انتهى الدرس.. ونقول لجماعة الساعة الخامسة والعشرين لا فائدة من محاولة استدراك ما فات بعد ثلاثين عاماً كان لكم في كل يوم منها 24 ساعة كاملة! الآن لا تجدي الهرولة ولا بد من التغيير الجذري واقتلاع الفساد والطغيان من الجذور؛ فحال السودان لن يستقيم بالمعادلات الحالية، أو بالوعود والحديث عن (بداية) محاربة الفساد) أو (الشروع فوراً) في إنهاء المحسوبية والاحتكار أو التعهد (بسرعة) توفير الدقيق، أو (اقتراب) وصول النقود المطبوعة أو (التوجيه) بمتابعة تخصيص المال لاستيراد الدواء، أو (الدعوة) لمحاورة الشباب والأحزاب أو (تقديم) موعد الانتخابات أو تأجيلها..! كما لا تجدي محاولات النصح التي يقوم بها من يسمون أنفسهم علماء السودان، والذين بقوا على المنابر ثلاثين عاماً صامتين عما يدور، وهم يهرولون الآن إلى حيث السلطة ليقدموا النصح!..ولكن هل يكون النصح في الشأن العام ومصائر الأمة سراً؟ ولماذا لا يكون النصح من المنابر؟ ثم هل النصيحة لا تتم إلا بهذه الاستكانة والضيافة الفاخرة؟ وهل يصح أن يكون مناخ النصيحة بهذا المنظر الذي رأى الناس عليه (علماء السودان) صامتين وأمامهم صحاف الطعام!
هذه الهرولة لا تجدي وقد فات وقتها و(مات مغنيها)! ومن هؤلاء أحد الغاضبين على الاحتجاج متقاعد قضى سنوات كالحة في سلطة القبض والحجز و(البصبصة) والافتئات على خصوصية البشر، (وكانت قد سُرقت عملات صعبة من منزله على رأسها الإسترليني والدولار! وهو الذي قال في حوار منشور إن سياسة السودان الخارجية كانت تدار من بيت الترابي) قال هذا الرجل إن الذين خرجوا للاحتجاج أولى بهم أن يتوجهوا إلى السفارة الأمريكية! (أي والله).. لأنها كما قال هي السبب في فقر السودانيين! وتمشياً مع منطقه لماذا لا يأخذ المبادرة ويذهب هو وجماعته إلى السفارة التي يعلم موقعها للاحتجاج على تسببها في فقر الناس؟ لماذا لا يأخذوا (فضل الاحتجاج) على الأمريكان بدلاً من أن يتركوه للآخرين! إنه يتحدث بهذا الغثاء حتى يصرف الناس عن القضية الأساسية فهو يعلم أن الاحتجاج ليس على المعيشة وإنما على الأسباب الرئيسية في ضيق المعيشة وضيق المواطنة واستمراء القلة - وهو منهم- التنعم وحدهم بثروات البلاد وسط تلال من الإفقار والحرمان؟ ألا يعلم شرط الحرية والكرامة والمنابع الحقيقية للأزمة.. وحتى إذا افترضنا أنه يعيش مثل كثيرين من إخوته في انعزال كامل عن مجريات الحياة التي يعيشها عامة المواطنين ويقيم في (جيتو) لا تصل إليه صيحات مظالم البشر، وإذا افترضنا أن الحصار الاقتصادي هو ما يجب الاحتجاج عليه؛ فمن المتسبب في الحصار؟ وهل قاطعت جماعته أمريكا أم أنها تفتح (خشم البقرة) بحثاً عن ما يسترضيها؟ وإذا كان هناك حصار اقتصادي فهل تضرر هو وجماعته من هذا الحصار؟ إذا كان الحصار قد أضرّ بهم فكيف تشهد فترة الحصار كل هذا التطاول في البنيان وزيادة فخامة الدور والقصور ورياش المكاتب والأسفار الملوكية ومواكب السيارات الفارهة والمخصصات السخية حتى لمن هم خارج مناصب الدولة، ومباهج ومحافل (ألف ليلة وليلة) التي زادت ولم تنقص؟ أين الحصار من نضارة الخدود والجلابيب والامتدادات الجسمانية والزيجات المتلاحقة..! أين أثر هذا الحصار عليكم!
murtadamore@yahoo.com