الإدارة المتكاملة والمستدامة للمياه غير النيلية في السودان ودورها فى تنمية واستقرار المجتمعات المحلية
عانى السودان كثيراً من عدم الاستفادة من مصادره المائية التى اوجدتها له الطبيعة الجغرافية فى مختلف الاستخدامات سواءً أكانت للاستخدام الزراعى ام لتوليد الكهرباء و استخدامات الشرب او الاستخدامات الاخرى مما ادى الى تولد عديد من الازمات فى انحاء السودان المختلفة على مستوياتها السياسية والاجتماعية. ظهر ذلك جليا فى ولايات غرب البلاد التى تتركز فيها الثروة الحيوانية والموارد الطبيعية ذات الجذر الاقتصادى المُغرى للاستغلال والاستفادة منها لفائدة المجتمعات المحلية والريفية .إضافة الى أثره الايجابى على مجمل الاقتصاد القومي , فضلا عن معاناة اهل ولايات شرق السودان فى الاستفادة من المصادر المائية لاغراض الشرب والسقيا ورى المشاريع الزراعية يرتبط ذات المشكل مع معاناة اواسط السودان ووشماله وجنوبه فى امكانية استغلال هذه المصادر المائية.
تمثل الموارد المائية – غير النيلية – فى السودان والتى تتكون من الانهار والتدفقات الموسمية وموارد المياه الجوفية مصدرا هاما لتنمية واستقرار المجتمعات الريفية.
المصادر المائية غير النيلية فى السودان تنقسم الى:
ثلاث مصادر اولها مياه الامطار والتى تزداد كثافتها كل مانتقلنا من الشمال الى الجنوب حيث تقدر كمياتها بحوالى 400مليار متر مكعب سنويا وهى تمثل رى رئيسى لاراضى واسعة للزراعة فى السودان خاصة فى مناطق الولايات الشرقية اما المصدر الثانى فهو المياه الجوفية وهى مورد هام خاصة فى المناطق البعيدة من نهر النيل وهى تتوزع فى معظم انحاء السودان وتتواجد فى اعماق مختلفة تحت سطح الارض وفى تكوينات مختلفة اهمها الحجر الرملى النوبى وتقدر ب12 مليار متر مكعب اما المصدر الثالث من مصادر المياه فى السودان فهو مياه الاودية حيث يوجد بالسودان عدد من الاودية الكبيرة والصغيرة تغزى من مياه الامطار ومعظم مياه الاودية مصدرها الاراضى الارترية ( القاش ، بركة ) ووهى كميات مقدرة من المباه تعادل 25- 30% من نصيب السودان من اتفاقية 1959 والذى يبلغ ( 18.5) مليار متر مكعب م.
تشير الدراسات والتوقعات ان تكون هذه الكميات مماثلة لحصة السودان من اتفاقية مياه النيل لعام 1959م والتى تبلغ 18.5 مليار متر مكعب وهى اكثر استدامة اذا ماتم ادارتها على نحو علم سليم لتلبية الاحتياجات الزراعية المحلية والاستخدام المنزلى على اعتبار ان مياه النيل تبعد عن اكثر المناطق الريفية والمحلية فضلا عن عدم قدرتها على تحمل متطلبات التنمية مستقبلا .
