السودان: انتهاكات حقوق الإنسان محطة لا يمكن تجاوزها

 


 

 

 

الجمعة، 29 سبتمبر 2017 

مواصلة لما أثرتُ في هذه المساحة الأسبوع الماضي حول تقرير الخبير المستقل والمعني بحقوق الإنسان في السودان، والذي عيّنه مجلس حقوق الإنسان، وهو التقرير الذي كان من المقرر مناقشته أمس الخميس في نهاية دورة مجلس حقوق الإنسان في جنيف، وبصفة خاصة توصيات الخبير المستقل لمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان في السودان، والتي استعرضناها في مقالنا السابق.
التقرير يغطي الفترة من أكتوبر عام 2016 وحتى شهر يونيو من هذا العام، وقد عُرض هذا التقرير مسبقاً على الحكومة السودانية، وقد أعدت الحكومة رداً على ما أثاره الخبير من انتهاكات، وبعثت به إلى المجلس، وقد تم توزيع رد الحكومة على الأعضاء، وسيدور الحوار على أساس التقرير وتبريرات الحكومة التي اشتمل عليها ذلك الرد الرسمي.
والواقع أن الحكومة استندت أساساً على التركيز على عقد مؤتمر الحوار وعلى الانحسار الذي حدث في المعارك في ميادين النزاعات، بينما الخبير أشار فعلاً للتطورات الإيجابية التي حدثت لكنه وثق واستعرض تحديداً الانتهاكات، وهذه هي القضايا الأساسية التي تحاسب الحكومة على أساسها، وهي ثابتة وموثقة.
ويبدو أن الخبير كان مدركاً للتبريرات التي ستلجأ لها الحكومة، ولذلك فإن التقرير أشار بوضوح إلى حدوث بعض التطورات الإيجابية، ولكنه استعرض الانتهاكات بالتفصيل وطالب الحكومة بوضع حد لها، فقد قال التقرير:
«يسلم الخبير المستقل بأن الحكومة قد اتخذت بعض الخطوات الإيجابية في مجال حقوق الإنسان، ورغم التطورات الإيجابية لا يزال الخبير يشعر بالقلق بشأن عدد من مسائل حقوق الإنسان التي - إلى حد كبير - لم تعالج بعد، ووقوع انتهاكات للحقوق المدنية والسياسية بعد إجراء الحوار الوطني هو أمر يثير قلقاً بالغاً،
ويشعر الخبير بقلق خاص إزاء حوادث المضايقة وإلقاء القبض والتعذيب والاحتجاز المطول التي يتعرض لها أعضاء منظمات المجتمع المدني على أيدي أفراد جهاز الأمن الوطني، ولا تتوفر لهم إمكانية اتصالهم بممثل قانوني أو بأسرهم، ومما يدعو للقلق أيضاً الرقابة القائمة على الصحف وزيادة القيود المفروضة على الصحافيين لمنعهم من التعبير عن آرائهم بحرية».
ويضيف الخبير المستقل في تقريره:
«ورغم حدوث تراجع في العمليات العسكرية بين القوات الحكومية وحركات المعارضة المسلحة، فإن انتشار الجماعات المسلحة التي تعمل في ظل حالة إفلات كامل من العقاب، ومنها ميلشيات مدعومة من الحكومة وجهات مسلحة أخرى، هو أمر يشكل تهديداً خطيراً للمدنيين ولحقوق الإنسان، وتقع على عاتق الحكومة المسؤولية الرئيسية عن ضمان حماية المدنيين».
ومهما كانت التبريرات الحكومية، ومهما كانت القرارات التي يتوصل إليها اجتماع المجلس في اجتماعه بالأمس، فإن تقرير الخبير المستقل سيظل مرجعاً رسمياً لانتهاكات حقوق الإنسان في السودان، التي ينبغي على الحكومة أن تأخذها مأخذ الجد، باعتبارها شهادة من خبير مستقل،
وستعتمد عليه العديد من الحكومات في تحديد موقفها من السودان الذي يسعى جاهداً لتصحيح صورته لدى المجتمع الدولي، ومحاولة التطبيع مع الدول الكبرى والتعاطي معها سياسياً واقتصادياً،
وينبغي أن يدرك أن ذلك التعاطف لن يتحقق،
ما دامت هذه هي صورته !!

 

آراء