الميدان تحاور تجربته مع الشهيد محمود محمد طه ،، (السادسة)
المسيحي الكاثوليكي الذي حاور زعيم الجمهوريين وصادقه!.
يوسف جورج ،، من تراتيل الجيش المريمي إلى إنشاد الجمهوريين العرفاني!.
* في ردي على من يشيرون لنشاط المتشددين المسلمين في أوروبا أنفي نموذج الاسلام الحقيقي عنهم مؤكداً أن الأديان تحمل صفة الانسانية في المقام الأول!.
* إنسحبت تدريجياً ودون ضجيج من الكنيسة والفاتيكان اتصل بي لترتيب لقاء مع الأستاذ!.
* في فترة ساد الاعتقاد الجازم وسط الجمهوريين بعودة المسيح والبعض ربط تأهيله الأسري بهذه العودة!.
دلفت لحوار الأستاذ يوسف جورج من صالون الصديق الشاعر عاطف خيري بالعاصمة الأسترالية ،، وبحساسية ومحبة جمعت بناتاً وأولاداً، تفرعت الدردشة وامتدت حتى رمال الشاطئ الذهبي لمدينة " Surfers Paradise " السياحية، لتنتج هذه الحوارية الحميمة. كان يوسف جورج في الأصل مسيحياً كاثوليكياً قبل أن يلتقي الشهيد محمود محمد طه، ويجالسه ويحاوره طويلاً، وقبل أن يرق قلبه العامر بالمحبة الانسانية إلى الاسلام وسماحته، فيسلم وينطق بالشهادتين سراً، ويمشى بمودة مع الأستاذ ومريديه الجمهوريين في طريق الفكرة، وذلك بعد أن تخلى بسلاسة عن مواقعه ومناصبه التي كان يتبوأها في الكنيسة الكاثوليكية بالخرطوم دون عداء أو كراهية. وحول هذا يقول أنه اكتشف عوالم جديرة بالانتماء لها وبشراً جديرين بالمحبة لهم، وفي نهاية هذا الحوار المطول أودع يوسف جورج رسالة مؤثرة وجهها لجميع أؤلئك الذين ساهموا بشكل مباشر أو غير مباشر، في تصفية الأستاذ محمود جسدياً، طالباً فيها منهم مراجعة مواقفهم من الأستاذ وفكره وفرية ردته، وفي ذات الوقت طالباً لهم المغفرة والرحمة، قائلاً لهم " كيف تكفرون مسلماً درًج وأدخل مسيحياً مثلي إلى مراقي الاسلام ونطق بالشهادتين "، مؤكداً أن الدوافع كانت الأبعد عن الاسلام وسماحته، وكانت أقرب إلى الصراع السياسي المكشوف والتهافت على السلطة؟!. الجدير بالذكر أن هذه تعد أول مناسبة يعلن فيها الأستاذ يوسف جورج عن إسلامه علناً، كما تعد أول مرة ينطق فيها بالشهادتين على الملآ، وحسب وجهة نظره فقد آن الأوان لفعل ذلك، حيث شعرت أثناء حواري معه بفيض من المحبة العامرة للجميع وبلسان مبين يعبر عن إسلام شعبي مسامح ومتسامح، ولم المس منه أي عداءات سواء تجاه الكنيسة أو المتأسلمين ، سلفيين كانوا أو أي جهة أخرى، ومن الجانب الآخر أحسست بأن يوسف جورج كان أيضاً بمثابة المحاور لي لرغبته واهتمامه بمعرفة آرائي وانطباعاتي حول إفاداته التي أكرمني بها ،، فإلى الحوار:-
حاوره بأستراليا: حسن الجزولي
* إنت انضميت للجمهوريين متين؟
+ حوالي عام 1968.
* طيب أشهرت أو أعلنت إسلامك كيف ومتين؟
+ ما أعلنت ،، فقط بين الجمهوريين.
* يعني مشيت للأستاذ ورددت الشهادتين؟
+ أبداً ،، الحاجة دي كانت تطور طبيعي.
* موقف أسرتك كان شنو من الحكاية دي؟!.
+ ياتو حكاية؟!.
* إسلامك!.
