إستقراء التاريخ والواقع البئيس

 


 

 


كلام الناس

*القراءة الثانية للقصص والروايات التي سبق قراءتها تفتح أمام المرء دروباً جديدة كأنه لم يمر عليها من قبل، وهذا ما شعرت به بعد إعادة قراءتي لرواية" اللجنة" لصنع الله إبراهيم.

*رغم أن أحداث الرواية تدور في حقبة تأريخية سابقة إلا انها محشودة بالإضاءات المسلطة على واقع بلادنا البئيس على الصعيدين الرسمي والمجتمعي، خاصة عنما نتوقف عند جملة صنع الله المفتاحية في الرواية وهو يقول على لسان البطل: هذا يبين حجم الخسارة التي أُصبنا بها وأُصيبت بها الحضارة وقضايا الإشتراكية والسلام والديمقراطية.
*تمضي الرواية في تسلسل مشوق حول البطل الذي لم نعرف هويته ولا سبب مثوله أمام اللجنة التي لم يكشف لنا الراوي عن طبيعتها، لكن القارئ يستطيع ببساطة التمييز بين مواقف المواطنين التي يجسدها البطل وبين مواقف السلطة التي تجسدها اللجنة الحاكمة.
*ليس هناك مجال لسرد أحداث الرواية التي ظلت تدور في محيط التحقيق متعدد الأشكال مع البطل المواطن الذي لم نعرف القضية التي وقف فيها أمام اللجنة إلى ان تورط أكثر عندما وجد نفسه مضطراً للبحث عن أسباب الظواهر وعلاقة الأحداث بالمتغيرات المحيطة، حتى إنتهى به المطاف متهماً في قضية قتل أحد اعضاء اللجنة.
*تعالوا معاً نستمع إلى مرافعته عن نفسه أمام اللجنة وهو يقول : إنني ضحية طموحي من ناحية وشغفي بالمعرفة من ناحية أخرى ولولا الخاصية الثانية لما وقعت في هذا الموقف الان.
• *يمضي البطل مدافعاً عن نفسه قائلاً : إن نظرة واحدة للواقع العربي تكفي للبرهان على صحة قولي، لكن المفاجأة الغريبة جاءت في حكم اللجنة عليه وهي تواجهه بالحكم الصادر ضده : في حالك أنت - التي تابعتها بإهتمام - ليس هناك أقصى ولا أقسى من الأكل.
• *يخرج البطل من أمام اللجنة ليدخل في إمتحانات سلوكية وقيمية يواجهها في البص عندما تحرش أحدهم براكبة وعندما نبهته للإبتعاد عنها صفعها وكال لها السباب، وعندما تدخل بطل الرواية لم يسلم من الإذى والإساءة، وفي المستشفى وجد نفسه في مواقف شبيهة وحتى في العيادة الخاصة من الطبيب المعالج.
• *خلص الراوي إلى نتيجة لخصها البطل المواطن في قوله الموجه للجنة : لقد إرتكبت منذ البداية خطأ لايغتفر، فقد كان من واجبي لا أن أقف امامكم وإنما أن أقف ضدكم ... تبينت من إستقرائي للتأريخ وللحالات المماثلة أنه عن طريق عملية التغيير والإحلال المتكررة ستفقد جماعتكم تدريجياً مالها من سلطة.
• *رغم هذه الإضاءة الأهم في طريق المستقبل المبشرة بالتغيير المنشود.
• في رأيي الشخصي أخطأ صنع الله إبراهيم عندما أنهى روايته بصورة إنهزامية وكأنه ينفذ حكم اللجنة في البطل المواطن حين جعله يرفع ذراعه المصابة ويبدأ يأكل في نفسه!!.

 

آراء