خارج المتاهة /
الثورة تختتم عامها الأول ، وحكومتها في ختام شهرها الثالث .. هذا العمر - ولأن المهام والواجبات جسيمة - يفرض علينا المراجعة وتسمية الأخطاء والسلبيات باسمائها .. وفي ذلك أمامنا :
١/ عدو واضح من فئات مختلفة قلبها الاسلامويين وفروعها مجموعات من اللصوص المنحرفين مثله والمخدوعين ، تتحالف وتتبع ذلك القلب الكاذب ، تميزها انتهازية منزوعة الحياء ، شديدة الجزع على مصالحها وامتيازاتها التي هي محركها الرئيسي أو الوحيد ، فلا التفات مطلقاً لشعارات الدين التي ترفعها وتبكي عليها ، تغلف بها أنشطتها الدؤوبة ضد الثورة حكومةً وافكاراً .. لا أمل مطلقاً لهذا العدو في انتصار نهائي يرتد بالثورة إلى الوراء ، فهو مكروه كراهية (وعي وتجربة) من الشعب بأجياله المختلفة ، مكروه من الشعب المتمسك بثورته والحريص على التضحيات التي بذلت من أجلها .. ولكن الذعر يدفع المذعور إلى الرعونة في ردود أفعاله كما حدث في فض الاعتصام (٣يونيو ٢٠١٩) وقبله في سبتمبر ٢٠١٣ وأبريل/رمضان ١٩٩٠ وفي كجبار والعيلفون وغيرها من الواقعات .. نعم ، الرعونة متوقعة من تحالف جن جنونه بفعل الثورة يمتلك كتائب ظل و "شمس" ومخازن أسلحة ومال وفير ويتحالف - ولو مرحلياً - مع مليشيات متخلفة تجلس على تلال من الذهب والنقود والأوهام ..
٢/ قوى الثورة ؛ جمهورها وقياداتها ، جماهير الشعب المسلحة ذهنياً ومعنوياً ب "الوعي والتجربة" و ب "السلمية" وسيلةً تمارسها بشجاعة وإقدام صارمين ، شعب يتقدم ويتقدم ، لا وجود لمفردة "التراجع" في قاموسه ، لا يؤمن بغير النصر ، وقد أسلم قياده للحركة السياسية والنقابية في إطار (قوى إعلان الحرية والتغيير) عن ثقة ومحبة ؛ إعلان ق ح ت ووثائقها ودعواتها المجدولة هي دليل الجميع وانجيلهم ..
غير أن المواقف اللاحقة للقيادة (قوى الحرية والتغيير) كتلاً وكيانات ، "تنسيقيات" ولجان مقاومة ، لم تعد متسقة ، تمور في سوحها خلافات صامتة ومعارك مكتومة رغم وضوح الأسباب والمواقف :
- أنظمة ودول تحسبها في صف الشعب السوداني ، تحترم إرادته وتطلعاته ، وتؤازره في تحقيق أهدافه واستكمال خطى ثورته ، تحسبها كذلك ، بينما هي في الحقيقة ركلت كل تلك القيم في سبيل تحقيق أجنداتها الخاصة وتصفية خلافاتها الإقليمية عند خاصرة الثورة السودانية ، وتستثمر الأموال في ذلك ، هنا وهناك ، تبذلها لبعض الأفراد والكيانات ، ولتذهب أحلام السودانيين إلى الجحيم ..
- وأفراد سودانيون كذلك ، ومحسوبون على اليسار تاريخياً وعلى الثورة السودانية حاضراً ومستقبلاً ، يريدون للثورة أن تكون على إيقاعات خاصة بهم لا إجماع حولها ، فالأهداف غامضة ولكنها دفعتهم لمركب القبلية وبذل المال كذلك ..
- وآخرون أيضاً ، وآخرون .... ينتعلون أوهامهم النرجسية واعتقاداتهم الجازمة في ذواتهم ؛ هم ، الطوفان ، أو الحرائق !!
- كل ذلك مع أخطاء البداية ، فالبداية تحكم المسيرة في الغالب ..
فهل من مصلحة الثورة ومستقبلها الاستمرار في التكتم والصمت ؟ أم الخير في المواجهة والنقد الحريص المسؤول ؟
نعم ، المصلحة كل المصلحة في ان نتحدث بصوت مسموع عن الذي نراه ونسمعه ، عن اخطاء البداية وعقبات المسيرة ، عن لجنة البشير الأمنية وما جرى للوثيقة الدستورية ، وعن أداء مختلف اللاعبين ..
الإيمان الجازم بحتمية انتصار ثورة الشعب وحقيقة أن أعداءها في جبهة الثورة المضادة وبقايا الاسلامويين وحلفاءهم إلى اندحار وهزيمة قاصمة ، هذا الإيمان يدعونا إلى الحديث العلني رغم أن "ذلك العدو" سيبتهج وينتعش ويحتفي بمثل هذا النقد شامتاً مستدلاً به ، وقد وصفناه بأنه "منزوع الحياء ، شديد الجزع" .
atieg@icloud.com