حوار مع مسؤول قطاع العلاقات الخارجية بالمؤتمر الوطني:-

 


 

 




هل تفرض دول الخليج حصاراً اقتصادياً على السودان؟

لماذا ردت الإمارات شحنة الذهب؟

هل سيتخذ السودان موقفاً مضاداً للمعسكر الإماراتي السعودي المصري؟

ماهي السيناريوهات المتوقعة؟

حوار: ضياء الدين بلال
diaabilalr@gmail.com
تصوير: احمد طلب

نعم، الأمر يستحق إيجاد إجابات على أسئلة ضرورية وملحة متعلقة بعلاقتنا ببعض الدول العربية، من الواضح وجود توتر مكتوم بين الخرطوم وتلك العواصم، ذهبنا الى الدكتور الدرديري محمد أحمد أمين قطاع العلاقات الخارجية بالمؤتمر الوطني وأحد الفاعلين في صناعة أجندة العلاقات الخارجية، وهو رجل قانوني ودبلوماسي متميز في تفكيره وأدائه، يستمع باهتمام ويرد بثبات ووضوح مع براعة في التعبير تمنع لسانه من الانزلاق الى ما لا يريد قوله. فإلى مضابط الحوار:
دكتور الدريري..هل اطلعت على صحف اليوم؟
صمت فترة
ثم قال: نعم.
يوجد خبر عن إرجاع دولة الإمارات شحنة من الذهب الى السودان ؟ لا شك أن هنالك ما يقتضي أن نعيره اهتمامنا فيما يتعلق بعلاقات السودان بدول المنطقة ودول الخليج.
ليس هنالك من سبب لأزمة ولكن بالتأكيد هنالك ما يمكن أن نسميه بعض التقاطعات وبعض المسائل التي تحتاج لتوضيح من مختلف الأطراف والى جهود لإزالتها حتى تعود المياه الى مجاريها.
أيضا لا ينبغي أن يحمل كل ما يحدث في المسائل التجارية والاقتصادية محملا سياسياً وفي كثير من هذه الأمور قابلة للتفسيرات الاقتصادية والمرتبطة بالعمليات التجارية.
على أقل تقدير على المستوى الرسمي على مستوى العلاقات بين السودان ودول الخليج لم يتم تلقي أي شارة رسمية بأن هنالك أزمة ولم يستدع أحد سفرائنا في تلك المنطقة ولم يتم إرسال أي رسائل على مستوى قيادي بين هذه الدول.
هل يمكن أن نقول إن ما يحدث رسائل غير مباشرة؟ الأزمات لا تعلن برسائل غير مباشرة والأزمة من ناحية دبلوماسية تتيح مجالا يجوز فيه الحديث المباشر الذي لا يكون متاحاً في الأوضاع العادية ولذلك الأزمات لا تدار برسائل غير مباشرة.
يمكن أن تكون الخطوات الاقتصادية رسائل ابتدائية قبل الرسائل الرسمية التي قد تكون في الطريق؟ في أحيان كثيرة يحدث توتر ويمكن أن يفضي في النهاية الى خطوات أكثر شدة ولكن ما يحدث لنا مؤشرات نضعها بالاعتبار أنها يمكن أن تقود بالفعل الى ماهو أكثر وضوحا ونعمل على معالجتها.
هل هذا يعني أنكم تنتظرون هذه التداعيات الى أن تصل الى هذه النقطة؟ كلا، هناك مساعٍ تبذل على مختلف الأصعدة لتوقي الأسوأ، ونعمل على توضيح موقفنا على مايحدث في كامل المسائل مع مختلف الدول الصديقة والقريبة.
لماذا لا نبحث عن الأجود أكثر من البحث عن تدارك الأسوأ؟ رد بحزم:
ماذا تعني؟!
أعني تقديم مبادرات استباقية لتطمين تلك الدول؟ هنالك الكثير مما يمكن أن نسميه خطوات استباقية قمنا بها لمنع وصول العلاقات الى مرحلة الأزمة الرسمية.
طيب قضية وقف التعامل مع المصارف السودانية هل هي رسالة سياسية؟ بالنسبة لنا حتى الآن ليست هنالك رسائل سياسية موجهة بغرض نقل العلاقة بين البلدين الي مستوى جديد.
