أُمُّنَا إفْرِيقِيَا

 


 

عمر شبرين
12 March, 2025

 

أُمُّنَا إفْرِيقِيَا / من ديواني الخامس

يَا أُمَّنَا السَّمْرَاءَ يَا إِفْرِيقِيَا
يَا بِلادَ الشَّمْسِ وَ الأبَنُوسِ
وَ الْجُسُومِ الْعَارِيَةْ
وَتَعَاوِيذِ الدِّيَانَاتِ الْقَدِيمَةْ
وَالنُّقُوشِ عَلَى الصُّخُورِ
وَ الْحَضَارَاتِ الْفَرِيدَةِ الفَانِيَةْ
فِي الْكُهُوفِ وَ فِي الْمَغَارَاتِ السَّحِيقَةْ
وَالسَّعَالِي وَ الأحَاجِي
وَ الْخُرَافَاتِ الْغَرِيبةْ
وَ أسَاطِيرِ الشَّعُوبِ الفَانِيَةْ

كَمْ سَمَا فِي لِيْلِكِ الدَّاجِي عَمُودٌ مِنْ لهِيبْ
فَأحَالَ لَيْلَ سَمَائِكِ الْحُبْلَى
وَ الدَّيَاجِيرَ وَسِحْرَ الْغَابِةِ اللَّفَّاءِ
إلِى شَيْءٍ عَجِيبْ !!
طَلْسَمٌ لَمْ يَدْرِ كُنْهَهُ ،
لا السَّعَالِي السَّاكِنَاتُ عَلَى الشِّعَافِ
فِي لُجَّةِ الْجَبَلِ الْمَهِيبْ
وَ لا إبْلِيسُ فِي الأبْحُرِ يَغُوصْ!!
أَوْ عَلَى ظَهْرِهَبوبْ!
نَسِيجُ نَفْسِكَ أَنْتِ يَا أُمَّ الْحَضَارَاتِ
وَ يَا مِسْكَ الشُّعُوبْ
الْحِياةُ الْبِكْرُ فِيك سِحْرُهَا يُسْبِي الْقُلُوبْ

يَا نَضَارَاً وَلُجَيْنَاً نَامَ فِي الأعْمَاقِ
مِنْ زَمِنٍ عَهِيدْ
وَلأجْلَ هَذَا قَدْ تهَاوَى فِي مِجَاجِكِ
كلُّ صُعْلُوكٍ شَرِيدْ
كَالذُّبَابِ، جَحَافِلٌ مِنْ كُلِّ فَجٍّ
وَ كلِّ مُنْتَهِزٍ عَنِيدْ !
جَاءَ يَفْتَرِعُ الْعَذَارَى السُّمْر
يَبْتَغِي جَلْبَ الْعَبِيدْ!
وَ الثَّرَاءَ مِنْ الْكُنُوزِ
وَ هَبْرَةَ الْمَالِ الْعَدِيدْ
يَا بِلادَ الْعَاجِ وَ الألَمَاسِ وَ الأنَانَاسِ
وَ الطَّلْعِ النَّضِيدْ
وَ الُوُجُوهُ السُّمْرُ تَكْدَحُ
تَحْتَ قَرْنِ الشَّمْسِ
مِنْ عَهْدٍ بعِيدْ !!

لِمِثْلِ سِحْرِكِ كَانَ سِنْغُورُ يُغَنِّي
يَا مَلاذَ الْبَائِسِينْ
يَا بِلادَ الْعَاجِ وَ الأبَنُوسِ
وَ الْكَنْزِ الدَّفِينْ
يَا رُوَاءَ الْكَوْنِ وَ الشَّمْسِ الُوَضِيئَةِ
وَ الْقَمَرُ مَنْتَقِبٌ وَ سَافَرْ
يَرْبِط الْعُشَّاقَ وَجْدَاً
مَثْلَمَا شُدَّ الْوَضِينْ !
وَ يَمُوتُ مِنْ فَرْطِ الصَّبَابَةِ
كلُّ مُلْتَاعٍ حزِينْ
كَانَ للْعَهْدِ حفِيظا
حَادِبَاً ثَمَّ أَمِينْ
سَامَهُ الْوَجْدُ عَذَابَا
فَغَدَا يُغَالِبُ ثُمَّ يَنْدُبُ حَظَّهُ
مِنْ سَطْوَةِ الزَّمَنِ الْخَؤونْ

هَجَمُ الْغُزَاةُ الفَاتِحُونْ
جَاءَ الْعُتَاةُ الْمُجْرِمُونْ
مِنْ الْمَنَافِي وَالسُّجُونْ
وَ كُلُّ مَعْتوهٍ دَعِيٍّ
وَ كُلُّ أفَّاكٍ أَثِيمْ
وَ كُلُّ فظٍّ فَاجِرٍ
مَارقٍ نَزِقٍ زَنِيمْ
يُفْسِدُون وَ يَسْرِقُونَ
وَ يَنْهبُون وَ يَحْرِقُونَ

