شيء من الديمقراطية الأمريكية لوفد الإدارة الأهلية الزائر

 


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

بعد أن فشلت كل مساعي نظام الإبادة الجماعية والتطهير العرقي في الخرطوم لتحسين علاقته مع الإدارة الأمريكية لعقد ونصف من الزمان بالرغم من تنفيذه لكل الشروط الأمريكية وتقديمه تنازلات إضافية مجانية لها وللدول الغربية الأخرى. لجأ النظام في نهاية المطاف إلى شيوخ ومكوك ونظار القبائل وزعماء الإدارات الأهلية لزيارة الولايات المتحدة عسى وعل أن تحن الإدارة الأمريكية على منظرهم غير الباهي وترفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان ورفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب.

فعلاً ، وصل الوفد الذي يضم 14 شخصاً من قبائل السودان بقيادة رجل الأعمال السوداني عصام الشيخ إلى الولايات المتحدة الأمريكية بداية هذا الشهر لتبدأ الزيارة بواشنطن ومن ثم المسسبي ودافون حسب قول رئيس الوفد. لكن من سوء حظ الوفد البشيري أن بداية زيارتهم كانت كارثية بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى.

بعد وصول الوفد إلى أمريكا ، أخذهم الأمريكان بحافلات خاصة لزيارة العاصمة واشنطون دي سي يوم السبت 6/6 لإنتهاز فرصة غياب الكونغرس عن العمل لإلتقاط بعض الصور التذكارية لهم حول البيت الأبيض ومبنى الكونغرس ، إلآ أن حظهم كان تعيساً جدا ، حيث أن هذا اليوم –أي يوم 6/6 هو يوم مرور أربعة سنوات على الحرب العنصرية غير المبررة التي أعلنها الجنرال السوداني عمر البشير على الشعب النوبي في جبال النوبة/جنوب كردفان ، وقد كانت رابطة جبال النوبة العالمية بامريكا تنظم في ذلك اليوم مظاهرة كبرى، تطالب فيها بالقبض على البشير وعزل نظامه دولياً ، وضمان توصيل الإغاثة للمتضررين ، وايقاف حملة الإبادة العرقية التي تقوم بها حكومة المؤتمرالوطني مستخدمة الاسلحة الكيميائية والطيران الحربي والمليشيات الخارجة على القانون ، والمطالبة بمنطقة حظر جوي وووووالخ.

أثناء رفع الأعلام والشعارات المعادية لنظام البشير ، وأثناء الهتافات الجماهيرية العالية المنددة بجرائم البشير في جبال النوبة والنيل الأزرق ودارفور باللغة الإنجليزية ، والمطالبة بتسليم جنرال الإبادة الجماعية لمحكمة الجنايات الدولية بلاهاي ، إذا بناس الوفد الزائر ينزلون من عرباتهم أمام الحشود المتظاهرة ، ومع أن عرف المتظاهرين هوية النزلاء ، حتى هتفوا فيهم بكل أنواع الهتافات المعادية لهم ولنظامهم في الخرطوم.

الغريب في الأمر هو وما أن سمع الوفد اسم البشير الذي يردده المتظاهرين بـــ " البشير تو آي سي سي ، البشير تو آي سي سي" ، اعتقدوا أن المتظاهرين يرددون العبارة المعروفة لدى أهل الإنقاذ وهي " سير سير يا بشير ، سير سير يا بشير ، حتى أن بعضهم رفعوا عصاهم وعكاكيظهم ، وبعض الآخر منهم كانوا يرفعون جوازاتهم ملوحين للحشود المتظاهرة . لكنهم سرعان ما اكتشفوا أن هذه المظاهرة ليست ترحيباً بهم وتأييداً للبشير ، إنما تنديداً لهما ، وذلك بعد أن وصل عدد جديد من المتظاهرين وهم يهتفون بأعلى الأصوات وباللغة العربية ( يا كيزان ، يا قتلة الأطفال والنساء والأبرياء ، يا مجرمين ، يا إرهابين ، يا فاسدين ، وووالخ).