هل هذه طريقة جديدة لمعاقبة النظام ابتدرتها الإدارة الأمريكية أم أنها خطوات متعلقة بالمنطقة فقط؟ ما يحدث مرتبط بالمنطقة والمستجدات التي تجري فيها ومحاولة تموضع مختلف القوى السياسية بعد الأحداث التي دارت في مصر.
إذاً مصر حاضرة في تلك الخطوات؟
بالتأكيد بالنسبة لنا أهم دولة تظل هي مصر وماحدث في مصر ربما رتب لبداية استقطاب داخل الإقليم بأكمله، ومدعاة لاتخاذ مواقف جديدة في المنطقة من بعض الدول.
هل هو قريب من الاستقطاب الذي جاء مع حرب الخليج الأولى؟ لا أتصور أن هذا صحيح وإنما يجب أن يتم القياس مع الفارق. في حرب العراق اتخذت الدول مواقف مضادة لبعضها، وما يحدث الآن ليس بموجب موقف اتخذته حكومة السودان تجاه مصر. السودان ليس متهماً بمعارضة النظام القائم في مصر الآن. وليس متهماً بدعم أو مساندة الإخوان المسلمين في مصر.
كل ما يثار أن حكومة السودان ذات توجه إسلامي متطابق مع التوجه الذي كان سائدا في مصر قبل هذا التحول، بجانب أنه يتطابق مع التوجه الإسلامي الذي ساد معظم دول الربيع العربي بعد نجاح ثوراتها.
ولذلك يتم التعامل مع حالة محددة في المنطقة فيها ماهو جديد بسبب الربيع الإسلامي وقديم مثل ما كان الحال في السودان وهذا الوضع يختلف عما كان أثناء حرب الخليج حيث اتخذت الدول العربية موقفاً مع أو ضد.
السودان التزم الحياد في ذلك الوقت ولم يسلم من العقاب؟ بالتأكيد في ذلك الحين كان بالنسبة للدول المعنية أن الموقف المحايد هو الموقف المضاد.
إذاً ذات الشبه قائم، هنالك الآن حالة استقطاب قطري سعودي والسودان يتخذ موقف الحياد ولكن بذات المقياس القديم السودان يتهم بأنه يتخذ موقفاً مضاداً للمعسكر الإماراتي السعودي المصري؟ نحن منذ وقت طويل التزمنا الحياد تجاه قضايا الآخرين وفيما يتعلق بالعلاقات القطرية السعودية كما أعلن رئيس الجمهورية في حديثه مع عدد من قادة دول الخليج منهم أمير دولة الكويت أننا نتمنى لمجلس التعاون الخليجي كل خير وأن يتجاوز محنته الحالية ومن ثَمَّ هذه هي السياسة المعلنة.
أنا أتحدث معك عن أن هذا الحياد سيفسر بذات الطريقة القديمة؟ لا أتصور أن هذا يعد من أسباب المشكلات الحالية ولا تطمع السعودية والإمارات لموقف سوداني معادٍ لقطر ولا تطمع قطر في موقف سوداني معادٍ للدولتين.
سؤال مباشر دكتور الدرديري. هل نواجه حصاراً اقتصادياً من قبل دول الخليج؟ لا، هذا ليس بصحيح، نحن لدينا مشكلات مع دول محددة في المنطقة نعمل على معالجتها وأخذت شكلاً اقتصادياً وهنالك الكثير من العلاقات الاقتصادية والكثير من رجال الأعمال الكبار لتلك الدول يدخلون في مشروعات جديدة وهنالك مشروعات قيد الدراسة ولذلك الحديث عن حصار اقتصادي من هذه الدول على السودان غير صحيح تماماً.
طيب، هل هنالك عزلة دبلوماسية مفروضة على السودان؟ ليس صحيحاً، العلاقات الدبلوماسية مع هذه الدول ما تزال كما كانت منذ سنوات.
علاقات المؤتمر الوطني مع الحركات الإسلامية الإقليمية هل هي قيد المراجعة؟ علاقة المؤتمر الوطني مع الحركات الإسلامية ظلت تتم تحت الشمس وضوء النهار ومن ثم ليس هنالك سبب يستدعي المراجعة ولم نسمع أن هذا الأمر يشكل شاغلا لتلك الدول بالمنطقة.
