الحرية والتغيير وتداعيات كأس العالم الإفتراضي علي تلاشيها .. بقلم/ عمر الحويج

 


 

عمر الحويج
15 December, 2022

 

كبسولة :- (1)
الحرية والتغيير : وقل أول آيات الإطاري الكُفر البَوُّاح
الحرية والتغيير : وقل لقد شرَّعْنَا للقمع والقتل الصُّرَاح
الحرية والتغيير : وقل لقد قرْرَنا الآن وفوراً وقف صوت الثورة الصَدَّاح .
الحرية والتغيير : وقل لا توجه بعد اليوم لقصرنا فهو أصبح دون السِمَّاح .
***
كبسولة :- (2)
ياسر عرمان : (مناضل) من أجل السودان الجديد سابقاً وصورة الشهيد جون قرنق في خلفية فضائياته وهو يزين بها جدارات مسكنه .
ياسر عرمان : (مجاهد) من أجل السودان القديم حالياً وصورة الشهيدة ست النفور في خلفية فضائياته وهو يزين بها جدارات مسكنه .
(من عشمنا الكان ياعرمان) ***
الحرية والتغيير وتداعيات كأس العالم الإفتراضي علي تلاشيها .
بقلم / عمر الحويج

بمناسبة نفحات كأس العالم التي خرجت بنا قليلاً من رهق الحناجر ، التي أعياها هتافات الثورة الباسلة المتطاولة ، أربعة سنين تجربة وزاد ، كما غنى العملاق محمد الأمين للشاعر الودود الراحل فضل الله محمد ، أربعة سنين حب وأعياد ، ظل الثوار والثائرات يرددون هتافاتهم الثورية للتغيير الجذري ، وظللنا معهم ونحن نكتب ونحن نقرأ ونحن نسمع ونحن نحلم ونحن نفرح بقرب الإنتصار ونحن نبكي شهداء وشهيدات الثورة ، وجرحاها ومعاقيها ، ومفقوديها .

ومن داخل هذا الطقس الكروي الممتع والمبهج ، وخاصة بعد وصول فريق المغرب الأطلسي الأسدي ، إلى نهايات كأس العالم ، الذي أسعد العالمَّين الجريحين على مدى التاريخ ، العالم العربي والعالم الإفريقي ، ونتمنى له ولنا الفرحة الكبرى بنصر الصدارة أو الثاني أو الثالث وكلها إنجاز اسطوري من المغرب الشقيق أماً وأباً ، إفريقياً وعربياً .

هذا الطقس أقول ، جعلني استدعي في خيالي ، فكرة إفتراضية ، وإن كانت من فصيلة مسرح العبث واللامعقول الذي ابدعته عبقرية كتاب مابعد دمار الإنسان ، في الحرب العالمية الأولى والثانية ، أمثال البرت كامو وصموئيل بيكيت .

أقول ماذا لوقامت هذه "الفيفا" المُنظِمة لكأس العالم . وقررت فجأة تخريب المزاج العام ، وتدمير هذا الفرح الثوري العالمي ، وقرَرَتْ وأعني "الفيفا" لا غيرها ، أن تغتال هذه السعادة ، بأن تلعب دور النهائي ، على طريقة اللامعقول العبثي غير الفلسفي ، وأن يدخل الفريقان ، ليس بكرة قدم واحدة ، إنما يدخلان ليجدا ، عشرات كرات القدم البيضاوية والمنبعجة ، وحتى المفرغة من الهواء و(العاجبو كدة يلعب والما عاجبو) يشرب من مياه المحيط الأطلسي والأبيض المتوسط وكلاهما يحيطان المغرب إحاطة السوار بالمعصم ، ومياههما تكفي الجميع للإنتحار الجماعي بأمر "الفيفا"، وكما أمرت الحرية والتغيير فيما سياتي من حكَىِ ، فصبراً آل ياسر ، وليس هذا فقط ، إنما قرار "الفيفا" الإفتراضي ،( لازال طفلاً يحبو) ولم يكتمل جنونه بعد ، فالقرار يفرض على كل من هو داخل الملعب من الفريقين ، أن يكونا ، داخله وهم يرتدون قمصاناً ذات اللون الواحد ، ولا يشترط لون معين المهم الموحد ، كما هو معتاد في فرز المتنافسين في كرة القدم ، ومعهم بغير المعتاد قميص حَكَّم المباراة نفسه ، أن يكونه بذات لون قمصان لاعبيه ، حتى يختلط الحابل بالنابل ، ولمزيد من العبث واللا معقول في هذه المباراة المصيرية ، يمكن للجمهور إذا رغب الدخول للملعب للمشاركة في المباراة فأرض الله واسعة ، والملعب يسع الجميع بدون إقصاء لأحد ، عدا المؤتمر الوطني ، إلا إذا غير إسمه وانتحل إسماً بديلاً ، فيمكن السماح له بدخول أرض الملعب ، لأن دخوله ، يتماشى والقرار الإطاري الجديد ، و"الفيفا" ترحب به أيضاً لهذا السبب ، في أرض الملعب ، وزادت "الفيفا" تاكيداً لهذا الترحيب ، بصوت زئيري ، كما صوت الحرية والتغيير ، مرددة بحسم وقوة يشوبها الكثير من الإستعلاء والغرور ، وأعني "الفيفا "(وعليه هذا قرارنا ، شاء من شاء وأبى من أبى) وإياك أعني ياحرية وتغيير في كل ما مر بك أعلاه من جنون المستديرة ، والعهدة على الراوي .

