abdelgadir@hotmail.com الشيء الطبيعي أن يشعر كل مسؤول عاقل بعظم المسؤولية الملقأة على عاتقه، قال عمر رض الله عنه "لو عثرت بغلة بالعراق لخفت أن يسألني الله عنها لما لم تسو لها الطريق يا عمر. وقد حاول وزير العدل مولانا د. عوض النور الحسن تقليد تلك المقولة وسودنتها فقال في رده على النائب البرلماني الذي طالبه في نهاية شهر نوفمبر 2015م بتقوى الله، فجاء رد الوزير "والله ما بنوم" ؟؟
إذن الامر أمانة ومسؤولية ولكن عندما يتم الحصول على الامانة عبر المؤامرة فلن يستقيم الامر بعدها!!! وعقلية المؤامرة لا تنتج إلا الفشل والخراب، ولذلك فشل نظام الانقاذ في كل المجالات السياسية والاقتصادية والإجتماعية وغيرها وتحول الفشل إلى فساد على كل أصعدة الدولة من داخل القصر الرئاسي وحتى أخر مرافق الدولة. وعلى سبيل المثال، فأن كل عقود البترول وأموال البترول التي قدرها الخبير السوداني د.كبج بحوالي 70 مليار دولار ظلت حتى اليوم سر لا يعلمه وزراء الحكومة ولا البرلمان، ولعل حتى القلة القليلة التي يقال انها تعلم "بعيض" شيء، لعلها هي الاخرى لا تعلم سوى المبالغ التي قبضتها كعمولة خاصة بها!!!،
للدلالة على التلازم بين عقلية المؤامرة والفساد في الحركة الاسلامية الأم الرؤوم لنظام الانقاذ، دعونا نأخذ مثال الدكتورالحاج ادم يوسف نائب رئيس الجمهورية الأسبق، الذي صرح في 23/11/2015 بأن نسبة الفساد في السودان لم تبلغ %1 !!! ونسى او تناسى ان ابنه قد اوقف في مطار الخرطوم وهو يحمل مبالغ مالية كبيرة في شهر اكتوبر الماضي!!!
دكتورالحاج ادم يوسف سبق وأن أتهم من قبل حزب المؤتمر الوطني "حركة إسلامية" بأنه كان على رأس مؤامرة دبرها حزب المؤتمر الشعبي "حركة إسلامية" في 2004م، وأصبح الدكتور الحاج ادم المطلوب الاول للأجهزة الأمنية بموجب المادة )78( إجراءات جنائية لسنة 1991م!!!، ثم مرت كثير من المياه تحت الجسر مصحوبة بمؤامرات داخلية "عجيبة" حتى فاجأ الرجل الشعب السوداني بأنه فوجئ عندما سمع بخبر تعيينه نائبا لرئيس الجمهورية من الإعلام!!! وعندما تمت إقالته من منصب نائب الرئيس لمح في ديسمبر 2013م لإمكانية عدم ترشح البشير لرئاسة الجمهورية في 2015م، قائلاً "..إن -المؤتمر- الوطني قادر على إختيار مرشحه لرئاسة الجمهورية في الإنتخابات القادمة" !!!
الذي يتأمل الساحة السياسية في السودان منذ مجيء الانقاذ عبر الانقلاب المشؤوم في 30 يوليو 1989م وحتى اليوم، يجد أن مراكز القوى قد تبدلت وتحورت وتبادل بعضها لعب مختلف الأدوار ولكن ظل جهاز الأمن والاستخبارات بمختلف فروعه الرسمية والغير رسمية بسبب الحركة الإسلامية يعاني من مؤامرات داخلية تنتهي بتغييرات في قيادته العليا او المتوسطة وهذه المؤامرات الداخلية تؤثر وتتأثر بالمؤامرات الأخرى التي توجد في الساحة السياسية وينتهي الامر "وقتيا" بقفل ملف ما او تشتيت تركيز الشعب عن موضوع أخر او ابعاد فلان اوتقريب "علان" . وتستمر المؤامرات في صور مختلفة بلا توقف، مما يعني عدم وجود حقيقي لما يسمى دولة، بدليل أن كل مسؤول يصحى الصباح وهويتسأل عن أخبار أخر مؤامرة وهل تم التأمر عليه أم ليس بعد.
