مقاطعة الانتخابات لا تمنع فوز البشير .. فما هي الخطوات القادمة للمعارضة؟ . بقلم: عبدالغني بريش فيوف

 


 

 



بسم الله الرحمن الرحيم
مقاطعة الانتخابات القادمة في السودان لا تمنع فوز البشير، فما هي الخطوات القادمة للمعارضة؟بقلم: عبدالغني بريش فيوف
كانت الإنتخابات البرلمانية والرئاسية التي جرت في السودان عام 2010 ، مضروبة ومزورة 100% بشهادة المنظمات الدولية والإتحاد الأفريقي والجامعة العربية ، لكن رغم هذا التزوير المفضح والمخجل ، اعترف المجتمع الدولي وكذا الإتحاد الأفريقي وجامعة العِربان بالديكتاتور السوداني رئيساً على السودان وبحزب المؤتمر الوطني كحزب الأغلبية في البرلمان الجديد ، ولم تتخذ القوى السياسية السودانية المعارضة التي كانت تتشكك بنزاهة تلك الإنتخابات حتى قبل أن تبدأ ، الإجراءات اللأزمة لإلغاءها ، بل قبلت بالتزوير كأمر واقع .
ها نحن مجدداً اليوم أمام نفس المهزلة التي تكرر نفسها ..وبدل أن تتجاهل القوى السياسية المعارضة دعوات النظام التي تطالبها بخوض تلك التمثيلية ...فإنها –أي المعارضة لم تتفق على موقف واحد لمواجهة هذه التطورات السياسية ، بل أن حملة المقاطعة التي أطلقتها مؤخراً تصب لصالح نظام الخرطوم من خلال الإهتمام بهذه الإنتخابات التي يعرفون نتائجها مسبقاً .
نعم -كان المنطق يقتضي أن تتجاهل الأحزاب المعارضة نهائياً العملية العبثية التي يعتزم النظام إجراؤها في شهر أبريل القادم تحت عنوان " الإنتخابات البرلمانية والرئاسية " ، أما وقد أطلقت المعارضة حملة مقاطعتها ، فهي بهذا يعطى مبرراً للنظام ليقول أن دعوات المعارضة لمقاطعة الإنتخابات سببها الحقيقي هو عدم قدرتها على حشد الشارع لصالحها ..فهل تستطيع المعارضة الرد عملياً على ادعاء الخرطوم ؟ .
يؤسفني أن أقول أنه لا جديد فى خطة المعارضة لإحداث تغيير حقيقي في السودان ، بل التخبط هو سيد الموقف وكأن المطلوب أن يحكم هذا النظام السودان لأبد ، عله يلهى السودانيين عن كوارث أخرى تأتي وتمر ، فى مقدمتها الإنتخابات المخجوجة في الشهر القادم ، والتى تعيد إلى الأذهان ذكريات انتخابات عام 2010 التى جاءت أشبه بمباراة مشفرة يلاعب فيها حزب المؤتمر الوطنى نفسه ، ويتفوق على ذاته ، بمشاركة أحزاب كرتونية تسمى نفسها بالمعارضة ، وأحزاب تقليدية طائفية ارتضت لنفسها دور الكومبارس.
إن ضمان نجاح أى عملية ديمقراطية نزيهة وشفافة لابد أن تقوم على قواعد ومبادئ واضحة ومستقيمة وعادلة معروفة في الدول الحرة ، ودون ذلك سيكون الإنحراف والتعثر والتزوير والتزييف هو النتيجة الحتمية ، الأمر الذي يجعلنا نتساءل ...ما الذي يجبر أحزاب والقوى السياسية إذا كانت معنية بالتغيير الحقيقي الحديث عن انتخابات نتائجها معروفة منذ الآن... لماذا الاستمرار فى هذا العبث الانتخابي ؟.
لقد حاول النظام شغل المعارضة بمثل هذه الانتخابات العبثية ، ويبدو حتى الآن أن المعارضة التي تدعي السلمية في معارضتها للنطام قد وقعت في هذا الفخ ولم تستطع تفويت الفرصة عليه من خلال التصعيد السياسي كالعصيان المدني والتظاهرات الشعبية المتواصلة حتى تحقيق أهدافها ، بل ضلّ طريقها ولا تعرف كيف تسقط البشير ونظامه . 
للحالمين بذهاب البشير ونظامه بالوسائل السلمية ، وكذا السادرين في أتون تخيل إصلاح هذا النظام نقول : إنهم واهمون حقيقة لعدم درايتهم بالنسق السياسي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم ، أو متغافلون عن شراسة تمسك البشير بالسلطة. لذا نقول ان الوسيلة الوحيدة لإحداث التغيير المنشود من قبل السودانيين في ظل تعنت النظام ، هي استخدام القوة وإلآ سيحكم البشير السودان مدى الحياة . 
إن الإنتخابات التي يسوقها الحزب الحاكم للسودانيين إنما هي كذب حقيقي وضحك على المجتمع الدولي والإتحاد الأفريقي المسئول عن ملف السودان . فهذه الإنتخابات لم ولن تكن نزيهة وشفافة أبداً، كما أن حملة المقاطعة التي أطلقتها ما تسمى بالمعارضة السلمية سوف لم تغير شيئاً لأن فوز البشير فيها بنتيجة 98% حتمي حتى لو لم يذهب سوداني واحد إلى صناديق الإقتراع .النتيجة محسومة وهذا الأمر لا يحتاج لدليل واثبات.
النظام السوداني خبير في تزوير الإنتخابات حتى لو جاءت كل المنظمات الإقليمية والدولية والعالمية لتشارك في عملية المراقبة .المعارضة السياسية (أحزاب الإجماع الوطني والأمة) تعرف هذا الأمر جيداً لكنها لم تتمكن من وضع خطة متفق عليها في كيفية اسقاط النظام ، الشيء الذي شجع النظام على القول بأن المعارضة لا وجود لها في الشارع السوداني وقد يكون محقاً في ذلك .
قاطعت المعارضة ، الإنتخابات القادمة أو لم تقاطعها ، صوت الناس أم لم يصوتوا .. ففوز البشير وحزبه محقق .والسؤال هو : ماذا ستفعل المعارضة السياسية التي ترفض العمل المسلح وتنادي بالتغيير السلمي للنظام ؟ هل ستقرر رفع السلاح والإنضمام للحركات المسلحة في حال فوز البشير وحزبه ..أم ستستمر في معارضتها له من القاهرة وأديس ابابا ولندن وبرازيليا حتى يقبض الشيطان الرجيم روح البشير ؟.
والسلام عليكم...

bresh2@msn.com

 

آراء