لن يحرك ملفات السودان إلا أهل السودان

 


 

 

 

في شهر أبريل الماضي استطاع الممثل الخاص لبعثة السلام المشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي (اليوناميد)، أن يعبر للمرة الأولى عن قدر كبير من التفاؤل المشوب بالحذر، وهو يخاطب مجلس الأمن، ويقدم له تقريراً عن الأوضاع في ولايات دارفور السودانية، وأن يطمئن المجلس أن حدة القتال في الإقليم قد تراجعت، وأن هناك التزاماً من أطراف الصراع بوقف إطلاق النار، غير أنه حذر من ازدياد قطع الطرق والإجرام، إضافة للصراع القبلي،

ولم يكن يدور بخلد الممثل الخاص أن الهدوء الذي شهده في الميدان سيتبدد فجأة خلال شهر واحد، عندما اندلعت المعارك بين قوات الحكومة وقوات حركة التحرير جناح مناوي، وجيش التحرير فصيل المجلس الانتقالي، ولم تشجب الحكومة موقف الفصيلين فحسب بل أعلنت أن المهاجمين استعملوا أسلحة مصرية ومعدات عسكرية مصرية، كما اتهمت حكومة الجنوب بالضلوع في الإعداد لهذا الهجوم.

هذه الأحداث أعادت إلى المقدمة ضرورة مضاعفة الجهود للوصول إلى السلام العادل، عبر مفاوضات شاملة، وضرورة أن تعي كل الأطراف أن أزمة دارفور أزمة لا بد من التفاوض الجاد حولها، الذي يصل إلى جذور المشكلة، ويستجيب للمطالب المشروعة للسكان عبر المفاوضات لا في ساحة القتال، وأنه لا بديل لاتفاق محدد التفاصيل لوقف إطلاق النار حتى يتهيأ الجو لمفاوضات مجدية.

دول الترويكا (أميركا- بريطانيا-النرويج) سارعت إثر اندلاع هذه المعارك لإصدار بيان نصحت فيه كل الأطراف للتفاوض الفوري حسب خريطة الطريق المتفق عليها، والحفاظ على وقف إطلاق النار حتى تتم التسوية الكاملة للأزمة التي قادت إلى هذا الاحتراب.

حزب الأمة من جانبه تدخل في هذا الجدل، فأصدر بياناً أيد فيه دعوة (الترويكا)، وقال إن ما ورد في بيان الترويكا يتطابق تماماً مع موقف الحزب المدعوم من نداء السودان، وقال بيان حزب الأمة:

(إن بيان مجموعة دول الترويكا ومناشدتها لكافة أطراف الصراع لوقف العدائيات، وتمكين وصول الإغاثة، وتنفيذ الحوار بإشراف الآلية الإفريقية، وفق خريطة الطريق يعبر في جوهره عن موقف الحزب)

وقال حزب الأمة إن هذه الاستراتيجية هي السبيل الوحيد للحوار الشامل المطلوب لإنهاء الاقتتال والاستقطاب، والتطبيع مع الأسرة الدولية، وبدونها لن يتحقق سلام واستقرار أو حقوق الإنسان في السودان!!

وناشد حزب الأمة جميع القوى الوطنية والإقليمية والدولية والمحبة للسلام والديمقراطية أن تصطف مؤيدة لهذه الاستراتيجية.

والحكومة من جانبها ردت على بيان الترويكا، بأن حملت قوات مناوي مسؤولية انتهاك وقف إطلاق النار وتجدد القتال، وقالت إن قواتها تحركت دفاعاً عن النفس تجاه هذا العدوان، وهو دفاع مشروع،

ويبدو أن هذه المعارك وردود أفعالها مرشحة لأن تفتح ملف دارفور من جديد، لكن لا يبدو أن هناك إرادة سياسية لدى الأطراف المختلفة لأن تحرك الملف بطريقة جادة، خاصة وأن التطورات الإقليمية والدولية في هذه المنطقة بلغت درجة من التصعيد جعلت المشكلة تتراجع إلى آخر الأجندة الدولية،

ولا نتوقع نتائج عملية لهذه البيانات والتصريحات المتبادلة من كل الأطراف،

دارفور بل والسودان لم يعد رقماً هاماً في الأجندة الدولية،

ولن تتحرك ملفاته ما لم يحركها أهله !!

 

آراء