وبعيداً عن مسرح العبث واللامعقول هذا أسمحوا لي بنقلكم من الملعب الإفتراضي ، وإلى أرض الواقع ، فهذا فعلاً ما وصلت اليه بحذافيره حال (فيفانا) ، المنتحلة لإسم الحرية والتغيير وفرعها المجلس المركزي ، بفرعه حزب الأمة ، فرع اللواء معاش برمة ناصر ، وفرع الموالاة ، أولئك مِن مَن شابه آبائه وأجداده فما ظلم ، تعلمونهم المؤتمر السوداني والإتحادي الموحد ، بعد أن هرب حزب البعث بجلده ، ناجياً من وحل التلوث التاريخي ، ونتمنى بنية صافية ، أن يلحق به الرفيق ياسر عرمان ويأخذ إلى جانبه حزبه الثوري الديمقراطي ، إلى موقعه الأصيل ، بجنب القرشي حين دعاه القرشي للتغيير الجذري الذي يطالب به أخوتهم في الجيل الراكب رأس .

وليبقوا وحدهم ، هؤلاء الذين رسى عليهم عطاء المزاد العلني للتسوية الإطارية ، التي صنفها الخيال الخارق عندي ، بأنها الخالق الناطق شبه الحالة الإفتراضية العبثية "للفيفا" طيبة الذكر والإنجاز ، وإن كانت أكثر عبثية منها ، والتي يتم الأن مسرحتها ومكيجتها وتطبيقها على الواقع (الواقعي وليس الإفتراضي) ولكن بذات اللامعقول ، حين قررت الحرية والتغيير ، بكامل قواها العقلية ، ماعدا تناسيها الزهايمري المتعمد ، حين قبلت بتوقيع أطرافها بمسميات مكوناتها منفردة ، في هذا الإعلان الإطاري مقطوع الطاري ، ورفضهم الحازم والجازم ، بعدم التوقيع على الميثاق الثوري لتاسيس سلطة الشعب ، الذي قدمته لها تنسيقيات لجان المقاومة والتي (حلفت برأس أبوها) ، أنها لن توقع إلا بإسمها كمكون كامل الدسم والمعلوم للقاصي والداني ، والتي تفخر به أمام عالم القنوات الفضائية الصديقة وغير الصديقة ، المحلية والغير محلية ، والمعروفة بأنها الممثل الشرعي والوحيد للثورة السودانية ، كما كان يردد الراحل ياسر عرفات في زمانه ، وهي أي الحرية والتغيير ، أصبحت تمارس جهاراً نهاراً هذا العبث اللامعقول ، حتى تجتث ثورة ديسمبر بشبابها وشاباتها وكل من يدعي أنه من فصيلة الجيل الراكب راس ، وحالفة قسم ، إلا أن تَركِبهم جميعاً التونسية ( لا أعرف مقصد العبارة ، فقط أسمعها في هكذا سياق) ، وتستأصلهم هم والثورة المجيدة من جذورهم ، فقد كان أول قرارتها للشارع الثوري ، أن توقف هذا العبث الذي تراه يجري في الشوارع ، الذي يسميها صانعوها البواسل -الشوارع التي لاتخون- فقد خرجت علينا ، بتكوين لجنة مشتركة مكونةمن عدة جهات ، أعلنتها بلسان ناطقها الرسمي الاستاذ/ محمد حسن مهدي ، القيادي بحزب الأمة فرع برمة ناصر ، حيث جاءت بمعناها الواضح ، أن تكون هذه اللجنة ، الوصية على حركة الشارع ، الساخن ، الذي قطعاً لا ترضاه ولا تريده ساخناً ولا ملتهباً ، لأنه ليس طوع بنانها ، ولا يدين لها بالولاء التام وغير التام ، حتى تتحكم في حركته وأول توجيهاتها ووصاياها أو بالأحرى أوامرها ، أن تبتعد هذه -الشوارع التي لاتخون - عن قصرها (الملكي) أو الجمهوري ، سيان في زمانهم الخؤون هذا ، والذي سيصبح محرماً على القادمين إليه ، من هؤلاء (الشوارعية البواسل) ، الطارقين بأرجلهم الصلبة شوارعهم التي لا تخون ، فعليهم بالإرتداد عنه ، وعدم غشيانه ومحاولات إقتحامه الممكنة يوم آتِِ ، لأنه من الآن وصاعداً سوف يكون تحت حماية قوى التوافق الإطاري ، وليس اللجنة الأمنية وحدها ، كما كان في سالف العصر والأوان والزمان الفات . كما يعني هذا الأمر الواجب التنفيذ الفوري ، وفي مذكرة تفسيرية له لاحقة غير معلنة ، يقول القرار ، أن ماضي الثورة التي تبرأنا من فوضاها قد إنتهى ، وتؤكد الوصلة التفسيرية ، ليس المعني من القرار ، الإبتعاد فقط عن قصرنا (الملكي ) الجمهوري ، وإنما يشمل هذا القرار ، كل المؤسسات الرسمية ، لدولة التوافق الإطاري الفتية ، وهي المعلومة للجميع ولا داعي لتفصيلها ، بما فيها المراحيض العامة ، أليست هي كذلك مؤسسات عامة ، وإن كان ياحسرة ، كما يقول الممثل عادل إمام ، حين جاءته فاتورة التلفون تقدل أمامه بمبلغها الباهظ ، لحظتها صرخ عالياً محتجاً ، تجيني فاتورة تلفون ، وأنا ما (عنديش مراحيض أصلاً ، أقصد ما عنديش تلفون ) .

