اعتقال شيوعيين يوضح ان امن نميرى تغلغل داخل التنظيم السرى
الرشيد الطاهر ومنصور خالد يتنافسان لكسب نميرى بداية دخول الاخوان المسلمين وزارة نميرى ------------------------------- واشنطن: محمد علي صالح تستمر هذه الحلقات عن وثائق امريكية عن السودان. وهي كالاتي: -- الديمقراطية الاولى (25 حلقة): رئيس الوزراء اسماعيل الازهري(1954-1956) -- الديمقراطية الاولى (22 حلقة): رئيس الوزراء عبد الله خليل (1956-1958) -- النظام العسكرى الاول (19 حلقة): الفريق ابراهيم عبود (1958-1964) -- الديمقراطية الثانية (29 حلقة): رؤساء وزارات: سر الختم الخليفة، محمد احمد محجوب، الصادق المهدي، محمد احمد محجوب (1964-1969). -- النظام العسكري الثاني: المشير جعفر نميري (1969-1979، اخر سنة كشفت وثقائها): ----------------------------- ما هو الارهاب؟ التاريخ: 25-1-1977 من: رئاسة الخارجية الى: سفراء ... الموضوع: الارهاب " ... كيف نواجه الارهاب؟ هل نجحنا في حل يجمع بين الردع المسبق والعقاب اللاحق؟ ليست هذه الرسالة قرارات، ولا حتى توصيات. لكن، مجرد نقاش حول الموضوع ... صار الارهاب العالمي حقيقة في نهاية الستينات، عندما قتل ارهابيون مواطنين أمريكيين، او خطفوهم. لكن، مؤخرا، زادت المشكلة: 1. تعمد الارهابيون اختبار الادارة الامريكية الجديدة (الرئيس كارتر). 2. اختلفت الدول العربية: تريد الدول المعتدلة، بقيادة السعودية، حلا وسطا للمشكلة بين اسرائيل والفلسطينيين. وترفض ذلك الدول المتطرفة، بقيادة سوريا والعراق. 3. زادت الاتهامات نحونا باننا مسئولون عما فعلت اسرائيل في لبنان. ومسئولون عن قرار السعوديين بعدم رفع سعر البترول. ومسئولون عن ما يلحق بالفلسطينيين ... في نفس الوقت، صرنا نتخذ اجراءات متشددة لحماية سفاراتنا في الخارج. خاصة في الشرق الاوسط. مثل سفارتنا في جدة ... لكن، هل نقبل او نرفض طلبات الارهابيين الذين يخطفون امريكيين ويطالبون بفدية؟ عندما خطف الارهابيون الفلسطينيون كليو نويل، سفيرنا في الخرطوم، وكيرت مور، القائم بالاعمال هناك، رفضنا. نستمر نرى ان هذه هي السياسة الصحيحة. لكن، لا تشمل هذه السياسة الصحيحة شيئين: 1. مطاردة الارهابيين، ومعاقبتهم. بالعكس، صار الارهابيون يفتخرون بانهم يؤلموننا الاما شديدة، وكثيرة، عندما يقتلون امريكيين. 2. معاقبة الحكومة التى تساعد الارهابيين، او تاويهم. صارت هذه الحكومات تعتقد اننا نراهم غير مشتركين اشتراكا مباشرا. اوضح قتل السفير الامريكي ومساعده في الخرطوم (سنة 1973) اننا نقدر على اتخاذ اجراءات عقابية مؤقته، مثل وقف المساعدات، او تخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي، ولكن، مؤقتا ... واوضح قتل السفير ميلوى، ومساعدة وارينغ، في لبنان (سنة 1976) اننا لا نقدر حتى على ذلك، لان حكومة لبنان لم تكن مسئولية مسئولية مباشرة ... قال لنا ذلك السعوديون. قال مساعد وزير الخارجية السعودي لسفيرنا في السعودية: "نتوقع الا تفعلوا مع الذين قتلوا سفيركم فى لبنان اكثر مما لم تفعلوا مع الذين قتلوا سفيركم في السودان ... هذا شئ حزين، لكنه واقعي." واضاف: "الم يستقبل الرئيس فورد الرئيس السوداني نميرى في البيت الابيض (سنة 1976)؟ الا يثبت ذلك انكم، في حالات الارهاب، لا تقدرون على ان تفعلوا اى شئ امام الامر الواقع؟" لهذا، نقدم هذه الاقتراحات: 1. نزيد حراسة السفارات والمؤسسات الامريكية فى الخارج. 2. نعيد النظر في سياسة عدم التفاوض مع الارهابيين الذين يخطفون امريكيا ويريدون فدية. 3. نعيد النظر في سياسة عدم مطاردة، اوقتل، او اعتقال، الارهابيين الذين يقتلون امريكيين. 4. نعاقب الدول التي تأوي ارهابيين، مثل ليبيا ..." (تعليق: بعد 20 سنة تقريبا من تردد امريكا في طريقة مواجهة "الارهاب الفلسطينى" (جورج حبش، نايف حواتمه، الخ ...) ظهر "الارهاب الاسلامي" (اسامة بن لادن، طالبان، حزب الله، الخ ...) في سنة 1991، دخلت القوات الامريكية الشرق الاوسط، لاول مرة في التاريخ. لتحرير الكويت من غزو العراق، ولحماية السعودية من غزو عراقي قالت انه متوقع. وفي سنة 2001، احتلت القوات الامريكية افغانستان. وفي سنة 2003، احتلت العراق. في ذلك الوقت، اعلن الرئيس جورج بوش الابن "غلوبال وور اون تيروريزم" (الحرب العالمية ضد الإرهاب). وحذر: "هل انت معنا، او ضدنا؟" حتى اليوم، يظل الاميركيون يناقشون: هل هو "الإسلام الإرهابي"؟ او "الإرهاب الإسلامي المتطرف"؟ او "العنف الإسلامي المتطرف"؟ او "التطرف الإسلامي العنيف"؟ في كل الحالات، صار واضحا ان الحرب الأميركية ضد الإرهاب لا نهاية لها. وانها حرب خفية وغير مباشرة ضد المسلمين، اذا ليس ضد الإسلام. هذا تغيير تاريخى كبير، وخطير، منذ أيام قتل الدبلوماسيين الاميركيين في السودان. أذا كان ذلك حدث الان؟!) ----------------------- اعتقال شيوعيين: التاريخ:30-1-1977 من: السفير، الخرطوم الى: وزير الخارجية الموضوع: اعتقال شيوعيين " ... أعلنت حكومة نميرى اليوم اعتقال 6 شيوعيين بتهمة الاجتماع لارسال متطوعين الى دولة شيوعية (لم تحدد) للتدريب على اعمال عسكرية. وان "وثائق هامة" صودرت. ثلاثة أعلنت الحكومة أسماءهم: احمد خليل، يوسف حسين، محمد مراد ... حسب معلوماتنا: 1. خليل: اختفى بعد محاولة الانقلاب الشيوعي في سنة 1971. وكان في قائمة امن نميرى عن المطلوب القبض عليهم. قبل ذلك، وفي سنة 1968، كان عضوا نشطا في الحزب. وقبل ذلك، كان درس في روسيا. وعندما عاد الى السودان، عمل في سفارة بلغاريا في الخرطوم. 2. حسين: اعتقل بعد محاولة الانقلاب، ثم اطلق سراحه. يمكن ان يكون الرجل الثاني في الحزب السرى، ويعتقد انه سكرتير التنظيم. درس الجيولوجيا في روسيا. وبعد عودته الى السودان، تفرغ للعمل الحزبي. 3. مراد: اعتقل بعد محاولة انقلاب سنة 1971. ثم اطلق سراحه. ولا نعرف معلومات عنه اكثر من هذا ... رأينا: 1. من المفارقات ان نميرى، امس، في مؤتمر الاتحاد الاشتراكي السوداني، الحزب الوحيد والحاكم، وبحضور وفود من دول اجنبية، من بينهم وفد روسى، دعا الى تحسين العلاقات بين البلدين "لمصلحة السلام، والصداقة، والحرية، والتقدم." 