الذين عارضوا توقيع خارطة الطريق ليسوا بأنبياء …. ولكن

 


 

 


قضايا ليست كذلك

ان كل المواقف السياسية تحدد اما استناداً على مسار التاريخ السياسي وأما اعتماداً على معطيات الواقع السياسي ليرد الموقف السياسي على السؤال المهم هل هذا الموقف فى صالح قضايا الشعب السودانى أم لا؟ وهل هو الموقف الصحيح الذى سيحقيق مصالح الشعب السودانى؟ ولذلك نقول أن القوى السياسية التى رفضت التوقيع أو الأشتراك فى هذا المعلب الذى جهز بدون لعيبته واجبروا اللعيبة لدخوله. والذين رفضوا الأشتراك فيما تمت حياكته فى أديس أبابا ويريدون الشعب السودانى أن يتدثر به فقد ظهر أنه ككفن مصعب بن عمير لم يغطي الجسد. وأن كل تلك القوى السياسية التى رفضت السير فى هذا الطريق ليسوا بأنبياء يعلمون الغيب وتنبئون بالفشل التام لكل ما حدث ولكن جاء موقفهم استقاءاً لتجارب حوارية كثيرة مع هذا النظام وكلها لم تؤدى الى شئ رغم ان المشاركين فى هذه الحوارات كانوا يمنون الشعب السودانى بأن حل الأزمة السودانية قاب قوسين او أدنى وكأنهم لا يعلمون طبيعة هذا النظام وساروا فى طريق دون أن يعتمدوا على مقدرات شعبهم ويقوموا باستنهاضه لينتزع حقه المستلب من قبل سبعة وعشرين عاماً ذاقوا فيها كل اصناف العذاب والدمار.