وعلى غرار قرارات الفيفا العبثية التي اختلقتها من مخيلة راسي العامر بالتهيؤات المجنونة ، لا من كراس الفيفا الحريصة على إسعاد خلق الله النصيحة( العاقلة يعني بالنحوي) ، إلا أن الحرية والتغيير ، أبت على نفسها الأمارة بالخير على الوطن ، كما أبت نفسنا الأمارة بالسؤ للوطن ربما ، إلا تنزيلها على أرض الواقع السوداني ، فقد قررت الحرية والتغيير فرع المجلس المركزي فرع حزب الأمة ، فرع اللواء/م برمة ناصر ، ومَن والاه ممن شابه آباؤه وأجداده وما ظلم ، وأقول قرَرَت ، أعني الحرية والتغيير ، بالسماح لكل الراغبين ، بتقديم طلباتهم لها يداً بيد ، لا لغيرهم حصراً ، لكل من يرغب الدخول في مزاد هذه اللعبة الإطارية ، وخاصة كل أولئك الذين ، كانوا اليد اليمنى ، وإن شئت فقل اليد العليا أو السفلى إن أردت، أو من يشملهم من السالفين الوافدين والسلفيين الداعشيين ، والسافلين من ماكلي أموال السحت ، وليس الذين أفرزهم النظام المباد فحسب ، وإنما كل الراغبين في عودة السودان القديم ، بكل مزاياه العدمية ، التي تلبي طلباتهم الدنيوية ، بما فيها تداولهم اللا سلمي للسلطة ، بين العسكر وحرامية المدنيين ، من نخبة إدمان الفشل ، المهم إتمام التبادل التوافقي للسلطة ، مرة بديمقراطية فشلها الشكلي من داخل تركيبتها المعطوبة ، حيث يغتني منها المدنيين في دورتها البرلمانية المنقوصة التي لم يحدث أن أكملت سنواتها الدستورية ، ويُشبعون بطونهم وفروجهم من المال العام والجاه والسلطة ، ويسلمونها بدورهم للعسكر ليقوموا باللازم في تطبيق التداول اللاسلمي للسلطة الملئ بالإبادات الجماعية ، ثم العودة بالدائرة الشريرة ، هابطين بسلام الثورات آمنين وتسليمها لمجهضيها من المدنيين . وهكذا دواليك .
أما الديمقراطية الآتية ومسلوقة ، والتي لن يعترض عليها أحد ، بعد توقيع الإتفاق الإطاري والذي دفعت إليه ، ووافقت عليه ، بل وبصَّمت عليه بالعشرة ، كل دول العالم الداعم دون بصيرة ، وكمان الإقليمَين العربي والأفريقي ، وخاصة الإخوة الأعداء ، عفواً القصد الأشقاء ، الذين سيدخلون إبن الزعيم الجديد ، في ورطة تغيير خياراته ، كما يفعل الأن أشاوس انقلاب 89 ، بنكرانهم أقوالهم وأفعالهم المتلفزة بعضمة لسانهم عن بطولاتهم الإنقلالية ، لمدة ثلاثين عامِِ حسوماً ، لا ندري لما كان استعجالهم في المحكمة ، وقد جاءهم الفرج ، من الإتفاق الإطاري ، ألم يقرأ محاموهم ، المشهد السياسي ليوصوهم بالتريث عن هذا الإنكار البين بالواضح الفاضح ، فالمطلوب منهم كان فقط ، تقديم طلب التوقيع علي الإطاري ، حتى دون شروط ، لاحاجة لها أصلاُ مع وجود اللجنة الأمنية . التي ستغير ، جلدها عفواً أقصد رسمها وإسمها وليس فعلها وفعايلها بعد التوقيع النهائي إذا تم بكامل تمامه ، إذا لم يعترضه عارض ، فهم ليسوا أقل اخلاصاً لوطنهم وخوفهم عليه من الإنهيار عن الآخرين ، وهي ذات دوافع خوف الإنهيار المدعى به الذي جعل مبارك الفاضل يعجل بطلب التوقيع ، حتى لو كان بطريق التحدى للمجلس المركزي فرع حزب الأمة وفرع من والاه ، فهو قد أتاهم من خلفهم طارقاً باب العسكر والثلاثية ، وحالة قبوله أو رفضه ليس للحرية والتغيير يد عليه سلفت ، أما الآتين من الشباك ، أمثال أردول ومناوي وجعفر وتِرِك والذين كلهم بإذنه تعالى بَرَك ، وقرروا آيبين والحضور للتوقيع ، غالباً لشئ في نفس يعقوب ، والآخرين من خف وزنهم ، وغلي ما عندهم من الأرصدة ، رأسمالية طفيلية كانت ، أو بشرية قبلية أو طائفية ، ومن سيأتي بعدهم من أهل النداء المشهود لهم بحب الوطن حتى كرهوه ، كما قال عنهم الراحل الطيب صالح قولته فيهم . فهؤلاء جميعهم مسموح لهم بالتوقيع دون اعتبارات أو سؤال من أين أتوا وأين كانوا ، ومتى حكموا هذه البلاد ، ولماذا خربوها وأوصلوها حد الإنهيار منذ استقلال البلاد ، والذي أتوا الآن يخيفون به الممتنعون من قوى الثورة الحية ، ومن شباب الجيل الراكب رأس ، حتى يحثونهم بلحاق قطار التوقيع الهالك ، ولكن هيهات ، فهم لا يعرفون أن هذا الجيل ، قد جُبِل من طينة أخرى ، جديدة متجددة ، سمتها البسالة والتضحية للوصول إلى حلمهم في سودان جديد وثورتهم مستمرة ، وردتها مستحيلة ، وشعبهم أقوى وأبقى وبهم ومنهم ولهم النصر آتِِ عن قريب .

omeralhiwaig441@gmail.com

 

آراء