للخروج من حظائر الإستبداد
كلام الناس
*أحرص على قراءة مقالات صديقي كمال الجزولي منذ أن كان يكتب معنا في صحيفة "الصحافة" السودانية صفحة بعنوان"رزنامة الأسبوع"‘ وكان يحرص على تصحيحهابنفسه مثلما كان يفعل الكوريون الذين يحرصون على تصحيح مقالات زعيمهم انذاك كيم ايل سونغ.
*نشرت "السوداني" على صفحة بلاقيود الإثنين الماضي مقالاً له بعنوان" عيد أضحى سعيد - بين رحاب الحرية وحظائر الإستبداد" وهو مقال مشحون بالرمزية المعبرة عن الواقع الماثل رغم الدهاليز الفلسفية التي أدخلنا فيها.
*بدأ مقاله بطرفة ذكية كفاتحة شهية ليدخلنا معه في بحر الدياليكتيك وسط الأمواج الهيجلية والماركسية كي يوصل رسالته المهمة ليس فقط للحزب الشيوعي السوداني وإانما لكل الأحزاب السياسية في بلادنا والعالم أجمع.
*ملخص الطرفة تحكي عن ديكتاتور فقد غليونه وسرعان ما بدأ مدير مخابراته البحث عن الغليون المفقود‘ وعنما وجد الديكتاتور غليونه وأخبر مدير مخابراته كي يوقف البحث عنه إحتج مدير المخابرات قائلاً : مستحيل ياسيدي المبجل فقد إعترف خمسة حتى الان بانهم أخذوه!!.
*لن أشرح لإيماني بأن الشرح يفسد القضية ولأن الجزولي إنتقل بنا مباشرة إلى دهاليز السياسة والفلسفة وهيجل وماركس‘ وبدأ يحدثنا عن الدلالة الفلسفية لمفهوم الحرية في الفكر الماركسي الذي إستعدل مفهومها في الفكر الهيجلي.
*مرة أخرى خاض بنا في بحر الفلسفة وهو يتحدث عن"وعي الضرورة" أحد أشراط الحرية‘ وكيف أن الماركسية أكدت ضرورة إستيعاب وعي الضرورة نظرياً وتطبيقه عملياً‘ وعاد بنا مرة أخرى إلى سطح الواقع وهو يقول إن الماركسية لم تفلح عملياً في التحول إلى سياسةعملية تقدم النموذج الديمقراطي على صعيدي الدولة والحزب.
*يمضي كمال الجزولي أكثر من ذلك في شهادته هذه وهو يقول : رغم النجاحات المادية التي حققتها الماركسية إلا أنها لم تقدم عشر معشار ما يكافئ هذه النجاحات في مستوى حرية التجمع والتنظيم والتعبير والإعتقادوالصحافة والإعلام والتنقل وحرية المعلومات والمشاركة السياسية ويقول : "كان النظام مصمماً بشكل شمولي وكانت الأفواه مكممة".
* تكتسب هذه الشهادة المضيئة أهميتها ليس فقط للأحزاب الشيوعية وإنما لكل الأحزاب السياسية في بلادنا المنكوبة بالانظمة الشمولية بمختلف مشروعاتها ومسمياتها‘ ونتفق مع الجزولي في الخلاصة التي ختم بها مقاله : "مالم يشعر الناس بأنهم أعزة مادياً معنوياً ومالكون لحريتهم الفعلية في حياتهم المعيشية وفي مشاركتهم الديمقراطية فلن يتحقق فلاح أو إزدهار أو إستقرار".
--
noradin@msn.com