رغم إقتناع الجميع في نظام الانقاذ ومن حوله ويقينهم من مشاركتهم الفعالة في تلك المؤامرات ولكنهم رغم ذلك يحاول كل واحد منهم ان يحمي نفسه ومصالحه بإثبات إن له قدرات أخرى لدعم نظام الانقاذ.
يحاول البعض الأخر المهادنة والتحذير من "سوسة" المؤامرات الداخلية التي تأكل عصا نظام الانقاذ في تسارع، ومن ذلك يأتي تصريح مهدي ابراهيم رئيس مجلس الشورى بالحركة الاسلامية يأتي ضمن التبرير لتلك المؤامرات أمام الشعب فيقول "مشروعنا يبرهن على مرونته وقدرته على الإبداع" ويقول أيضا " نحمد الله أن أعاد إلينا البشير الرشد من خلال إبتداره للحوار"!!.
في حين حذر الامين العام للحركة الاسلامية الزبير أحمد الحسن من تلك المؤامرات في رسالة لاخوته في نظام الانقاذ فيقول بضرورة " الاخلاص والرجوع الى الله وتنظيم لقاءات خاصة بالأخوان وتطبيق شعار اخوكم فى الله، ووافقته نائبة الامين العام للحركة الإسلامية رجاء حسن خليفة في 11 و12/12/2015م بقولها "... ضرورة تجديد معانى الأخوة والصدق والثقة فى بعضنا البعض وحسن الظن وقالت ان غياب هذه العناصر أدى الى تآكل في السقف الداخلى" .!!!
كما قلنا في بداية هذا المقال فإننا لا نسعى لإثبات فساد نظام لأنه بأت أمر ثابت بشهادة الإسلاميين أنفسهم إبتدأ من الشيخ الترابي والمرحوم يسن عمر الأمام الى د.حسن مكي القائل في م2013/03/06 "السودانيون فقدوا إحترامهم لبلدهم بسبب هذه الحكومة.. السوداني أصبح يخجل من نفسه". وكذلك قال "الدكتور" ربيع عبدالعاطي -صاحب ال14 قطعة أرض بالخرطوم- و الخبير الوطني والمستشار الإعلامي بوزارة الإعلام، والناطق غير الرسمي بإسم حكومة الإنقاذ ومقاله الأخير وقائع وتوقعات والذي يقول فيه " ......فيا هؤلاء، أيا كان موقعكم الوظيفي في سلم العمل العام ، حلو عنا يرحمكم الله فقد يئسنا من وعودكم الكاذبة...".
الذي نود أن نقوله في هذا المقال إن أمر نظام الإنقاذ ما كان يوما ومنذ 26 عاما بيد قيادة رشيدة ولكن كان له في العشرية الأولى مركز قرار يأمر فيطاع، ذلك المركز هو تنظيم السوبرفي الحركة الاسلامية بقيادة الدكتور الترابي، ثم إنتقلت دفة القيادة بمؤامرة داخلية الى مجموعة الاسلاميين الذي إنحازوا الى القصر الجمهوري والبشير ضد الترابي مثل الاستاذ علي عثمان ود.نافع علي نافع وعوض الجاز وصلاح قوش وبعض النفر حولهم في العشرية الثانية، ثم تكاثرت المؤامرات وتنأسلت وتما إبعاد الصف الاول من قيادة الحركة الاسلامية لقطع دابر مؤامرة أخرى متوقعة، ثم أدت المؤامرات الداخلية لإنزلاق دفة القيادة نحو يد البشير في السنوات الخمس الماضية.