2. يوضح اعتقال هؤلاء، وخاصة يوسف حسين، ان استخبارات نميرى استطاعت التغلغل الى داخل الجهاز السرى للحزب ... (تعليق: بعد يوم من هذه الرسالة، وفي ختام مؤتمر الاتحاد الاشتراكي، عقد نميرى مؤتمرا صحفيا، انتقد فيه روسيا. ومما قال: "رغم تحسن في علاقاتنا التجارية والثقافية، نظل قلقين بسبب استراتيجيات الروس التي لا نقدر على ان نفهما بين يوم وليلة." وأضاف بان السودان يريد الاستفادة من علاقته مع روسيا، لكن روسيا "تعرض مساعدات مرفقة باهداف خفية. " وقال ان لابد من الحذر، وان العلاقات تستمر غير طيبة). ----------------------------------- وفاة عمر الحاج موسى: 2-2-1977 من: السفير، الخرطوم الى: وزير الخارجية الموضوع: وفاة مساعد هام لنميرى " ... توفى العميد المتقاعد عمر الحاج موسى، نائب الأمين العام للاتحاد الاشتراكي السوداني للتنظيم والإدارة. فقد وعيه خلال جلسات الاتحاد الاشتراكي، وبعد ان القى خطابا فصيحا، أشاد فيه بالرئيس نميرى. واعلن إعادة اختيار نميرى رئيسا للاتحاد الاشتراكي لثلاث سنوات أخرى ... رغم ان موسى ما كان عضوا في مجلس قيادة الثورة، وفي مجموعة الضباط الذين قادوا الانقلاب العسكرى عام 1969 الذي جاء به نميرى الى الحكم، صار مقربا من نميرى منذ البداية. وصار حلقة وصل مع الجماعات والأحزاب التقليدية والمدنية. وخاصة طائفة الختمية التي انتمى اليها ... نعتقد انه مات بسبب ضغط العمل عليه ..." (تعليق: قال عمر الحاج موسى في "الخطاب الفصيح" مخاطبا نميرى: "جئنا، ممثلو اهلك السودانيين. جئنا من كافة البلد. بعد ان هجرنا الرجز، وطهرنا الثياب. جئنا اتنين الف مندوب. وهنا، في هذه القاعة، جلسنا، قيافه، بعافيتنا، وسلامتنا. جئنا لابسين عاج، وحجل، وسديري، وقفطان، وملفحه، وعبايه، ومنصور خالد (كان لابسا بدلة انيقة وربطة عنق فيونكه). سيدي الرئيس: جلسنا، بعد ان دسنا علي القطيفه الحمراء الناعمه بنعلاتنا. نعلاة مقدوده، ومنعلته، ومخضبه بكل طين الجروف. جلسنا، وختينا كراع علي كراع. مستبدين. جلسنا انا وهؤلاء. بسملنا، وفحصنا التقارير، ونقنقنا، وسألنا: كيف؟ ولماذا؟ وأين؟ وكم ؟ وقررنا: ما اعظم مايو، وما اعظمك، وهتفنا: ينصر دينك...) -------------------------------- وزارة جديدة: 11-2-1977 من: السفير، الخرطوم الى: وزير الخارجية الموضوع: نميرى يعيد تشكيل وزارته " ... بعد ان فاز الرئيس نميرى برئاسة الاتحاد الاشتراكى السودانى، الحزب الوحيد والحاكم، وبعد ان ضمن إعادة ترشيحه لرئاسة الجمهورية في بداية الصيف لفترة 6 سنوات أخرى، أعاد تشكيل وزارته. وكان، في البداية، طلب من الرشيد الطاهر، رئيس الوزراء، تقديم استقالة الوزارة، ليقدر هو على إعادة تشكيها ... وكان بهاء الدين ادريس، وزير شئون الرئاسة، قال لى (السفير الأمريكي) ان اشاعات توتر في العلاقات بين نميرى والطاهر لا أساس لها من الصحة. وان نميرى يثق في الطاهر، رغم ان أعداء الطاهر يرسلون الى نميرى رسائل سلبية عن الطاهر ... (تعليق: تذبذب الرشيد الطاهر من حزب الى حزب. كان من قادة الاخوان المسلمين، حتى ظهر حسن الترابي، وهمشه. ثم انتقل الى الحزب الاتحادي، وكان من قادته. وعندما جاء نميرى، عارضه في البداية، ثم انضم اليه. يقال ان ذلك كان باذن من السيد الميرغنى، راعى طائفة الختمية. كدليل على تاييد الاتحاديين لنميرى. الرشيد نفسه قال ان الغاية تبرر الوسيلة. وانه، واخرين، يريدون تخلى نميرى عن العسكريين، والاعتماد على المدنيين). تشكلت الوزارة كالاتي: الرشيد الطاهر: رئيس وزراء عبد الله احمد عبد الله: الزراعة عبد الوهاب إبراهيم: الداخلية منصور خالد: الخارجية مأمون عوض أبو زيد: الحكومة