ولاية جونقلي وعاصمتها بور تقتيلاًًً للمواطنين وحرقاً لمنازلهم وتدميراًًً للبنيات التحتية .
إنتصار بطعم الحنظل .
المواطن يتوسل الأجنبي ليقتل شقيقه المواطن . سلفاكير يطلب من موسفيني إبادة قبيلة النوير عن بكرة أبيها لينعم بحكم أرض الجنوب وهو مطمئن قرير العين .
+ لا يزال الموقف عجاجياً ، ويمكن لإتفاقية وقف العدائيات أن تصمد حتى يوم الجمعة 7 فبراير ، ويمكن أن تنهار ، وتبدأ المشاحنات من جديد .
+ ولكن المبعوث الرئاسي الأمريكي الخاص لدولتي السودان السفير دونالد بووث يضغط على الطرفين للإلتزام بإتفاقية وقف العدائيات ، وعلى الرئيس سلفاكير لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين الاربعة الباقين . كما طالب السيد بووث الرئيس سلفاكير بالإسراع في إقامة مؤوسسات ديمقراطية للتحول الديمقراطي الكامل ، ومؤوسسات للحوكمة الرشيدة كحل جذري لمنابع الأزمة ! ويتابع الرئيس اوباما الموقف بشكل شبه يومي .
الأمر ممكن حدوثه ، وعكسه أيضاً ، في رمال الجنوب المتحركة .
2- معسكر يدا ؟
ما حدث في معسكر يدا يصور فظاعة الوضع الكارثي في دولة جنوب السودان .
يحتضن معسكر يدا في ولاية الوحدة آلاف اللاجئين من نوبة جنوب كردفان ، وهو أكبر معسكر لاجئين في دولة جنوب السودان . بعد إنفجار الوضع في جنوب السودان ، أضطر اللاجئون السودانيون للرجوع إلى جنوب كردفان ، ببساطة لأن الاوضاع الانسانية فيها أقل كارثية من الاوضاع في معسكر يدا في جنوب السودان .
وما يحدث خارج معسكر يدا في ولاية الوحدة اكثر فظاعة مما يحدث داخله ، وهو المفروض أن يكون الملاذ الأخير للاجئين .
توقفت الإغاثات عن المعسكر ، وصار الوضع الأمني لا يُحتمل ، بعد لجؤ بعض الدينكا للمعسكر طلباً للأمان ، وتعقب المليشيات النويرية لهم داخل المعسكر . بدأ القتل العشوائي على الهوية داخل المعسكر ، ولم ينج مئات من اللاجئين النوبة في المعسكر الذين تم إغتيالهم بواسطة الجيش الأبيض ، التابع للدكتور رياك مشار ، بزعم إيوائهم للمواطنين الدينكا الفارين والملتجئين للمعسكر .
الوضع في معسكر يدا في ولاية الوحدة وفرار اللاجئين النوبة منه إلى جنوب كردفان حيث المعارك على أشدها بين حكومة الخرطوم والحركة الشعبية الشمالية ، بعد قصف الخرطوم لكاودا بعشرات الصواريخ ، ونزوح أكثر من 30 الف من قبيلة النوبة من العباسية تقلي ورشاد .
فرار اللاجئين النوبة من معسكر يدا في ولاية الوحدة إلى جحيم جنوب كردفان ، يؤكد كارثية الوضع في دولة جنوب السودان ، بمعيار النسبة والتناسب .
3- عايرة وممكن لأي مجرم أن يديها سوط ؟
الوضع المأساوي في دولة جنوب السودان تجسده مقالة بعنوان ( النار تأكل جنوب السودان ) نشرها في صحيفة النيويورك تايمز ( عدد الخميس 23 يناير ) مساعد الأمين العام للامم المتحدة للشئون الإنسانية ، السيد إيفان سيمونوفتش ، بعد زيارة عمل قام بها لدولة جنوب السودان. بدأ السيد إيفان مقالته بسرد حكاية سمعها من نويراوي في جوبا ، وتعكس الوضع الكارثي في دولة جنوب السودان .
قال :
كنا حوالي 400 من شباب النوير ، إعتقلتنا الشرطة ، عشوائياً ، من بيوتنا او من الشارع بالتعرف علينا من شلوخ النوير المميزة على جباهنا ، أومن لهجتنا. وضعونا في زنزانة ضيقة ، يصعب فيها التنفس . ثم ومن شباكين في الزنزانة بدأ عناصر من الشرطة في إطلاق النار العشوائي علينا . خر معظم المعتقلين صرعى ، ووجدت نفسي تحت كومة من الموتى . كررت الشرطة إطلاق الرصاص علينا للتأكد من موت جميع المعتقلين . ثم تم ترحيل الجثث ورميها في بحر الجبل . وكنت الوحيد الذي نجا من هذه المجزرة .
هذه قصة من بين مئات تؤكد القتل العشوائي على الهوية الذي أرتكبته مجموعة الرئيس سلفاكير ومجموعة الدكتور رياك مشار ضد المواطنين من قبيلة النوير والدينكا .
