الزهاوي .. والرحيل الزاهي ..!

 


 

مكي المغربي
23 February, 2015

 


....................
من الرموز السياسية السودانية هنالك من يشكل رحيله موجة من الحزن، وهنالك من يشكل رحيله موسما من الوطنية وهنالك من يشكل رحيله فرصة للتوافق الوطني لأنه كان رمزا يجسد ذلك، وهنالك مشاعر مختلفة تشبه ما ذكرناه في هذه العجالة ... مشاعر صادقة تشكل لحظات رحيل الرموز السودانية السياسية والإجتماعية والثقافية.
هل تذكرون رحيل عمر نورالدائم؟ّ هل تذكرون رحيل عبد الله بدري؟! هل تذكرون رحيل محمد الأزهري؟! هل تذكرون رحيل الشريف زين العابدين الهندي؟! هل تذكرون رحيل محمد ابراهيم نقد؟! هل تذكرون رحيل محمد وردي؟! هل تذكرون وهل تذكرون؟!
كلهم على اختلاف قاماتهم وتاريخهم الوطني ... رحيلهم كان رحيلا ذا معنى ومغزى ... والإجتماع في العزاء كان له ثمرات في التفكير والتأمل في مصير الوطن؟!
رحيل الزهاوي كان زاهيا مثله، نعاه الجميع بذات الصفات، لم يختلفوا حوله في حياته ولا في مماته، جميعهم أكد على أنه رجل خلوق عفيف اللسان لا يبحث عن العداوات ولا يخزن المرارات ... معتدل في عبارته ومواقفه، يحالف بصدق ويعارض بهدوء ... حتى أنشقاقه تشعر أنه فعل سياسي منزوع من أي شقاق اجتماعي أو وقيعة شخصية.
رجل لا تعرفه مجالس النميمة ولا تعرفه المعارك الإنصرافية .... حتى الممارسات السياسية المطلوبة ضمن "اللعبة" يأخذ منها بمقدار الضرورة فقط لا غير.
رجل ذو لغة ومقدرة على الخطابة الرصينة، ومخارج واضحة للحروف ونطق سليم وإعراب جيد، وقبل كل ذلك لهجة صادقة ونبرة قوية وأخاذة.
جمعتني بالراحل بوصفه وزيرا للإعلام جلسات ليست كثيرة ولكنها كانت في لحظات عاصفة إبان عملنا في إتحاد الصحفيين، وبالتحديد في لحظات فرض الرقابة القبلية على الصحف وفي لحظات رفعها، أو ما يشابه ذلك من شد وجذب بين الصحفيين والسلطات، وكنت دائما أوائل الحضور في الإجتماعات وآخر الناس انصرافا، يستمع الرجل بانصات وأدب لكل أنواع الحديث ... مزايدات ... بطولات ... تهديدات ... كل شيء ويدير الإجتماع دون انفعال ودون انجرار إلى ما يريده أي طرف ... ثم يختم .... ويخرج الحضور ... مختلفون كما دخلوا ... ولكن مسافتهم من الزهاوي واحدة ... وصورته زاهية ..!
.................

makkimag@gmail.com

 

آراء