اصل الحكاية
صار من السهولة بمكان أن تصنع مجتمعا مزيفا في السودان ، وتكذب وتصدق من خلال الكذبة أنك تعيش واقعا حقيقيا ، ويبقي جمال الوالي رئيس مجلس إدارة نادي المريخ من صناع هذه المجتمعات ، والكارثة أن الرجل نجح في وضع بعض من يصنفون أنفسهم في خانة المستنيرين داخل هذا المجتمع المزيف ، أقول بعض لأن كثيرين يتمتعون بقدرة عالية علي القراءة للواقع من كل الزوايا ، فلايحولهم الانتماء لنادي المريخ إلي سابحين مع التيار يصدقون كمثال أن المريخ يعيش أفضل حالاته ، وأن الفوز ببطولة سيكافا إنجاز تاريخي ، يستحق أن تقوم له البلاد ولا تقعد ، هؤلاء قادرون علي التمييز بين الفرح الكاذب والفرح الحقيقي .
واحدة من الملاحظات في هذا المجتمع المزيف الذي يديره جمال الوالي ، ردود الافعال المضحكة التي صاحبت فوز الفريق بالبطولة المتواضعة فنيا وإداريا (سيكافا) ، أول شيء لفت إنتباهي في هذا الزيف السقوط المدوي لقناة النيل الازرق ، وهي تؤكد بأنها لم تعد القناة المحترمة التي تجد التقدير من مشاهدها، كما كان في السابق فشاهدنا كيف غيرت القناة برامجها ، وفتحتها لإحتفالات نادي المريخ بالبطولة المذكورة ، ولا أدري ماذا أقول لأن ما شاهدناه كان عنوانه العريض الابتذال ، ستوديو أشبه بالشارع يظهر فجأة الفنان طلال حلفا ، يقدم أغنية ثم ينتظر قليلا ويغادر مكانه الي أين لا احد يعرف ، ثم يظهر الامين البنا ، أما حرم النور فكان حكاية وهي تغني (سيكافا العروبة) ، ولم أفهم ماهي علاقة سيكافا بالعروبة؟، أحاديث ممجوجة مع بقية الضيوف ، جزء لا يتجزاء من حركة الزيف التي يقودها الرجل ويشرك فيها مثل هذه القناة التي عكست صورة قبيحة لتعاملنا مع القنوات الفضائية ، بأنها متاحة لكل صاحب نفوذ يمكن تغير من أجل إرضاءه خارطة يوم برامجي كامل . الغريب أن القناة المحسوبة علي الحزب الحاكم (الشروق) ، كانت أكثر مهنية من النيل الازرق ، وهي لاتتجاوز في تعاطيها مع الحدث الخبر العادي ، لأن الحدث بالفعل أكثر من عادي .
أفهم أن يأتي هذا السلوك من بعض القيادات الصحفية ، والكتاب ، وأفهم أن يأتي مثل هذا السلوك من إداريين ، وأفهم أن يصدر عن قادة الاتحاد العام الذي يؤكدون مع مطلع كل صباح أنهم مجرد منفذون لطلبات الرجل ، أفهم يخرج من مشجع عادي أي بطولة عنده تعتبر إنجاز ، حتي ولو كانت بطولة سيكافا فهؤلاء جميعا يدخلون ضمن منظومة المجتمع المزيف الذي يكذب الكذبه ويصدقها .
ولكن لا أفهم أن تسقط قناة مثل النيل الازرق هذا السقوط المدوي ، في إمتحان المهنية ، فهي ليست قناة رياضية متخصصة ، وحتي لو كانت قناة أو إذاعة رياضية فالقنوات الرياضية ، تجاوزت مرحلة الابتذال في الفرح ، وتجاوزت مرحلة التحريض لجذب الجمهور للمباريات ، فهذا الامر إرتبط بالقنوات والاذاعات الفارغة ، العاجزة عن إنتاج برامج مهنية تتناول النشاط والبطولات والانتصارات بحرفية عالية ، بعيدا عن الضحالة التي شاهدناها أمس الاول علي قناة المنوعات النيل الازرق ، التي تحولت إلي طبلة من الطبول التي تضرب لترسخ لمجتمع جمال الوالي المزيف .
أواصل
hassanfaroog@gmail.com
//////