من المسلم به أن لكل ثورة، ثورة مضادة لها ، وأن انتصار قوى الثورة أو الثورة المضادة في هذا الصراع أو ذاك؛ مرهون بعوامل القوة التي تمتلكها أي منهما ، و عوامل الضعف الكامنة في جسد هذا الطرف أو ذاك، المؤثرة سلباً في صراعه مع الطرف الآخر؛ وحين ندقق النظر في هذه
المراقب للمشهد السياسي السوداني يلمس ثمة ازمة في آلية تفكير بعض النخب السياسية والفكرية كون أنهم يتمسكون بما يؤمنون به من تصورات واعتقادات ومفاهيم، تمسك الاعمى بعكازه ولا يتوانون عن إصدار أحكام جازمة وفقا لها، ويتعجب المرء من سلوك هذه النوعية من النخب
قد أدبر عام على انفجار بركان الثورة السودانية الثالثة، التي أطاحت بأحد أبشع نظم الاستبداد العقائدي في المنطقة، ولا تزال العديد من الصعوبات والعقبات تعترض طريق الوصول إلى الغايات التي ابتغاها الشعب السوداني من ثورته؛ ولكن رغم ضخامة التحديات، وعظم المعضلات التي تنتظر حلولاً ناجعةً وسريعة،
مستوى انحسار حلم الحركة الاسلامية السودانية المريع من شعار (امريكا روسيا قد دنا عذابها) الى (بري شمبات قد دنا خرابها) يوضح سبب انحدار سمعة الدولة السودانية في نظر العالم كما يبين دون ادنى لبس مستوى العقول التي تدير قيادة (جماعة) تدعي انها اسلامية وذات مشروع
فليترجَّلَ (المُتأسلِمة) من كل جنس ونوع عن برج وَهْمُهم الساقط بأنهم (الأعْلَوْنَ) ليروا الامور على حقيقتها فما الشيوعي إلا فصيل وطني ثَائِرٌ ضمن فصائل الشعب السوداني الثَائِرٌ اليوم على مشروع الضَّلال الذي دمر الوطن.
كثير من الشواهد المادية اليوم تدل كما ذكرنا في الجزء الأول من هذا المقال على أن غبار المماحكات السياسية قد أنحسر نهائيا، وأن معظم مكونات المشهد السياسي المعارض قد تمحور حول الأهداف المنشودة من التغيير الثوري فبعد أن نضج العامل الموضوعي فعليًّا، ها هي قوى
إنقشع غبار المماحكات عن المشهد السياسي السوداني، واتضحت صورة الاصطفاف الجديد بصورة لا لبس فيها، وقد شارفت عملية الفرز التاريخي لمكونات المشهد السياسي نهاياتها الحتمية، وأخذت المؤشرات الدالة على بلوغ الاصطفاف مرحلة التمحور حول ثوابت لبناء تيار