للأسف الشديد أن الذين وقعوا على خارطة الطريق مع نظام الأنقاذ رغم تعنتهم الأول وما طلبوا فيه من أضافة رؤاهم لوثيقة خارطة الطريق وقعوا عليها دونما أن يزيدوا عليها أو يغيروا فيها حرفاً. كل الذين وقعوا هذه الخريطة كانت لهم تجارب حوارية سابقة والوصول الى اتفاق مع الأنقاذ وكان الحصاد صفرياً لم تنفذ بنود تلك الأتفاقيات منذ مبادرة الشريف زين العابدين الهندى والوصول لأتفاق مشترك أسموه برنامج العمل الوطنى وهز به الرئيس فى احتفال كبير وقع عليه كل من الرئيس البشير والشريف زين العابدين الهندى وبعد التوقيع هز به الرئيس عمر حسن احمد البشير رئيس الجمهورية وقال أن هذا هو برنامجى الى الولاية الثانية ومضت كل سنوات الولاية ولم ينفذ فيه بنداً واحداً وكان عائدهم وظايف ووزارات لم تتعدى اصابع اليد الواحدة ظلوا من فيها داخل الحكومة كما هم منذ ذلك التاريخ وحتي الآن. ومن بعدهم ما حدث فى أبوجا مع حركة تحرير السودان بقيادة منى أركو مناوى والتى صار بعدها كبير مساعدى رئيس الجمهورية بدون أعباء وصار يلهث لتنفيذ بنود الأتفاقية وفى النهاية نفد بجلده ورجع لحمل السلاح والأن مع آخرين يكرر فى نفس المهزله ليرفع عن كاهله الضغوط الدولية وضغوط الحرب ويكسب الوقت لينقض على فريسته ويقوم بتفتيتها وهذا عينه عدم العظه من التجارب.
كان ذلك مثال لقوتين سياسية وعسكرية فى بدايات حكومة الأنقاذ قبل مفاصلة الأسلاميين الوهمية. جاءت من بعدها ميشاكوس ومن بعدها نيفاشا وبضمانات دولية ولم تنفذ الأتفاقية لأن الضامنين ايضاً كانت لهم اجندتهم لفصل الجنوب واستبشرت بها القوى السياسية علي أنها ستؤدى الى تحول ديمقراطى كامل خاصة بعدما أضيفت لها أتفاقية القاهرة ليكتمل عقد المعارضة المسلحة والمدنية وارتاحت الأنقاذ وتنفست الصعداء لأن ما كان متوقع أن يزيلها ويسقطها قد أصبح الآن تحت يديها وصارت تسوف فى الأمر وتعمل على تعويق تنفيذ أتفاقيه نيفاشا والقاهرة وأهمها تحقيق التحول الديمقراطى وكتابة الدستور الذى يحكم الفترة الأنتقالية وتغيير القوانين التى تتعارض مع الدستور والتى لم يتم تغييرها منذ ذلك التاريخ وحتى الآن. مالكم كيف تحكمون؟
نأتى لرئيس القايدة الأمام الحسيب النسيب الصادق المهدى الذى لا يتعلم من تجاربه بتاتاً والمثل يقول لا يلدغ المومن من جحر مرتين ولكنه على استعداد ان يلدغ من نفس الجحرر مرات ومرات. كسر ظهر المعارضة وهى فى قمتها لأسقاط نظام نميرى بأتفاق شفهى لم يكتب ولم يضطلع الشعب السوداني على بنوده ولا زملاؤه فى الجبهة الوطنية علىى أى بنود أتفاق كما ورد فى مخاطبة الشريف حسين الهندى للشعب السودانى بعد أن دخل الصادق المهدى للسودان ووقع فى جب النميرى واستفاد من خطوته تلك الترابى وزمرته والتى على ضوئها فتحوا لأنفسهم مساحة حرية تغلغوا بها داخل الجيش السودانى وأمتلكوا مراكز فى السلطة والثروة بجلب مال دول الخليج البترولية ممثلة فى بنك فيصل الاسلامى وذكوات الدول العربية البترولية لمنظمة الدعوة الأسلامية والتى رغم كل تلك االأموال لم يدخلوا شعوب السودان اللادينية فى الأسلام بل أستغلوها لأنفسهم وليتامروا لأستلام االسلطة فى السودان. ونتحداهم أن يبرزوا لنا كم من اللادينيين ادخلوهم الأسلام فى حين أن جدنا الشيخ محمد الأمين القرشى القاضى أدخل الآف النوبة فى الأسلام فى جبال النوبة وهو فرد واحد ولا يملك مالاً ولكنه أمن برسالته وسكن جبال النوبةة مبشراً بالأسلام الى أن وافاه الأجل ودفن عند أهله فى قبة جده الشيخ البصير بالحلاوين. وكان نصيب الصادق المهدى من نظام نميرى كل الأذلال ونسي وتناسي الصادق المهدى دماء ألالآف من دماء شهداء الأنصار فى الجزيرة أبا وودنوباوي بمثلما تناست الحركات المسسلحة دماء ألاف الشهداء فى النيل الازرق ودارفور.
وفى عهد الأنقاذ دخل الصادق المهدى فى أتفاقيات كثيرة من بعد تهتدون كسر بها أيضاً قوى المعارضة ممثلة فى التجمع الوطنى الديمقراطى الذى خرج منه وذهب موقعاً على اتفاق جيبوتى وقال بالحرف الواحد ذهب ليصطاد فأراً فأصطاد فيلاً كناية عن أنه حقق كل أجندته السياسية والوطنية ولم نر الفيل الذى اصطاده حتى يومنا هذا. ومن بعد ذلك دخل معهم فى حوار ووقع معهم ما اسموه بالتعاهد الوطنى ولم ينفذوه ولم يلتزموا به ومن بعده اعتقلوه وسجنوه واهانوه وحقيقة من اول ايام الانقلاب اعتقلوه واهانوه وقالوا فيه ما لم يقل مالك فى الخمر وخرج خروجه الأخير هذا وظننا أنه قد تعلم الدرس وقد أتعظ من مساره وأحتضناه وبذلنا جهدنا ليكون القائد بحكم أنه كان رئيس وزراء أخر حكومة ديمقراطية فى السودان قبل أنقلاب الأنقاذ وجيرنا معه الجبهة الثورية وأقنعاه أن هؤلاء أبناء نفوذه الجماهيرى ومن الأفضل أن يضم يده اليهم وساهمنا المساهمة الكبيرة فى أعلان باريس والذى اشتركنا فى صياغته وحالت الظروف عدم مشاركتنا فى التوقيع عليه ومع ذلك