تحية ونقد للخطوط المغربية ..!
6 مايو 2015
........
باديء ذي بدء قبل إنتقاد مطار كازابلانكا والخطوط الملكية المغربية لا بد من الإشادة بالأوجه الإيجابية من حيث المواعيد والأداء و الطائرات وكل شيء، يمكنني بكل صراحة أن أمنحهم عشرة على عشرة في هذا الجانب، ولكن لا بد من تسليط الضوء على أوجه سلبية في المطار وفي التخطيط التجاري للخطوط والمطار معا، وغني عن القول أن موضوع الفصل بين الخطوط الوطنية و المطار الوطني مجرد أسطورة، كلا المؤسستين في بوتقة واحدة تتقاسمان النجاح والمخاطر، وتتحمل مسئوليتهما سلطات واحدة.
إنني أعتقد في التراكم العشوائي وغير المنظم للمسافرين "العابرين" عبر الخطوط المغربية ومطار كازابلانكا مهددا أمنيا واضحا، والقوم يحتاجون لنصيحة في هذا الأمر، فالرغبة في تحقيق أكبر مقدار من الربح التجاري لأنهم يمتلكون شبكة خطوط تغطي بعضا من غرب ووسط أفريقيا، وهنالك خطوط أخرى تعتمد عليهم، تجعلهم يفتحون مطارهم لأغرب أنواع الترانزيت في العالم، تظل بسببه عالقا في ممرات خارجية بائسة جدا، وتتسول فرصة للصعود لصالات الترانزيت العامة لتشتري جرعة ماء على حسابك الخاص، ولا يقدمون لك أي شيء باعتبار أنك قادم عبر خطوط أخرى وليس "الملكية المغربية"، وهم أصلا قد حرروا تذكرتهم بناء على القدوم من جهة أخرى ولولا ذلك لما حملتك الخطوط الأخرى إلى الدار البيضاء من الأساس.
في هذه المنطقة، ما قبل "التفتيش والترانزيت!"، وهنا تكمن الخطورة، التقيت شابة يجب إعادتها إلى غينيا بيساو، بقيت لمدة يومين، في منطقة باردة وظلت تشتكي من البرد وتسعل وعيناها محمرتان دون اهتمام من سلطات المطار، وحتى نحن عندما قرروا الإبقاء علينا في ذات الممر قيل لنا كونوا مستعدين إذا جاء موظفو الخطوط الأخرى لأنهم إذا أصدروا تذاكر العبور "البوردينق" ولم يجدوكم سيذهبون، وعندها ستنتظرون الرحلة المقبلة! أين سننتظرها؟ في ممر و"برندة"، يوم كامل؟ نعم، والرد جاهز، وهو أنك ذاهب عبر خطوط أخرى، ولا علاقة لك بصالات الترانزيت، مع أنهم يعلمون أن كل الخطوط التي لا تذهب للوجهات الغرب أفريقية تربط نفسها بالملكية المغربية ومطار كازابلانكا، وهو مصدر الدخل المالي الوفير للمغربية، بمعنى أن هؤلاء السادة مجهولو الهوية العالقون في "البرندة" مصدر ربح وعافية للشركة، ولكنهم لا يستحقون ولا جرعة ماء مقابل هذا، فالمقصف الموجود في البرندة عبارة عن طبلية فيها قطعتين شوكولا، وثلاجة معطلة ومغلقة بالطبلة والبائع غير موجود، أعتقد أن المغضوب عليهم يشربون من الحمامات وهذا الأمر فيه مهدد صحي وأمني واضح ويعرض سلامة المسافرين للخطر، ﻷن وجود أفواج من المتذمرين والساخطين في رأس كل ساعة يؤدي حتما إلى مشكلة كبيرة يوما ما، ﻷنك لا تدري ما هي الخلفيات الحقيقية لهؤلاء المتذمرين، هل هم سواح وخبراء ذاهبون لمؤتمرات أم هم "شخصيات أخرى!"، لاحظ أن كل هذا الضجيج في مرحلة ما قبل العبور وما قبل التفتيش وما قبل حتى معرفة الأسم، لأنني شاهدتهم ينادون الشخص باسلوب "التنكير" تعال يا انت .. سير يا أنت، وكلمة سير أو صير أعتقد أن معناها روح أو إذهب.
بالرغم من أنني متأقلم جدا مع ساعات الترازيت ولا اشتكي من علة أو مرض والحمد لله، ودائما ما أحمل معي بقايا مياه ومشروبات وطعام من الطائرة السابقة، وأتوقع هذه المشكلات، وبالرغم من أن فترتي كانت ثلاث ساعات فقط لكنني تضايقت جدا، وسألت نفسي يا ترى ما يحدث في مطار الدار البيضاء يشبه المغرب ويشبه عراقة وحضارة هذا الشعب وتدينه وتصوفه واعتداله، هل يشبه الملكية العريقة التي ازدهرت فيه، هل يشبه سيرة واسم المطار، الملك محمد الخامس؟! قلت لهم أريد أن أذهب لصالات العبور وأحتسي قهوة على حسابي حتى اتفادى الصداع أو دعوني أطلبها وآخذها في كوبي هذا ثم أعود "أترمي في الممر"، لا الموظفين و لا الحرس قدروا الموقف، في نهاية الأمر باغتني كناس بابتسامة و كوب قهوة وزجاجة ماء، لم يطلب مالا، فعلها لوجه الله، وقبل بعد إلحاح قبل فكة من الدولارات لا تتجاوز ثمن ماقدمه لي، هذا الكناس يشبه الشعب المغربي أكثر من كل من التقيتهم.
إذا رغب المطار ورغبت الخطوط المغربية في الإستفادة من شبكتها وبناء سمعة طيبة فعليها أن تخسر ولو قليلا في تجهيز صالات لكل اﻷغراض، حتى ولو أضافت تكلفة المرور عبرها ولو منحت الركاب أبسط حقوق الإنسان من الكرامة الآدمية بدلا من أن يتكدسوا في مناطق غير آمنة ولا صحية، بل ومهددة للأمن والسلامة الجوية، ومن الممكن وضع رسوم عبور، ومن الممكن ابرام اتفاقيات واضحة مع الشركات الأخرى تحدد مسئوليتهم عن الراكب، ولكن اسلوب ترك الموضوع معلقا و الركاب عالقين بين شركة وشركة فهذا أمر فيه تواطؤ تجاري واضح لإخلاء الطرف من المسئولية القانونية، وهو أمر ستتفجر يوما ما أزمة بسببه أو سيضعف الموقف التنافسي للخطوط المغربية لا سيما إذا تكررت الحالات ووجدت سبيلها للنشر المستمر، وحسب علمي أن هنالك شركات أخرى تتمدد كل يوم، وتستفيد حتما مما رأيته وعايشته في مطار كازابلانكا.
makkimag@gmail.com