(Lean on Me) أو نظام التكايا في الحرب الضروس!

 


 

 

حسين عبدالجليل

أبتدع أهلنا زنوج أمريكا أغاني البلوز , و كون أن يكون المرء "بلو" في العامية الامريكية فذلك يعني أنه حزين , والحزن متجذر في كثير من أغانيهم, و لاضير في ذلك فهم شعب عاني من أهوال العبودية و التفرقة العنصرية لمئات السنين. الحزن (البلوز) في كثير من أغانيهم لاينم عن استسلام للاحباط و للهزيمة النفسية, فدوما هنالك بارقة أمل ما.

و لعل أغنية بيل وزرس Lean on Me تجسد ماعنيته.
بعض كلمات الاغنية تقول:

اتكئ عليَّ عندما تكون ضعيفا
و سأكون صديقا لك و سأساعدك لتواصل المسير
فربما لن يمر وقت طويل حتي أحتاج انا نفسي لشخص استند عليه!

نظام التكايا كان يوجد قديما في كثير من الأمصار التي يقطنها المسلمون. وكانت تلك التكايا تقدم المأوي و الطعام مجانا للمتصوفة المتجولين و لغيرهم من أبناء السبيل. فبحسب صاحبة رواية "قواعد العشق الأربعون" فان شيخ "تكية بغداد" هو الذي أشار علي الدرويش المتجول "شمس التبريزي" بالذهاب الي قونية لكي يجد تلميذه المثالي: جلال الدين الرومي .

و قبل وصول التبريزي لتكية بغداد ببضع سنوات كانت عائلة الرومي, مثلها مثل ملايين الأسر السودانية حاليا, تهرب من زحف المغول. فما أن يدخل المغول مدينة الا و تتركها لمدينة أخري , حتي أستقر بهم المقام في مدينة قونية (بتركيا الحالية).

في معجمه "قاموس اللهجة العامية في السودان" , يُعَرٍف عون الشريف قاسم التكية بالتالي:
"التكأة, مايتكيئ عليه الفقير. قال الشايقي:
خلواتكم دايما تكية.
و قال العبدلابي في الشيخ عجيب:
واقف وقفو
و تكيتو تدور "
-انتهي الاقتباس-

لعل السودانيين هم الذين حافظوا علي أرث التكية و الذي اندثر في معظم البلاد الاسلامية الأخري, فأي مَسِيد في أي قرية سودانية يعتبر تكية لكل عابري السبيل, حيث يمكنهم المبيت فيه كما و يزودهم أهل القرية بالطعام خلال أقامتهم القصيرة بالمسيد. وهذ هو الأرث الحضاري الذي أستند عليه شبابنا في أحيائهم و تطويرهم للتكايا لتكون مطاعم مجانية لسكان أحياء كاملة خلال الحرب.

و من يعتمد علي التكايا في طعامهم, خلال الحرب, هم أناس عزيزين أفقدتهم الحرب كل ممتلكاتهم المادية, وكان بعضهم قبل ذلك يطعم المسكين و يكفل اليتيم و يعين غيرهم علي نوائب الدهر!

فشكرا للشباب و الشابات الذين يشرفون علي تكايا أطعام الناس في العاصمة المثلثة و غيرها, فأؤلائك هم القادة الحقيقيين وشتان مابينهم و بين من يدعي القيادة من لوردات الحرب و نافخي الأبواق و ناشري الكراهية, و هذه دعوة لمن يستطيع من سوداني المهجر أن يزودهم ببعض التبرعات التي ستعينهم في : ( اطعام في يوم ذي مسغبة),

وكل من يتصدق باخلاص لفعل الخير هذا فسيؤتيه الله أجرا عظيما. و لمعرفة قيمة الصدقة مقارنة باعمال الخير الاخري ماعلينا سوي تدبر الآية الكريمة (وأنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين ) أي أنه عند الموت/عند لحظة الحقيقة المطلقة التي ينكشف فيها الغظاء, فكل ماسيطلبه المرء حينئذ هو أعطاءه لحظات اضافية ليتمكن من التصدق, فما شاهده الميت في الجانب ألآخر من الوجود جعله يصل لهذه القناعة و يسعي لتنفيذها مباشرة ان قيض الله له العودة للدنيا , فليتنا نفعل ذلك الآن بالتبرع لتكايا اطعام أهلنا ضحايا الحرب .

husseinabdelgalil@gmail.com

 

آراء