+ أنا حاولت أكلمهم في السودان ،، ولمن أخطرتهم تغاضوا عن الموضوع ده كأنو ما حصل ،، كأنو ما قلتو!. واستمر هذا الوضع لحدي يومنا ده ،، وما قاعدين نتناقش في الموضوع ده ،، بل إنهم بتعاملوا معاي كأنو أنا زيهم واحد!،، يعني أختي وأخوي بتحدثوا عن إنو دي كنيستنا " يقصد كنيسة الروم الكاثوليك " ،، ويجملوني ضمن الملكية دي!. ولأخي منصب ديني في الكنيسة دي ،، ولمن يتكلموا عن الاسلام أحياناً يركزوا على ما يقوم به بعض المسلمين المتشددين في أوربا ونواحي أخرى من العالم في إيقاع الأذى بالآخرين ، فكنت أجاوبهم باقتضاب إنو ده ما نموذج وديل ما بمثلوا الدين الحقيقي للاسلام والمسلمين!. والشخص عشان يكون مسلم أو مسيحي أو يهودي فلازم يكون في المقام الأول "إنسان" !. ،، فديل إذا ما بتصرفوا تصرف إنساني فيبقى ما ليهم حق يتحدثوا باسم الاسلام مهما عملوا!.
* طيب وبالنسبة لأصدقائك المسيحيين والكنيسة اللي كنت تتبوأ فيها منصب ديني معتبر ،، الموقف كان شنو؟!.
+ أنا إنسحبت إنسحاب " Smooth" وانسحاب بدون ضجيج وبدون كلام . فيما بعد الكنيسة عرفت، إلا إنها ما أثارت معاي الموضوع ده ،، بل إنو بابا روما بالفاتيكان عين سفير من الكرادلة كتعيين سياسي، فعرف عن الأستاذ وعن علاقتي به وعرف أن الأستاذ يتحدث عن المسيح ،، وإنو أفكارو سلمية وهو يدعو للحوار والتفاهم مع المسيحيين ، وفي أفكارو مفاهيم حول عودة المسيح! ،، فاتصلوا بي عام 1971عن طريق راهبة إيطالية تجيد التحدث باللغة العربية بأن الممثل البابوي يريد تجميع معلومات عن الأستاذ محمود إضافة إلى أنها تعد بحثاً أكاديمياً عن الفكرة الجمهورية ، المهم كنا نذهب لمنزل الأستاذ بعربة ديبلوماسية تتبع لسفارة الفاتيكان ،، وأتذكر إنو شيخ أبزيد زعيم أنصار السنة - وكان يسكن في نفس شارع ومربوع منزل الأستاذ - رصد العربة الديبلوماسية اللي كانت تتردد على منزل الأستاذ ،، فكون إنطباع وبدأ يهاجم به الأستاذ محمود باعتباره صهيونياً وعميلاً لجهات خارجية وغيره من كلام واتهامات غير مؤسسة!.
أما بالنسبة لممثل البابا فقد طلب التعرف على الأستاذ ومناقشته، فدعاه لمقر السفارة بالخرطوم بحري ،، رافقت الأستاذ محمود عليه الرحمة لمقر السفارة ولا أذكر من رافقنا من الأخوات ،، ربما إبنته أسماء أو بتول مختار ،، المهم تمت المقابلة وأتذكر أنو ممثل السفارة تحدث باللغة الانجليزية وطرح أسئلة ، هنا التفت لي الأستاذ محمود طالباً الترجمة! ،، قلت ليهو يا أستاذ إنت على دراية باللغة الانجليبزية ، إلا أنو أصر على الترجمة! ،، فأصبح يتحدث بالعربي وأنا أترجم بالانجليزية والعكس ،، وأنا أعتقد أن الحوار موجود لدى الفاتيكان بس مافي شئ موجود لدى الجمهوريين !.
* إنت متأكد أنو الفاتيكان يحتفظ بالحوار ده؟.
+ في الواقع أظن ذلك ،، وما أنا متأكد منو أكتر أن الفاتيكان يحتفظ بجميع كتب وإصدارات الأستاذ محمود محمد طه!. وبالمناسبة فالفاتيكان من بين من عارض إعدام الأستاذ محمود محمد طه وحاولوا مع الحكومة والنميري ،، وطبعاً ما كان ممكن إيقاف القتل لأن ما حدث في تلك الأيام كان جنون ،، كان نميري زي الكلب السعران!.
* هل سافرت معاهو للأقاليم؟!.
+ نعم ،، سافرت معاهو ،، مرة لمؤتمر كان في رفاعة، في الحقيقة شاركت في مؤتمرات كتيرة للجمهوريين من ما إنضميت ، برضو مشيت مع الأستاذ إلى أربجي وكان الفترة ديك بكتب في كتاب "تعلموا كيف تصلون" ،، ده كان حوالي عام 1969 ،، وزرت معاهو أضرحة لأولياء صالحين من المتصوفة في مناطق الجزيرة ،، وبراي قمت برحلات لكسلا والقضارف وبورتسودان وعطبرة لزيارة الجمهوريين في المناطق دي للتعرف عليهم عن قرب ،، من بينهم كان الأستاذ عثمان محمد المصطفى " عثمان الجعلي" وهو والد الأخت إقبال وإخوتها ،، وفي الفترة ديك كان في بورتسودان وهو من الجمهوريين القياديين المعروفين هناك.