بعد حضورنا عملنا على التبشير به والتفاف الغالبية من القوى السياسية حوله الى أن تمخض فى النهاية عن نداء السودان الذى لم نشارك فيه لراينا ان يكون شاملاً لكل القوى المعارضة مدنية على عسكريها واستعملت بعض قوى الاجماع الفيتو ضدنا وهذه رحمة لنا نحن الاتحاديين لئلا نحسب مشاركين فى الكارثة القادمة الناتجة عن توقيع خارطة الطريق. والحمد لله أن كل القوى الأتحادية بمختلف تياراتها وفصائلها وأحزابها ليست جزءاً من خارطة الطريق وتؤمن بان الطريق لتحقيق تطلعات جماهير الشعب السودانى باستنهاضها لأقتلاع هذا النظام من جذوره وهو نظام لا ينفع فيه الترقيع بعد كل ما ارتكب من فضايع وجرائم ضد الشعب السودانى قتلا وسحلاً وفقراً هذا غير فساده من اعلاه الى اخمص قدمية والتى تفوح رائحته النتنة كل يوم وآخر وليس هنالك من مجال الا اسقاطه بثورة شعبية بارادة الشعب السودانى ليس فيها مجالاً لتدخل أقليمى أو دولى لأنهم قد فشلوا من قبل فى ضمان تحقيق بنود اتفاقية نيفاشا وهذا يكفى.
ولو تركنا الأمر البعيد وجئنا للأمر القريب وهو أتفاقية الدوحة والتى اكمات مدتها المقررة لها وقال رئيسها رئيس السلطة الأنتقالية أن جل بنودها لم تنفذ وكل ما تم من تنفيذ لمشاريع تنموية بسيطة هى بمال أخوتنا القطريين الراعين لمحاثات الدوحة فأى رجاء ترجاه حركات دارفور المسلحة من نظام لا يفى بالعهود والمواثيق؟ ونسألهم هل تخليتم عن دماء كل شهدائكم التى سالت من أجل تطلعات شعب دارفور؟ وفى نهاية الأمر أتضح أن حركة تحرير السودان قيادة عبد الواحد محمد نور هى التى تقف الموقف الصحيح والمبدئى من أجل قضايا السودان أولاً وقضايا دارفور ثانياً لأيمانهم بأن حل قضية الوطن فى داخلها حل قضية دارفور. وليكن معلوماً أن هذا النظام لن ينفذ أى أتفاق يؤدى الى تحول ديمقراطى أو تبادل للسلطة لأن ذلك يعرض الغالبية من سلطة الأنقاذ وقياداتها للمحاسبة والمحاكمات والتى لكثير منهم الأعدام والحكم المؤبد ومصادرة الأموال وهذا لن يسمحوا به وما دام موت لموت أحسن يموتوا واقفين رجال أو يجدوا سبيلاً للهروب من الوطن تفادياً للحساب والعقاب وما تبقى سيكون حيط ومبانى فلتصادر والروح أهم من المال ولن يخسروا لأنهم أكتنزوا من ألأموال بالخارج ما يعتقدون أنهم سيعيشون عليه منعمين.
نختم ونقول للجبهة الثورية بكل حركاتها المسلحة ان حربكم التى تديرونها فى الأطراف لن تحقق شيئاً ولن تسقط النظام بل تزيد فى معاناة من تقولون انكم تقاتلون من أجلهم فهم قد كانوا احسن حالاً فى تهميشهم السابق مما هم عليه الان فهم الآن بدون ماوى وبدون طعام وبدون صحة وبدون تعليم مع اهدار لكرامتهم بتلقى الأغاثة من الاخرين غير الذين اصابتهم الحرب بعاهات. فالنظام يسقط عسكرياً من الخرطوم ومن المركز فاذا كنتم قادرين على ذلك فافعلوها وان لم تكونوا قادرين القوا سلاحكم وبيعوه وتقسموا ريعه بينكم واتركوهم يعيشوا فى سلام حتى مع فقرهم فهم الان بين حجرى الرحى سلاح بنيهم وسلاح السلطة الغاشمة ارحموهم يرحمكم الله. ونقول للسيد الصادق المهدى لا تعشم فى اتفاق يحقق للشعب السودانى مطالبه وتطلعاته وأمانيه فهو يعلم أن هذا لن يتحقق له فى ظل هذا النظام مشاركاً فى سلطة قادمة حتى لو تبقى فيهم رئيس الجمهورية لوحده فالخراب قد شمل كل شئ كل القوات وكل الخدمة المدنية ولن ينفع الترتيق والترقيع على الأطلاق وانما الكنس والأحلال والأستبدال. لذلك عندك احد خيارين أما أن تدخل السودان وتستكين وتعتزل العمل العام وتعيش على ابنك مساعد الجمهورية من ريع الأنقاذ وفسادها واما أن تدخل السودان وتصر على قيادة شعبك واستنهاضه ليحقق ثورة شعبية كاسحة كاملة لا تبقى ولا تذر منهم شيئا. وفى هذه الحالة تكون قد سددت ديناً لشعبك وكفرت عن سلطة أمنك لها هذا الشعب وفرطت فيها وأنت تعلم بالأنقلاب عليها.
وأوجه ندائي للأتحاديين فى نهاية هذا المقال واقول لكم أن هنالك مسئولية تاريخية ملقاة على عاتقكم فى هذا المحك الدقيق الذى يمر به وطننا السودان والذى ترك لنا أمانة فى أعناقنا وقد أستلبت منا أما أن نكون قادرين على أستردادها وأما باطن الأرض خير لنا من ظاهرها. وأذا كنتم حزمتم أمركم على استرداد هذه الأمانة التى أغتصبت منكم فى ليل بهيم فلن يتحقق ذلك الا بوحدتكم الكاملة وقوة أرادتكم وتضحياتكم لأستنهاض شعبكم ليهب فى ثوررة عارمة أنتم وقودها لأقتلاع هذا النظام من جذوره ولا حوار ولا مساومة لأن ذلك يؤدى الى تسوية يكون النظام جزءاً منها وكما قلت لو تبقى فيهم فرداً واحداً سيكون كالبصلة الفاسدة التى تفسد كل جوال البصل. أتمنى أن يجد ندائي هذا أذاناً صاغية وأرادة للعمل به. وأخوامما فينداء السودان نقول لهم أن البشير قد امهلكم حتي نهاية العام اما أن تلغوا السلاح أما الحرب التي لا تبقي ولا تذر فهلا استوعبتم الدرس.

mohamed.z.osman1950@gmail.com

 

آراء