إثيوبيا… فجر النهضة في قلب القرن الإفريقي

aminoo.1961@gmail.com
بقلم: امين الجاك عامر المحامي

شاهدت اليوم مقطعًا متداولًا في الوسائط الاجتماعية يوثّق لحظة تسليم عشرات الآلاف من المنازل النموذجية للمزارعين في مقاطعة سلطي بإقليم الوسط الإثيوبي، وذلك في إطار مبادرة رئيس الوزراء آبي أحمد لتطوير الريف والنهوض بالمجتمعات الزراعية.

قالوا: ومن رأى ليس كمن سمع. لقد منحتني الأقدار فرصة رحلة برية مكّنتني من أن أرى بعيني لا بأذني، وأتأمل عن قرب ملامح دولة إثيوبيا الفتية، وهي تنفض عن نفسها غبار الحروب وتخطو بثبات نحو المستقبل.

وأنا أعبر أراضيها رأيت مزيجًا مدهشًا من الطبيعة والتخطيط، حيث تمتد الطرق المسفلتة في انسياب بين الجبال والسهول، كأنها شرايين حياة تربط الحاضر بالمستقبل.
وشاهدت القرى التي كانت بالأمس تعيش في عزلة الجبال والكهوف وقد تحولت اليوم إلى تجمعات حديثة، ببيوت منظمة ومشاريع إسكان متكاملة نقلت الإنسان إلى بيئة أكثر أمانًا وكرامة.

في الريف الإثيوبي يلمس المرء روحًا جديدة؛ مدارس بُنيت في أماكن كانت بالأمس النائية، ومراكز صحية تخدم القرى، ومبادرات زراعية تعيد للأرض عافيتها وتربط الفلاح بالتنمية. كل ذلك يجري في انسجام مع إرادة إنسانية صلبة، يتجلى فيها الإيمان العميق بأن البناء ممكن، مهما أثقلت الحروب كاهل الماضي.

ما شدّني أكثر هو وجه الإنسان الإثيوبي:بشوش، فخور، متفائل، يشارك في الإعمار وكأنه يكتب سيرة وطنه من جديد.
التحايا الصادقة التي تتلقاها في الطرقات، والابتسامات التي تسبق الكلمات، تُشعرك بأن هذه الأمة اختارت طريق الحياة بعد أن خبرت مرارة الصراع.

إثيوبيا اليوم ليست فقط مشروع تنمية، بل قصة إرادة.
نهضة تُصاغ بالحجر والعرق والعلم، وبعقلٍ يوازن بين الموروث والتجديد، بين الجبال الراسخة والآفاق المفتوحة.

ولعل الدرس الأبلغ الذي نحمله من هذه التجربة هو أن الأمم تُبنى حين يؤمن أبناؤها أن التغيير ممكن، وأن الإصرار والعمل المتواصل أقدر على صنع المعجزات من الشعارات والجدال.

التحية للشعب الإثيوبي، رجالًا ونساءً، شبابًا وشيوخًا، وهم يخطّون ملامح فجر جديد في القرن الإفريقي ،فجرٍ يشهد بأن من أراد الحياة حقًا، استطاع أن يصنعها

شاهد أيضاً

من دلالة السمك إلى دلالة الذهب: فكرة سودانية لتنظيم سوق الذهب

aminoo.1961@gmail.comبقلم: أمين الجاك عامر – المحامي في سبعينيات القرن الماضي، كان مشهد دلالة السمك في …