حروب دولة جنوب السودان وصلت أبعاداً كارثية
بدأ اهتمام المجتمع الدولي بأزمة السودان يتراجع إثر تصاعد الموقف الكارثي بسبب الحرب الأهلية الدائرة في جنوب السودان خاصة، وإن حل الأزمة السودانية قد استعصى على المجتمع الدولي على مدى أكثر من عقدين من الزمان والآن نرى بيانات مجلس الأمن تركز أكثر وأكثر على أزمة دولة الجنوب وأيضا لا تحقق تقدماً يذكر.
وبالأمس صدر عن مجلس الأمن تقريرأعده الأمين العام الجديد للأمم المتحدة بعد مناقشة الأوضاع في الجنوب، مع قادة الاتحاد الإفريقي ولقائه مع أصدقاء الايقاد واجتماعه المنفرد مع الرئيس سلفاكير،
وقال تقرير الأمين العام الجديد إن الأوضاع في دولة الجنوب الوليدة قد وصلت إلى مأزق كارثي غير مسبوق، وإن نشاط الميليشيات المنفلتة أصبح خارج نطاق السيطرة وأنه وضع إذا لم يتم تدارك الموقف فورا يهدد بانهيار كامل الدولة واستمرار العنف بين مختلف القوى هناك إلى أجل غير مسمى.
وأضاف الأمين العام الجديد إن السكان المدنيين يهربون من قراهم بأعداد غير مسبوقة وإن عدد النازحين واللاجئين قد تجاوز الـ5 ملايين ويساوي نصف عدد السكان، وإن العون الإنساني المطلوب لمواجهة أزمة النازحين واللاجئين يتجاوز البليون وسبعمائة مليون دولار ولا يتوفر شيء منها الآن، ورغم ذلك فإن احتمال تزايد أعمال العنف والإبادة الجماعية لبعض المجتمعات ما زالت قائمة ومتزايدة،
وحمل قوات الحكومة المسئولية الأكبر عن التطهير العرقي والقتل الكارثي الذي يحدث الآن في دولة الجنوب، لكنه أيضا حمل المعارضة الجنوبية المسلحة والميليشيات المتحالفة معها المسؤولية عن جزء من الانهيار الأمني،
وطالب الأمين العام قادة دول الجوار أن يبذلوا المزيد من الجهد للضغط على الرئيس سلفاكير، لأن يوقف أعمال العنف وأن يدعم عملية الحل السياسي وأن يلتزم بالاتفاقية التي وقعها مع الاتحاد الإفريقي لإحداث السلام وإنشاء حكومة وحدة قومية ومصالحة داخلية، والسماح بنشر قوة الحماية الإفريقية المكونة من 4000 عنصر، خاصة أن الدول التي ستشكل هذه القوة الإفريقية قد أعدت عناصرها العسكرية والمهمات العسكرية المطلوبة لهذه العملية، وباتت جاهزة للتحرك لدولة الجنوب متى ما أعلنت حكومة الجنوب استعدادها لاستقبالهم.
وكشف الأمين العام بعد لقائه الرئيس سلفاكير أن مناقشاتهما تطرقت إلى نشر هذه القوة وأن المحادثات أحرزت (بعض التقدم)، وقد فسرالمراقبون هذا التصريح بأنه يعني أن الأمين العام فشل في الحصول على قرار من رئيس الجنوب بالنشر الفوري لقوات الحماية الإفريقية، وليس ذلك مستبعدا لأن سلفاكير يعلم أن مجلس الأمن أضعف من أن يقرر أي تدخل عسكري في دولة الجنوب وأنه منقسم على نفسه في الطريقة التي يجب أن تتعامل بها مع انهيار الأوضاع الأمنية هناك،
إذ ثمة 4 دول أعضاء في مجلس الأمن ترى أن يكتفي المجلس بالضغوط السياسية، وإلا يفرض عقوبات أو يقرر تدخلا لأن ذلك قد يزيد الموقف تعقيدا، وهذه الدول هي روسيا والصين واليابان ومصر التي صوتت في شهر ديسمبر الماضي ضد قرار أمريكي بفرض عقوبات على دولة الجنوب، ولاحظ المراقبون أن اثنتين من هذه الدول - روسيا والصين - تتمتعان بحق النقض مما يعني أنهما تمتلكان القدرة على إجهاض أي قرار لا توافقان عليه.
يدور كل هذا النشاط الدبلوماسي بينما الأوضاع على الأرض تتدهور كل يوم وتزيد رقعة انتشار المجاعة وتزداد حركة اللجوء بالآلاف التي تهرب كل صباح
ولا يستطيع أحد أن يتكهن باحتمالات المستقبل في هذه الدولة،
التي لن تستطيع أن تصمد أمام هذه التحديات !