* بوجودك خارج السودان فيما بعد هل تعرفت على إخوة جمهوريين قياديين؟
+ قابلت أخ جمهوري معروف هو الأخ كرومة في أبو ظبي بعد إستشهاد الأستاذ محمود حوالي عام 1989.
* هل بتتذكر محكمة الردة الأولى للأستاذ عام 1968؟
+ أنا جيت للجمهوريين بعد المحاكمة دي مباشرة بس قريت كتير من الكتب والبيانات اللي صدرت للجمهوريين حول الموضوع ده.
* في بدايات تعرفك على الأستاذ والجمهوريين هل لمست أو لاحظت تهافت منهم للتقرب ليك وبالتالي تجنيدك في تنظيمهم؟!.
+ هل تصدق إنو ما كان في حاجة زي دي ولا عندي إحساس ولو بسيط بخصوص الموضوع ده؟ ولا حتى بالنسبة للأستاذ زاتو. الناس ديل خلوني على سجيتي زي ما بقولو ،، ما كان في تهافت !.
* .........!
+ أنا كنت بطرح ليهم بعض الأفكار حول المسيحية كتحدي ،، بالذات للمجموعة الجامعية ،، مثلاً في الكنيسة كان في كلام كتير عن القيادة ، لأنو الكنيسة في الوكت داك كانت بتواجه مفاهيم جديدة حول القيادة ،، فطرحت ليهم موضوع القيادة كمفهوم عند الكنيسة ، فتم تناول الموضوع في وحدة الجمهوريين بالجامعة ، وتطورت المناقشة على المستوى الأكبر بعد أن شارك الأستاذ محمود بنفسه وأدلى بدلوه في الموضوع! .
* مما يعني إنك كنت متفاعل معاهم فكرياً من خلال مواقفك الكنسية السابقة ؟!.
+ نعم بالضبط وما شعرت بأي تعارض في بعض المفاهيم خاصة الجديدة!.
* هل ساهمت تنظيمياً في أنشطة الجمهوريين ،، أركان النقاش في الجامعة وخارج الجامعة ،، توزيع الكتب ،، رحلات جماعية وخلافه؟!.
+ وزعت كتب وشاركت في أنشطة ،، بس ده ما كان موضوعي .
* بمعايشتك للجمهوريين والجمهوريات تحديداً ما لاحظت جمهورية معينة مثلاً لفتت إنتباهك بشكل أو آخر ،، تعلقت بيها أو أبدت إعجاب بيك وإنت في فترة الصبا والشباب في تلك الفترة؟!.
+ بالعكس ما تمت حاجة زي دي رغم إنو علاقتي بالجمهوريات كانت مفتوحة وفي أوساط الجمهوريات بنات جميلات ومرغوبات كزوجات ورفيقات ،، علاقتي معاهم كانت في إطار إنو أخوات بمعنى الكلمة ،، يعني شعرت بمسؤولية أجتماعية نحوهن ،، في محبة أخوية وتبادل إحترام وتقدير ،، بعدين لاحظ أنا لمن غادرت السودان لسع كنت بهيئ في نفسي ،، في مرحلة تأهيل لنفسي ،، والعقل لسع ما نضج ولا أستقريت إجتماعياً ولا وظيفياً ،، وفي الوكت داك كلنا كنا بنتكلم عن عودة المسيح ،، أنحنا ما كنا بنتكلم عن الزواج ،، مطلقاً!.
* إنتو منو؟!.
+ الجمهوريين! .
* والمفهوم ده جاي من وين بالضبط ، وهل دي فلسفة وأفكار الكنيسة برضو أم الجمهوريين وحدهم؟
+ أبداً ،، الجمهوريين فقط ،، لأنهم كانوا في مرحلة إنتظار المسيح! والكلام ده كان في مرحلة معينة والموضوع ده إتغير بعدين والناس إتزوجو وأنجبو وكده!. بس المفهوم كان سائد في فترة ،، وأنهم في انتظار المسيح لحدي يوم العرس!.
* المفهوم ده أصلاً جاي من وين ،، غرسو فيهم الأستاذ؟
+ لا ،، أبداً ،، المفهوم ده تطور كده على مستوى بعض الأفراد وقناعاتهم ،، أنا مثلاً ما طرحو ليا زول بس أنا قبلتو كده!.وهناك ملاحظة في الموضوع ده ،، تجد بعض مجموعات قيادية للجمهوريين ولهم مكانتهم واحترامهم وسط المجتمع بشكل عام ، مش بس وسط الجمهوريين ،، تلقاهم بحملو آراء تتعلق بموقف من الزواج!.
elgizuli@hotmail.com