* ذكر لي أحد الاخوة الكرام انه ابان الأزمة الاقتصادية العالمية كان في بريطانيا وقد قرأ في الصحف المحلية, كما سمع في الاذاعات كذلك,أن فرنسا والمانيا أقل الدول الأوربية تأثراً بالأزمة الأقتصادية العالمية , وقد لعب الذهب المستخرج من السودان الدور الرئيس في ذلك.
* لا احد يعرف حتى الآن انتاج الشركة الفرنسية التي كانت تستخرج الذهب,سوى بعض اعلانات في الصحف التي كانت تورد الانتاج في أرقام تتراوح بين الأربعين الى الستين كيلوجراما شهريآ, وحقيقة انتاج ارياب من الذهب لا يعلمها بعد الله الا الشركة الفرنسية وبعض كبار مسؤولي وزارة الطاقة التي كان يملكها عوض الجاز.
* دخول فرنسا والمانيا في التنقيب عن الذهب كان بسبب التعويض عن الدمار حل بالحفارة التي كانت تعمل في قناة جونقلي, فقد كان الشرط الجزائي للتوقف بسبب انعدام الأمن أو بسبب تأخير من الدولة, دفع ثمانين الف دولار في اليوم,وهذه الحفارة من أضخم الحفارات في العالم, وهذا النوع من الحفارات في العالم لا يتعدي عدده أصابع اليد الواحده, وهي من الضخامة بحيث تم شحنها في ستة قطارات,وقد استغرق تجميعها قي الموقع قرابة العام.
* وكان ذهب أرياب هو الذي استخدم كتعويض عن الخسائر التي نتجت عن التوقف, ولا زالت الحفارة إلي يومنا هذا في الموقع,والتعويض عن الخسائر ليس السودان وحده المسئول عنه, بل جنوب السودان الذي نال استقلاله بعد الانفصال شريك فيه, وهذه لم يتطرق لها أحد في المفاوضات , وتحملنا نحن كل التبعات (أصلنا جمل شيل).
* ذات يوم قرأت في نشرة سونا أن شحنة من الذهب قد اختفت في مطار زيورخ, ولم يعثر لها علي أثر, لم يرد هذا الخبر في الصحف, وتقصيت عنه في وزارة الطاقة فكانت الاجابة بأن السطو حدث بالفعل وقد دفعت شركة التأمين قيمة الذهب المسروق, وعملية كهذه لا تدفع شركات التأمين ما لا يقل عن عشرة مليون دولار هكذا دون اجراء تحقيقات مطولة, فالكمية كانت كبيرة ( 200كيلوجرام).وأغلق الملف بعد ذلك.
* واذا كان ذهب السودان قد حل ضائقة دول عظمى كألمانيا وفرنسا فكيف به في دولة كالسودان؟
* قبل أكثر من عشرين عامآ كان مخزون أمريكا من الذهب يعادل 13 ألف طن كأكبر دولة تملك مخزونأ من الذهب في العالم, ولا أعتقد ان أمريكا تملك من مخزون الذهب اليوم ما يعادل هذا الرقم. والجدير بالذكر ان ذلك الاحتياطي لم يتم استخراجه من أمريكا, فقد كانت أمريكا إبان الحرب العالمية الثانية تمد اوربا بالسلاح و الغذاء, وتتقاضي القيمة ذهبأ, حتي نفد كل مخزون اوربا من الذهب, وبعد ذلك أخذت أمريكا تقايض باللوحات الفنية والمجوهرات الأثرية ، لذلك تجد لوحات لرمبرانت وفان جوخ وغيرهم في أمريكا بأكثر مما هي في أوروبا.
* شركة أرياب ازالت ستة جبال شاهقة من الخريطة, وبعمق مائة متر, وقد أطلق أهل المنطقة عليها اسم (تورا بورا). وقد أفسدت المنطقة بالسيانيد القاتل.
* ونأتي إلي الحجم الخرافي المزعوم من مخزون الذهب في السودان, والذي تم اكتشافه ، في ما روى الرواة ، بواسطة الأقمار الاصطناعية,هل يا تري في وزارة المعادن جيولوجيون يؤمنون بالله واليوم الآخر، وأن هنالك يوم حساب وعقاب؟دومآ نطالب بأن يكون علي رأس الوزارات الفنية المتخصصون في الشأن العلمي, أو علي أقل تقدير أن يكون للوزير الجاهل مستشارون في الشأن العلمي يبصرونه بالحقائق حتي لا يصبح موضع سخرية وتندر.