في أوائل التسعينات، أثرت الإدارة المتكاملة للموارد المائية على العديد من قوانين المياه الوطنية في جميع أنحاء العالم، ولم يكن السودان استثناء، إذ كانت هنالك مراجعات لسياسات المياه أسفرت عن ثلاثة مشاريع؛ في الأعوام 1992 و 2000 و 2007. منها
مشروع وادي الكوع (شمال غرب) - ولاية شمال دارفور :
كجزء من دعمه الإنساني، حدد الإتحاد الأوربي في عام 2012 ضرورة تعزيز السلام من خلال تحسين سبل العيش في مواجهة تغير المناخ في دارفور كأولوية للسودان. وتوجد في دارفور عدد من الخيران الموسمية تمثل حجر الزاوية لاستغلال مصادر المياه لمختلف المستخدمين في المناطق الريفية والحضرية. وتعتبر الإدارة المستدامة لمثل هذه الموارد هي المفتاح في تعزيز سبل العيش والمساهمة في تحقيق السلام في إقليم دارفور. وبناء على ذلك تم البدء في مشروع وادي الكوع مع الأمم المتحدة للبيئة ، واختتم بنجاح في أوائل عام 2017. وتم تنفيذ المشروع كشراكة بين الأمم المتحدة للبيئة وحكومة الولاية في شمال دارفور، ومنظمة براكتكل أكشن، والمشاركات المجتمعيه. وكانت أهداف المشروع كما يلي:
• دعم تطوير نظم وهياكل شاملة لإدارة الموارد الطبيعية داخل وادي الكوع، التي تسترشد بمستويات مناسبة من التحليل العلمي والتقني والمدخلات.
• دعم التكيف الزراعي وسبل العيش على مستوي المجتمعات المحلية، وتحسين الممارسات المحلية لإدارة الموارد الطبيعية.
•بناء القدرات المؤسسية والتنظيمية اللازمة لفهم ديناميات عمليات التغيير، والوصول إلى المنتجين الزراعيين، وتنفيذ وتكرار الإدارة المتكاملة الناجحة للموارد الطبيعية.
• العمل كنموذج للاستيعاب والتكرار عبر دارفور والسودان
تلقى مشروع وادي الكوع دعما رفيع المستوى من حكومة ولاية شمال دارفور. وقد وضع المشروع العديد من الأدوات التي تعزز إدارة الموارد الطبيعية لمستجمعات المياه. إن النجاح في إنجاز هذا المشروع الرائد في الاتحاد الأوروبي يقدم أمثلة قيمة على أفضل الممارسات والتنفيذ للإدارة المتكاملة للموارد المائية لمواجهة التحديات المحلية مثل الأعداد الكبيرة للنازحين داخليا، وزيادة الطلب على الأراضي والمياه بما يتجاوز الموارد المحدودة.
اهداف الادارة المتكاملة للموارد المائية :
توفر الادارة المتكاملة للموارد أفضل الممارسات المعترف بها دوليا لإدارة الموارد المائية والسيطرة عليها واستخدامها بطريقة مستدامة تشمل مستخدمي المياه وصناع القرار من خلال ترتيبات مؤسسية قابلة للاستمرار ومستدامة وعلي أساس علمي جيد.
مبادى الادارة المتكاملة للموارد المائية :
• يجب أن يؤخذ التخطيط على مستوى مستجمعات المياه في الاعتبار العلاقات المتبادلة بين المنبع والمصب، ومتطلبات المياه من خلال الاحتياجات المتنافسة بما في ذلك احتياجات البيئة.
• تؤثر المياه وتتأثر بالموارد الطبيعية الأخرى مثل الأراضي والموارد المعدنية والغابات والنباتات الطبيعية وما إلى ذلك.
• يعتبر الماء مورد وملكية مشاعة ومن ثم فهي مملوكة من قبل كل الناس علي رغم من أن تخصيصها للإستخدام المحدد يمكن منحها لفترة محددة ورصدها ومشاركتها مع الآخرين.
• القرارات المتعلقة بكيفية توزيع المياه وإدارتها لا يمكن عزلها عن المستخدمين الفعليين والظروف السائدة فضلاً عن الذاكرة المؤسسية الوطنية والمحلية التي تحدد كيف وأين ومتى يمكن أن تُحدث الإدارة زيادة مع المعرفة العلمية المستمدة من الرصد على المدى الطويل. وفي هذا تشكل المرأة جزءا هاما من السكان وتسهم إسهاما كبيرا في تحقيق ذلك.
• تتمتع المياه بقيم اقتصادية واجتماعية لأنها يمكن أن تخلق ثروات وتغييرات سلوكية وثقافية إنمائية ولكنها ضرورية للحياة وعلى هذا النحو لها التزامات دستورية لأغراض الشرب ولتحقيق أهداف التنمية المستدامة العالمية.
Asam.salah@gmail.com