السَّادَةُ الْمُتَشَدِّقُونْ
بِالْحَضَارَةِ وَ الرُّقِيِّ
بَاسْمِ الرِّيَادةِ وَ الفُنُونْ
دَاسُوا عَلَى عَرْضِ الْعَذَارَى وَالأيَامَى
أَسَرُوا الْحَرَائِرَ وَ الرِّجَالَ
وَ أرْسلُوهُم فِي السَّفَائِنِ
وَ الْقَوَافِلِ بِالحَدِيدِ مُصَفَّدُونْ
جَاءَ الْغُزَاةُ إِلَى تُرَابِكِ
عَبْرَ السِّنِينَ قبَائلاً يَتسَابَقُونْ
جَاءُوا زُرَافَاتٍ وَوِحْدَانَا
يُدَنِّسُونَ تَرَابَكِ الْبِكْرَ الْعَفِيفْ
بَالْمَكْرِ وَ الْبَأْسِ الشَّدِيدْ
مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونْ
فَعَاثُوا فِي الأرْضِ الْفَسَادْ
وَ أَسْرَفُوا قَتْلاً وَ سَبْيَاً وَ احْتِقَارَاً
لِلْمُكْرَهِين الْبَائِسِين!!
جَاءَ الطُّغَاةُ الْبِيضُ، زُمَرَاً
بَاسْمِ التَّدَيُّنِ وَ الصَّلِيبْ
وَ رِفْعَةِ الإنْسَانِ ، أَنَّى يُؤْفَكُونْ!!

أغْرَاهُمُ الشَّيءُ الْكَثِيرْ
فَأَقْبَلُوا يَتَسَابقُونَ وَ يُوفِضُونْ
أغرَاهُمُ الْقَمَرُ الْمُوَشَّحُ
بِغَلالاتِ السَّدِيمْ
وَقَوْسَ اَلسَّمَاءِ اَلْحُلْوِ قَدْ لَاحَ بَهِيًّا
يُوَشِّحُ الأُفَقَ الْمُبِينْ
وَ سَمَاؤُكِ الزَّرْقَاءُ حُبْلَى
بَالنَّيَازِكِ وَ النُّجُومْ
وَ الْغَابُ وَ الأنهَارُ وَ الأوْدَاءُ تَزْهُو
وَ رُبَاكِ وَ الصَّحْرَاءُ وَ الشَّمْسُ المُشِعَّةٌ
وَ سِحْرُ حُسْنِكَ فِي الْخَرِيفْ
وَفِي دُجَى اللَّيْلِ الْبَهِيمْ

يا بِلادَ الأَنْهُرِ الْعَذْرَاءِ تَجْرِي
مُنْذُ عَهْدِ الْغَابِرِينْ
يَا بِلادَ الرَّعْدِ وَ الأَضْوَاءِ
وَ الْبَرْقِ وَ الأُفُقِ الممـد
مُتْعَة لِلنَّاظِرِينَ
وَ غَرَائبِ الْغَابَاتِ وَ الأشْجَارِ سَامِقَةً
عَلَى مَرِّ اللَّيَالِي وَ الدُّهُورْ
وَ الأيَائِلِ وَ السِّبَاعِ
وَ الظِّبَاءِ مِنْ كُلِّ لَوْنْ ،
وَ سِحْرُ الْغَابَةِ الْعُظْمَى
وَ الْبَحْرُ وَ الأجْبَالُ تَشْمَخُ
فِي عنَانِ الجَّوِّ
مِيرُو وَ كِيبُو وَ كَلِمِنْجَارُو
وَ الْوَادِي الْعَجِيبْ
حُسْنٌ وَ سِحْرٌ وَ بَهَاءْ
يُورِثُ الْقَلْبَ الْوَجِيبْ
أَلا قَاتَلَهُم اللهُ أَنَّى يُوجَدُونْ!!

حَسَدُوكَ بَغْيَاً أَنْ حَبَاكِ اللهُ
بِالْخِيْرِ الْعَمِيمْ
وَ نِيلُكَ الفَضِّيُّ يَجْرِي
بِالَّلآلِئِ وَ النَّضَارِ وَ بِاللُّجَيْنْ
سَرَقُوا الَّلآلِئَ وَ الْكَنُوزْ
لَمْ يَتْرُكُوا أَثَرَاً إلا سَرَقُوهُ
أَوْ شَوَّهُوهُ أَوْ أَحْرَقُوهْ
وَ كنُوزَ مِصْرَ وَ الْعِرَاقِ وَغَيْرِهَا!
وَ مَا كَنْزُ سِيغو بِبَعِيدْ
وَلا أَمْوَالُ مَانْسَا
وَ قَصْرُ بِينِين الثَّمِي

وَ مِنْ عُتَاةِ السَّارِقِين
لَمْ يَكن فرْلِينِي وَحْدَهُ
السَّارِقَ النَّكَدَ اللَّعِينْ
بَلْ كَانَ فِرْلِيني، وَ أرشِينَارُ
وَ بُونَابُرتُ وَ الْغَاصِبين الآخَرِينْ
جَرَائِمُ لَنْ يضيعها الزَمَنٌ
وَلا التَّقَادُم سَوْفَ يُسْقِطُهَا
عَلَى مَرِّ السِّنِينْ!!

الجَوْف
٢٢/ ٢/ ٢٩٢٢
whatsapp + 249113543012

oshibrain@myyahoo.com

 

آراء