في 14 يوليو 2011 ، أصبحت دولة جنوب السودان العضو نمرة 193 في الأمم المتحدة ، والعضو الأحدث . وعليه يجب أن تحترم دولة جنوب السودان المواثيق والأعراف الدولية ، وتسمح بأجراء تحقيق في الأحداث الماساوية التي راح ضحيتها ، سنبلة ، عشرات الالاف من المواطنين وتشرد بسببها اكثر من مليون مواطن في فترة لا تتجاوز الشهر الواحد . الأفلات من المحاسبة وبالتالي من العقاب صار السمة المميزة لدولة جنوب السودان ، سواء في القتل الجماعي العشوائي ، تجنيد الأطفال ، الإغتصابات الجماعية ، أو في الفساد المالي حيث إختلس 75 موظفاً حكومياً أكثر من 4 بليون دولار ، ولم يتم التحقيق معهم ومحاكمتهم ، رغم إن الرئيس سلفاكير قد أرسل لكل واحد منهم خطاباً يطلب فيه منه إرجاع الأموال المسروقة . فوضى الإفلات من المحاسبة والعقاب سوف تقود مستقبلاً إلى مزيد من الإنتهاكات لحقوق الأنسان وربما إلى جرائم حرب ، وجرائم ضد الإنسانية ، وجرائم إبادات جماعية .
صارت دولة جنوب السودان أشبه بالغابة ، حيث لا مرجعيات قانونية وإخلاقية تنظم التعامل بين قاطني هذه الغابة ، والغلبة في الصراع للأقوى .
ربما يفسر ذلك توسل الرئيس سلفاكير للجيش اليوغندي بالتدخل وحسم الصراع لصالحه ؛ فالمهم حصرياً هو سحق وتدمير وتصفية الخصم الوطني بأي وسيلة متاحة ، فالغاية تبرر الوسيلة كما قال ماكيفيلي في زمن غابر ، ولا أخلاق في السياسة كما قال الفيلسوف البريطاني هوبز ؟
يختم السيد ايفان مقالته بأن رئيس هيئة الأركان في جيش الحركة الشعبية قد إعترف له قائلاً :
عندما نختلف في دولة جنوب السودان ، فإننا لا نصرخ في وجه بعضنا البعض ؛ إننا نطلق الرصاص .
صارت ثقافة العنف والغاب هي الغالبة في دولة جنوب السودان .
والعياذ بالله !
هي عايرة في دولة جنوب السودان ، ويمكن لأي مجرم أن يديها سوط ، دون خوف من محاسبة أو عقاب ، فقد ذابت وتآكلت وذوت الدولة ، وصارت إلى هشيم يذروه الرياح ، بل إلى قبض الريح ؟
4- هل الرئيس سلفاكير من دينكا نقوك ( أبيي ) ؟
في ترويج على الصفحة الأولى في صحيفة أخبار اليوم ( عدد يوم الأحد 26 يناير ) ، أشارة إلى إن الرئيس سلفاكير من دينكا نقوك ( أبيي ) ؟
الرئيس سلفاكير ليس من دينكا نقوك ( ابيي) ، وإنما من فرع صغير من قبيلة دينكا واو ؛ وكذلك ليس من فرع دينكا ( ميارديت تويك ) رغم إن ميارديت في أسمه ؛ ولكن أسمه الحالي ليس أسمه الأصلي . إذن هو من فرع جد صغير من ( دينكا واو ) .
وُلد في قرية أكون ، محلية قوقريال غرب ، في ولاية شمال بحر الغزال . تعليمه النظامي لم يتجاوز الإبتدائي ، ولم يسافر إلا قليلاً .
تحدثك شمارات الخرطوم ، إنه في عام 2005 ، عندما كان في الخرطوم كنائب أول للرئيس ، وقع على مستند بمبلغ 4 مليون دولار دون أن يعرف ما وقع عليه .
في عام 2004 ، إنطلقت إشاعة قوية إن الدكتور قرنق بصدد تصفيته لأنه بدأ ينقنق ضد ديكتاتورية قرنق وحمله للحركة الشعبية في شنطته . ولكن رب ضارة نافعة . ففي مؤتمر الحركة الشعبية الشهير ( رمبيك – من 29 نوفمبر إلى 1 ديسمبر 2004 ) حدث إشتباك بين الرجلين لأن سلفاكير كان مصراً على إستمرار جوبا كعاصمة للجنوب ، في حين أراد قرنق أن يحول العاصمة إلى رامسيل في ولاية البحيرات ، معقل والقلب النابض لقبيلة الدينكا . إنتهى الإشتباك بمصالحة بين الرجلين ، وإرجاء القرار بخصوص العاصمة لما بعد إنفصال جنوب السودان .
وبعد موت الدكتور قرنق وتكوين دولة جنوب السودان ، صارت جوبا العاصمة للدولة الوليدة ، ونسي الناس مدينة رامسيل في ولاية البحيرات .