المحلية مكاوى مصطفى: التخطيط الشريف الخاتم: المالية كرم الله العوض: الخدمة المدنية عبد الرحمن عبد الله: الصناعة والتعدين حسن عمر: العدل محمد هاشم عوض: التعاون امين أبو سنينة: دولة للزراعة احمد حسن يوسف: دولة للتربية والتعليم محمد طاهر: دولة لشئون مجلس الوزراء محمد بشير جمعة: دولة لشئون مجلس الوزراء حسن عابدين: دولة لشئون رئاسة الجمهورية بهاء الدين ادريس، دولة لشئون رئاسة الجمهورية الخاصة ... في مناصب مستشارى نميرى: مامون بحيرى، وزير المالية السابق، والمحامى المسيحي المشهور يوسف ميخائيل بخيت ... اختفى: عبد الله الخضر، وزير شئون مجلس الوزراء. ومحجوب مكاوى، وزير الخارجية. ويحى عبد المجيد، وزير التعدين ..." ------------------------------- رأينا (في خطاب منفصل بتاريخ 12-2-1977): 1. رغم الضجة والزخم عن إعادة تشكيل الوزارة، بقى رئيس الوزراء الرشيد الطاهر. وصار التشكيل إعادة تشكيل ورق اللعبة اكثر من تغيير الورق، او تغيير اللعبة ... 2. احتفط 18 وزيرا بمناصبهم. واضيف 5 وزراء جدد يمكن اعتبارهم تكنوقراطيين. 3. وزير الزراعة الجديد عبد الله احمد عبد الله حصل على دكتواره من جامعة كليفورنيا (ديفيز) بمنحة من وكالة المساعدات الخارجية الأميركية. 4. عبد الوهاب إبراهيم، عدو الشيوعيين الأول، ومدير جهاز الامن القومى، صار وزيرا للداخلية، وسيحتفظ بمنصبه الأول. يزيد هذا من تركيز الرئيس نميرى على الشئون الأمنية، خاصة بعد محاولة الانقلاب في الصيف الماضي (الغزو الليبي). 5. حسن عابدين، وزير دولة لشئون رئاسة الجمهورية، هو، أيضا، نائب امين عام الاتحاد الاشتراكي لشئون المعلومات. 6. يظل اهم شخصيتين في الوزارة الجديدة هما: الرشيد الطاهر، رئيس الوزراء، ومنصور خالد، وزير الخارجية. ويظلا يتنافسان ويتساومان. في الحالتين، صار واضحا انهما حلا محل العسكريين زملاء نميرى في مجلس قيادة الثورة الأول. لكن، هل سيتفقا؟ 7. اختفى مامون بحيرى من وزارة المالية، رغم ان الرشيد الطاهر كان يريد بقاءه، لكن عارض ذلك نميرى ومنصور خالد. 8. دخل الشريف الخاتم وزيرا للمالية، مكان بحيرى، كحل وسط، لان الخاتم صهر الرشيد الطاهر. 9. نقل مامون عوض أبو زيد، من أعضاء مجلس قيادة الثورة الى منصب اقل، مما يدل على افول نجوم زملاء نميرى العسكريين الأوائل. ويدل على قوة الجناح المدني في الوزارة، بقيادة الرشيد الطاهر ومنصور خالد. 10. خروج محجوب مكاوى من وزارة الخارجية كان متوقعا بسبب منصور خالد الذي صار مستشارا لنميرى للشئون الخارجية. وسرعان ما عاد الى وزارة الخارجية. نتوقع ان يستمتع خالد بالخارجية لانه يحب السفر. ونتوقع ان يترك شئون الوزارة اليومية للجنوبي فرانسيس دينق، وزير الدولة للشئون الخارجية. 11، نعتقد ان سيطرة عبد الوهاب إبراهيم على الامن ستقوى علاقات السودان مع الحكومات العربية المعتدلة (غير الثورية). 12. ليس سرا ان الرشيد الطاهر، وحسن عمر، وزير العدل، وعبد الوهاب إبراهيم عندهم ميول نحو تنظيم الاخوان المسلمين. بالإضافة الى بعض وزراء الدولة. ويجب ان نتذكر ان الرشيد الطاهر كان عضوا هاما في التنظيم، قبل ان ينضم الى الحزب الاتحادي الديمقراطي، ثم الى نظام نميرى ..." ======================= mohammadalisalih@gmail.com