شماعة الداخل وشماعة الخارج !!

 


 

مكي المغربي
12 January, 2015

 

لا بد من بعض التعريفات قبل إعتماد المصطلح رسميا، نعم صحيح موضوع "شماعة الخارج"، قديم ومطروح، ولكن موضوع "شماعة الداخل" جديد وأستطيع الإدعاء بأنني أول من طرحه ودعا للنظر المتأني والعميق قبل الإنزلاق في التبرير الاعمى لأحدى "الشماعتين"!
شماعة الخارج قد أشبعها الناس بحثا وتقصيا، وهي الإدعاء بأننا في الداخل "عشرة على عشرة" وكل مشاكلنا مؤامرات أجنبية تستهدف الوطن وثوابته ومكتسباته وهويته وإستقلاله وهلمجرا.!
بسبب التطرف في الترويج والتسويق لشماعة الخارج، ظهرت مجموعة من المثقفين - في شكل ردة فعل أو فعل أصيل وسابق -  تتهم الداخل وتبريء الخارج وتمجده وتدعى أنه الأب الحنون والأم الرؤوم ضد المستبدين في الداخل، الرؤساء والحكام الذي يلاحقهم الخارج المؤمن بحقوق الإنسان لأنهم مجرمين وليس لأنه يطمع في إستعمار الشعوب واستلاب ثرواتها كما يقول أهل شماعة الخارج "السذج والسطحيين"، هذه النخبة المؤمنة بشماعة الداخل ترى أن كل مشاكلنا داخلية المنشأ والتكوين وأن مؤامرات الخارج لو لم تجد ثغرات في الداخل لما تسللت ولذلك لا يوجد أي أثر للخارج وهو مجرد شماعة وهمية  ... المصيبة الكبرى في الداخل وليس في أي مكان آخر. ومن هنا يرفضون مجرد تنوير الناس بمؤامرات الخارج ومخططاته، بل ويرفضون التعبئة ضد المعسكر الغربي ويتطرف بعضهم فيرفض التعبئة ضد اسرائيل ويتحدث عن ديموقراطية وإنسانية  وعدالة إسرائيل أو على أقل تقدير يتهم مناهضي إسرائيل بافتعال معارك إنصرافية للتعمية عن "عيوب الداخل"..!
ما بين شماعة الداخل وشماعة الخارج، ضاعت الحقيقة، وافتقدنا الجهد الفكري الضروري للتمييز بين التطرف لهذه الشماعة أو تلك، افتقدنا الموقف المتوازن المدروس والذي يتمتع بحصانة من التوظيف والإستغلال السيء من هنا أو من هناك..!
نحتاج جدا لهذا الموقف لأنه يمكن - مثلا -  أن يستغل "اللصوص" شماعة الخارج ويصيبوا من الثراء الفاحش والحرام ويطالبوننا بالصمت والتستر عليهم لأن نشر فضائحهم يؤدي إلى تصنيف الدولة بأنها فاسدة في الوقت الذي تنشط فيه "دوائر صهوينية وصليبية حقودة ومغرضة" لقهرنا وتخريب إقتصادنا ... مثال عجيب ومحير ... أليس كذلك ولكنه بكل أسف واقعي نوعا ما ...!
نحتاج جدا لهذا الموقف المتوازن المدروس والمفحوص بعد جلسات عصف ذهني وتدبر وإستشارات خاصة وعامة، لأن لصوص الخارج أيضا بمقدورهم - مثلا - توظيف شماعة الداخل وتعبئة النخب والمثقفين ضد التيار الوطني الناهض والمنافح عن إستقلال الداخل ... بمقدورهم إخراس وإسكات الحس الوطني وإصابة الشعوب بالغيبوبة الحضارية، وبمقدروهم تمجيد الخارج واعتبارة العمالة له "عملا شريفا" و "رزقا حسنا"!
makkimag@gmail.com
//////

 

آراء