لكن بسبب الفترات المرضية المتعددة التي تعرض له البشير، عادت تلك المؤامرات الداخلية التي إشرنا لها في البدء وأشتعل أوارها، واصبح هناك "ضرب تحت الحزام" بين المجموعات المختلفة المتشابكة والمتفرعة في مجموعات الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني والعسكريين والطبقة المنتفعة وغيرهم وحتى "من لم يمارس عنفه فقد نوى"، وأنتهى الامر، بأن إنفلت الحال تماما من يد الحكومة والقيادة السياسية والحركة الاسلامية والعسكريين، ولم يبقى لمن يظنون أنهم مازالوا أصحاب القرار بنظام الانقاذ سوى آلة التخويف والارهاب والبطش، في حين إن هذه الأخيرة نفسها توزعت أيدى سبا فما عاد يعرف من الذي يقوم بالاعتقالات والإجراءات التأديبية والتعذيب، وحتى هؤلاء الذين يشكلون جزء من آلة البطش والتعذيب أصبحوا يحاولون التكسب المادي من خلف هذا البطش ولذلك أصبح أي ضابط بجهاز الامن هو بصورة أو بأخرى مدير شركة او تاجر في سوق "الله اكبر" تحت شعار "الحشاش يملى شبكته" او "دار ابوك كان خربت شيل ليك منها عود". فهم لا يثقون حتى في أقوال العميد البشير الذي ترفع لرتبة فريق فما فوقها دون مروره برتبة لواء، حتى لو حاول تطمئنهم بصورة غير مباشرة بقوله تعليقا على إنتقاد البعض بأن 70% من الميزانية تصرف على القوات المسلحة وبالطبع من ضمنها قوات الاستخبارات والامن، يقول البشير " وأنا بقول لو أدينا القوات المسلحة الميزانية كلها عشان تأمن البلد دي بتبقى شوية عليه"!!!ا
إذن سفينة نظام الانقاذ وقفت بل هي تترنح وتخاف كل الرياح!!!، لذلك نجد أن التنظير بالوصفات السحرية و التصريحات تتضارب من كل الجهات سياسيين وقدامى صحفيي نظام الانقاذ كالطيب مصطفى وأسحق فضل الله وحسين خوجلي ومن لحقهم أمثال د. ربيع عبدالعاطي ومحمد لطفي وضياءالدين بلال عبدالباقي الظافر، قال البشير في 14/11/2015م "حتى الصحافيين حقننا انقلبوا ضدنا ..سأتولى ملف الإعلام بنفسي" . تستمر تصريحات من "شيوخ" الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني أمثال د.عصام البشير، عبدالحي يوسف وصولا الى إمام مسجد الخرطوم الكبير كمال رزق نزولا حتى أبناء السياسيين فلقد صرح الشبل اليافع محمد بن نافع علي نافع في تاريخ شهر نوفمبر 2015م "... بأن "تجربة -المؤتمر- الوطني ليست دموية مقارنة بدول الجوار"!!!
يبقى أن دائرة الشر السودانية للحركة الإسلامية ونظام الإنقاذ لا تفلح الا في التأمر وإعادة إنتاج الأزمة، وهي قد بدأت تدحرجها الفاسد فهي تلتهم كل ما تبقى من مكونات الوطن دولتا وأرضا وشعباً، وباتت الأمور مع مشرق كل يوم تسير من سيء الى أسواء ولا أحد يعلم اين المستقر. أما ما يهم الإنقاذيون في الامر فهو الا ينقلب السحر على الساحر ولكن "وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ" ، فعلى الظالم تدور الدوائر فقد أكلوا يوم أكل الثور الابيض الممثل في الالاف الارواح الطاهرة التي أزهقت بسبب الانقاذ، والالاف الضحايا واصحاب المظالم والمعذبين في الارض السودانية.
ونختم بقول النائبة البرلمانية سامية هباني في 28/11/2015م، وهي تتنبى بالإنفجار " أبعث برسالة للحكومة بأن سياسة التخويف ما بتجيب فائدة ، وما حصل ثبتت حكومة وسينفجر الناس يوما من الأيام"!!!
أنشد الشاعر أحمد مطر
" نحن نرجو كل من فيه بقايا خجل أن يستقيلا
نحن لا نسألكم إلا الرحيلا وعلى رغم القباحات التي خلفتموها سوف لا ننسى لكم هذا الجميلا"