هل هنالك احتمال أن يترتب على الضغوط التي تمارس على السودان قطع علاقتكم بالحركات الإسلامية؟ ليس هذا وارداً مطلقا وليس لدينا علاقات سرية وعلاقتنا مع كل الأحزاب والقوى السياسية بالمنطقة هي علاقات معلنة، ليس فيها ما يهدد مصالح الآخرين.
هل هي قابلة للمراجعة؟
ليس هنالك ما يستدعي المراجعة في هذه العلاقات طالما أنها لا تسيء لطرف.
التطور الجديد؛ توصيف الإخوان المسلمين من قبل السعودية بأنهم جماعة إرهابية؟
-باقتضاب-
هذا توصيف يخص المملكة العربية السعودية.
ماهو المطلوب لتجاوز هذا الوضع القائم في العلاقة مع بعض دول الخليج؟ المطلوب أن نسعى داخليا لأن نؤكد على عزمنا في المضي قدما في الحوار الداخلي وتأكيد وحدة الصف السوداني، وأن السودان مقبل على إدارة كل شئونه وفق ما تقرر مؤخرا لفتح الحوار والحريات واستعداد للانتخابات المقبلة وهذه وصفة معالجة شئوننا الداخلية والخارجية في وقت واحد.
هل جزء من التوتر الخارجي متعلق بأوضاعنا الداخلية؟ هو بالتأكيد توتر يتعلق بتوجهنا وهو مرتبط بشئوننا الداخلية ولم يوجه لنا أحد اتهاماً لما نقوم به على المستوى الدولي.
هل هنالك أي احتمال بأن تستفيد الحركات المسلحة او الأحزاب المعارضة من هذا الاستقطاب الذي بدأ يظهر وأن تستثمر للحصول على دعم وسند من المحور الجديد؟ حتى الآن لا يوجد لدينا اتهام لأي من دول المنطقة بدعم الحركات المسلحة.
التحفظ على وجود المعارضين في مصر هل هو خوف من استغلالهم لأعمال عدائية ضد السودان؟ بالتأكيد نحن نتحفظ على المعارضين المسلحين في أي دولة من دول الجوار؛ في يوغندا أو أي دولة أخرى.
هل جزء من التوترات القائمة الآن لها علاقة بسد النهضة؟ بالتأكيد محتاجون لمزيد من التفاهم مع مصر لتكوين رؤية مشتركة في قضية سد النهضة وعلى مستوى وزراء الخارجية تم التفاهم في هذا الأمر والتنسيق وتوحيد المواقف ولا توجد أزمة في هذا الملف ولكن نعترف بضرورة قيام مزيد من التنسيق وتوحيد الرؤى في هذا الملف.
قضية حلايب تعتبر أزمة أم عرض؟
هذه القضية ظلت تمثل قنبلة موقوتة تفجر من فترة الى أخرى لتعكير العلاقة بين السودان ومصر ونحن لدينا موقف معلن بشأن هذه المسألة وهنالك نزاع بين البلدين في هذه المنطقة ويجب أن يتم تسويته بالطرق الودية.
قيل إن علاقتنا الخارجية بها من الغموض ما يقلق أطرافاً عديدة؟ العكس. نحن صرنا كتاباً مفتوحاً منذ فترة بعيدة وليس لدينا أي أجندة سرية في تعاطينا الدولي، ولا يوجد ما يقلق الجهات الدولية.
ماهي السيناريوهات المتوقعة نتيجة هذه الأزمة؟ أسوأ السيناريوهات تباعد المسافات بين الأشقاء وعدم إتاحة الفرصة لسماع وجهات النظر وانقطاع السبل وقنوات الحوار.
نحن جميعا نعيش في وسط جغرافي واقتصادي وبشري وثقافي متصل لذلك يصعب جدا توقع إجراءات عقابية. بالتأكيد أول من يتضرر منها هو من يتخذها.
أفضل الخيارات المتاحة؟
أن نمضي قدما في تعزيز الثقة مع هذه الدول أو نمضي قدما في حوارنا الداخلي وأن مصلحة السودان من مصلحة أشقائه وأن السودان لاعلاقة له بما يحدث في دول المنطقة من تغيرات وهو لا يرجو لها إلا الخير وأن تتمكن من تجاوز صعوباتها الداخلية وأنه يربأ بنفسه عن التدخل في سياساتها الداخلية.

 

آراء