نقاط بعد بث الخبر: ود أب زهانة البدي الشحاد الرز!
( نود تنبيه قارئنا العزيز، إلى أننا قمنا بتغيير اسم عمودنا الراتب " تعليق خاص على ما قيل " إلى " نقاط بعد بث الخبر"، وذلك حتى لا يخلق تشويشاً مع اسم عمودنا الأسبوعي الآخر " تعليق على ما قيل" مع التقدير).
* أفادت بيل نت أن إسماعيل عمر قيلي رئيس جمهورية جيبوتي قام وبرعايته المباشرة بافتتاح الحفل الرسمي للمستشفى العسكري (الجيبوتي – السوداني) الجديد بحضور نائب الرئيس السوداني، بكري حسن صالح، " ويقع مستشفى البشير على أحد الشوارع الرئيسية في العاصمة الجيبوتية. سعة المستشفى 120 سريرا، ويضم مجمع مستشفى عسكري تقريباً يحتوي جميع التخصصات الطبية بما في ذلك قسم الطوارئ، غرفة العمليات و قسم العناية المركزة. تقدر تكلفة المشروع بمبلغ 20 مليون دولار وهي منحة من الحكومة السودانية، ورمز للتعاون الناجح بين السودان وجمهورية جيبوتي ، وسوف يعمل به الأطباء من كلا البلدين".
* لم يصدق كثير من المعلقين الذي تناولوا تحليل الخبر صحفياً ما تم بثه، واعتبروه مشكوك فيه حتى تبينت صحته بالفعل، وكان مرد عدم تصديق تلك الأقلام، هو أن بث الخبر تلازم مع حدث الاعلان الرسمي عن تفكيك مستشفى الخرطوم، في الأول من يناير هذا العام، بعد جملة جهود نقابية وشعبية وجماهيرية لمراجعة القرار وإلغائه، باعتباره يستهدف مرفقاً تاريخياً لا زالت البلاد في حوجة ماسة إليه في غياب وندرة وشح المرافق الصحية المكتملة التي تقدم خدماتها المباشرة للمواطنين داخل وخارج العاصمة، وأن المأمول كان تطوير مرفق صحي بحجم وتاريخية مستشفى لا يمكن أن يكون هناك بديل له، بحجة تفكيكه لنقل الخدمات المباشرة لمحتاجينها في مناطقهم، حيث أن المنطق يصرح بأن التفكيك في غياب خطة معدة وتوفير تمويل مباشر لانشاء بديل عن المستشفى المركزي، فيه مغامرة وسياسة غير واقعية، في ظل تدني مستوى الخدمات الصحية بالبلاد وما تشهد عليه الجماهير من تراجع في السياسات التي تستهدف ترقية ونمو الخدمات الصحية في البلاد عامة، وضمور الميزانيات التي تُرصد سنوياً لمرفق حيوي كالصحة.
* هل نرفق مع هذا العمود صوراً لما وصل إليه حال المرافق الصحية داخل العاصمة وبقية مدن وأطراف السودان، صوراً لا يمكن للعقل السوي أن يصدقها، درجة أن الشكوك تحوم حول الهدف من تصويرها بأن ثمة فبركة قد الحقت بالصور الفوتوغرافية المشار إليها للاساءة إلى القائمين على أمر الصحة بالبلاد ليس إلا؟!، صوراً تقطع نيات القلب، خاصة عندما يأتي الحديث عن مستشفى شيد لدولة أخرى بمبالغ تصل إلى 20 مليون دولار! .
* نحن شعب جبل على إعانة الملهوف والمحتاج، وقد قدمنا ما استطعنا تقديمه لشعوب من حولنا عندما احتاجتنا، خاصة وشعبنا قد وقف على سخاء كثير من الشعوب التي قدمت بالمثل لنا نحن أيضاً من عندها ما احتجنا إليه من مساعدات – عينية ومالية - وهو أمر نتفهمه تماماً، ولكن عندما تكون الحاجة ماسة من أجل أن يكفي حرف كسرة يابسة أهل البيت، فإنه من الخطل وغياب التقدير السليم نزع مثل هذه القطعة من الخبز الناشفة من أيادي محتاجينها لنقدمها حتى ولو كان " لأعز الجيران "!.
* ليست "مستشفياتنا" وحدها ،، بل قل "شفخاناتنا" في البوادي والحضر تشكو قلة التدبير وتعوزها حتى ( السلفة والأسبرين والقطرة واليود) دعك عن أدوية الحياة الأخرى كأجهزة الغسيل لمرضى الفشل الكلوي والكيموثربي لمرضى السرطانات والمعينات الجراحية لمرضى القلب وغيرها من الأمراض التي تفتك بشعبنا كلما أمسى مساء أو أصبح صباح.
* فكيف بنا نستوعب نبأ أن مبلغاً وصل لـ20 مليون دولار يتم به تشييد مستشفى بإسمنا – نحن العراة الحفاة المرضى والمعوزين - مما يثير ويطرح الكثير من الأسئلة والمثير من حكايات المدن التي لا تعرف الأسرار!.
* وبمناسبة أسرار المدن، فإننا لن نبرح هذه (النقطة) قبل أن نروي حكاية الاسعاف التي رواها في موقف مشابه زميلنا الطاهر ساتي:-
أبرز ساتي الوثيقة التالية:- ( السيد/ مدير مستشفى الصداقة..السلام عليكم ورحمة الله ..الموضوع/ إستلام عربة إسعاف .. يهديكم الإتحاد العام لعمال السودان أطيب التحايا، وبالإشارة للموضوع أعلاه، وحسب توجيه وكيل وزارة الصحة بتسليمنا سيارة الإسعاف خاصتكم : نرجو التكرم بتسليم مندوبنا ابراهيم حاج آدم، مدير العلاقات العامة والمراسم باتحاد العمال، سيارة الاسعاف المتفق عليها، ولكم الشكر.. بروفسير/ ابراهيم غندور، رئيس الإتحاد)..تلك هي الوثيقة، فأستجابت إدارة مستشفى الصداقة بأم درمان للتوجيه بالوثيقة التالية : ( السيد رئيس اتحاد عمال السودان..السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. بالإشارة لخطابكم، والخاص بعربة الاسعاف (خ 5271)، لقد تقرر تسليم العربة للمندوب ابراهيم الحاج، وعليه يرجى الافادة بالاستلام لتكملة الاجراءات ولازالة العهدة..محمد محجوب/ الامين العام لمستشفى الصداقة ).. وفيما بعد اتضح أن الإتحاد المعني سحب ذلك الاسعاف ليتبرع به لأهالي (غزة) في فلسطين!، " ولم يسحبها من المستشفى لنقل عماله المصابين بداء الغلاء، ولم يسحبها ليسعف بها ذوي الخواطر المكسورة بسبب تدني الأجور..ولكن سحبها بأمر وكيل وزارة الصحة ليتبرع بها لأهل غزة.. نعم غزة الفلسطينية "، وعندما لاحظ المسؤولون في مستشفى الصداقة أن (إسعافهم) ما يزال موجوداً في حظيرة إتحاد العمال، طالبوا بإرجاعه لهم، فرد عليهم أهل (الشأن) بالرفض، وبتبرير فحواه بالنص: ( صاح نحن ما قدرنا نوديها غزة، لكن عندنا النية نوديها الصومال)!.
* في ختام عموده حول الموضوع علق الزميل الطاهر ساتي قائلاً:- ( الله لا "غز" فيكم بركة)!.
________
* عن صحيفة الميدان.
elgizuli@hotmail.com