كان زوار السودان تظهر من وجهوهم ومن كلماتهم الحيرة التامة ، سيما بعد سؤال المتظاهرين لهم عن أهداف زيارتهم لأمريكا ، ولماذا لم يطالبوا البشير كواجب ديني وأخلاقي منهم لوقف قتل النساء والأطفال في جبال النوبة والنيل الأزرق ودارفور؟.

كانت إجابتهم كإجابات سائر أهل الإنقاذ...قالوا والله يا أولادنا نحن وفد شعبي أهلي ساى من كل قبائل السودان وما عندنا علاقة خالس بنظام البشير وبالسياسة. وعندما رد عليهم أحد المتظاهرين بالقول "ما إنتو قلتو جايين عشان تحثوا الإدارة الأمريكية على رفع العقوبات الإقتصادية المفروضة على السودان منذ عام 1997 ، ومطالبتها أيضا برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب"!!...وقفوا كحمير الشيوخ في العقبة ، يتمتمون بكلمات لا هي عربية ولا هي سودانية لتنكشف عورتهم للجميع هنا في أمريكا وهناك في السودان.

الوفد الزائر ، فليسموه ، الوفد الشعبي ، الوفد الأهلي ، الوفد الحكومي ، الوفد الدبلوماسي ، شيوخ مكوك عمد نظار وووووالخ ، يتوقعون أن تنطلي علينا مخططاتهم القذرة ، فنماذجهم ضللت السودانيين زماناً طويلا ، فهم كالشيطان الأخرس ، في إخفاء الحقيقة ، وإثارة الفوضى ، وقد فسدت ألسنتهم ، بمخالطة الجنرال القاتل ومليشياته الجرذانية ، فصار دينهم " والله مشفناش حاجة خالس". يعرفون الحقيقة لكنهم يخافونها خوفا عظيما .قالوا إنهم زعماء قبائل السودان وشيوخها ، لكنهم لا يعرفون شيئا في التعايش السلمي والتآلف ، بل يذرعون الحقد والكراهية بين المجتمع السوداني.

النوبة وكل أهل الهامش السوداني في أمريكا ، أعلنوا إنتصارهم على نظام الإرهاب والإبادة وشيوخه حمالة الحطب ، لأنهم كانوا على قدر المسؤولية من ضبط النفس يوم 6/6 بواشنطون دي سي ، وجعلوا من ضبط النفس ، وثيقة إدانة لوفد عمر البشير الزائر . فقد زحف مئات المتظاهرين ، للبيت الأبيض ومبنى الكونغرس الأمريكي ، ونجحت المظاهرات ، بإيصالها رسالة هامة لكل العالم مفادها ، أن أبناء الهامش السوداني بجميع أطيافه ، سد منيع بوجه الإرهاب الذي يمارسه نظام البشير.

ما حدث لوفد النظام السوداني الزائر لأمريكا هو جزئية صغيرة جدا جدا من ديمقراطية أعظم دولة في العالم ..يعني الزوار "ديل ما شافوا حاجة أصلا وعشان كدا ما في داعي انو هم يزعلو من زول" لأن هنا في الولايات المتحدة الأمريكية ليس هناك شيء اسمه هذا كبير أو صغير ، وليس هناك حاجة اسمها حصانة ، الجميع هنا سواسية كأسنان المشط أمام القانون .الرئيس يحاكم أمام المحاكم كأي مواطن عادي ، ناس مجلس الشيوخ ومجلس النواب في أمريكا يحاكمون أمام المحاكم كأي مواطنين عاديين ، المسئولين الحكوميين يحاكمون أمام القانون كمواطنين عاديين وهكذا ، ونرجو من ناس الوفد الزائر الذين قوبلوا بالهتافات المعادية لهم أن ينقلوا الصورة كاملةً دون زيادة أو نقصان للداخل السوداني ويقولوا لهم أن المتظاهرين كانوا فقط يمارسون حقهم الديمقراطي وفق الدستور والقانون ولا غير.

والسلام عليكم..

bresh2@msn.com
////////////

 

آراء