*طالب السنة الأولي في الجيولوجيا يعلم تمام العلم أن المعلومات التي ترد من الأقمار الاصطناعية تعطي فقط مؤشرات لوجود المعادن, وكذلك الأمر بالنسبة للبترول, ولكنها لاتحدد كميات وقد أعطت المعلومات الواردة من الأقمار مؤشرات عن وجود نفط في السودان, وبعد ذلك بدأت عمليات الاستكشاف التي استغرقت سنوات, وقد استغرق الأمر سنين عددا, حتي تم استخراجه. ذات الأمر ينطبق علي الذهب, ألم يكبد وزير المعادن نفسه مشاق السؤال كم أخذت الشركة الفرنسية التي كانت بأرياب من الوقت كي تنتج الأربعين كىلوجرامأ الأولي؟, وهل يعرف كم طنآ تم استخراجها في السنوات التي عملتها في أرياب؟ وعلم الجيولوجيا من العلوم التي تعتمد على الأبحاث الميدانية, بعمليات الحفر واجراء الدراسات على العينات لتحديد درجة تشبع العينات بالمعدن, وبعد ذلك تحدد الجدوي الاقتصادية التي تغري بالاستثمار في التنقيب.وأضرب مثلآ ببترول بحر الشمال الذي اكتشف منذ أمد طويل ولكنه لم يستخرج نسبة للتكلفة العالية لإنتاجه الا بعد أن ارتفعت أسعار البترول للحد الذي جعل بترول بحر الشمال ذا جدوى اقتصادية, ولا أشك لحظة في أنهم من تسبب في ذلك الارتفاع لضرب الدول المنتجة وتخريب اقتصادها كما نرى الآن.
* والاعلان عن تلك الأرقام الفلكية من مخزون الذهب في مساحة لا تتعدى 300 كيلومتر مربع تعني أن الذهب يمكن رؤيته بالعين المجردة, الأمر الذي لا يحتاج إلى خبرة أجنبية , فالتعدين العشوائي ينتج ما بين 40 الى 60 طن سنويآ حسب احصائيات وزارة المعادن. وفي هذه الحال بالذات لا حاجة لنكرة اسمه يعقوب ,والاسم يدل على الأصل. فاسم ياكوف أو جاكوب يقابله بالعربية اسم يعقوب.
* أنا من المؤمنين بأن السودان بلد غني بالموارد الطبيعية, وهو من حيث الموارد يأتي في المرتبة الثانية بعد روسيا, وهذا مع وجود بروتوكول بين السودان وروسيا وأعرف شخصيآ مندوب روسيا في السودان الذي يمضي عشرين يومآ بالخرطوم وعشرين يومآ في موسكو, وهو علي اتصال دائم بالسفارة,بل ويحمل جواز سفر دبلوماسي, ويعلم كل صغيرة وكبيرة عن أي شركة روسية تعمل في السودان, بالاضافة الى ذلك ، و في مثل هذه الصفقات المهولة, لم يكن بد من الحضور الدبلوماسي والرسمي الروسي على أعلى المستويات عند توقيع هكذا عقود, والسبب أن الشركات الروسية الكبرى يجري تمويلها من الدولة, بعد أن عجزت الكثير من الشركات عن مواصلة اعمالها, وقد أصدر الرئيس بوتن, قائمة بالشركات التي يمكن للدولة تمويلها, بشروط تفرضها الدولة, وقد تخوفت بعض الشركات وتقدمت الأخري بطلبات تمويل, والآن تطالب الكثير من الشركات الروسية بإدراجها في قائمة بوتن التي تضاعفت, بعد أن زالت شكوكها.هذه الشركة ليست من ضمن الشركات المعروفة, والا لكان الحضور الرسمي للسفارة والمندوب الروسي المقيم في السودان فرض عين عليهم.
* الدول تبني بالعلم لا بأوهام السياسيين الذين ينصبُّ جل همهم في الجاه والسلطان, والسياسيون( الا من رحم ربي) يطمعون في موارد البلاد ولا يعملون لخيرها, فالعلم هو الذي يبني لا أوهام السياسيين التي تجعل منهم موضع سخرية الآخرين, لكن دولتنا تخلت عن العلم وأهله , وعلماؤنا انتبذوا مكانآ قصيا, وبعضهم وضع علمه في مخزن مظلم, وأصبح ينفذ ما يمليه عليه الوزير بما يناقض علمه الذي تعلمه, ويبرر ما يفعل بأن( الوزير عاوز كدة)خوفا من غضب الوزيروقطع الرزق الذي لا يملك كائن من كان قطعه, فالرزق بيد الواحد الأحد. وهؤلاء يخشون غضب الوزير أو الرئيس أكثر من خشيتهم خالقهم.
* السودان يحتاج لأهل الخبرة والمعرفة, وليس لعطالي السياسة الذين يمارسون تحضير الأرواح, فالسياسي لا يجد نفسه الا وزيرآ أو رئيسآ مدى الحياة, في حين أن العاقل يتهيب المسئولية خوفآ من ظلم أحد دون قصد. خرج كلنتون من البيت الأبيض إلى مكتب المحاماة الذي كان يديره, وذهب كارتر إلى مزرعة الفول السوداني التي يملكها وغيرهم كثيرون , لكن سياسيينا يصرون على التسليم لعيسي, ولو جاءهم عيسى ليتسلم لطردوه و وصفوه بالعمالة والخيانة وتهديد أمن الدولة.
* كل يوم يمر يدرك السودان عدم حاجته إلى السياسيين بقدر ما هو محتاج إلى أهل المعرفة والخبرة فالسياسيون خربوا البنيات الأساسية التي تقوم عليها التنمية, أين السكك الحديدية بنية النقل الأساسية؟اين مشروع الجزيرة ؟أين وأين..وأين؟؟؟ * تلكم منشآت يبنيها التكنوقراط ولا أحد غيرهم, أما من أستورز من وزراء آخر الزمان فهؤلاء لا يسألون عما يفعلون. وقصة الذهب هذه ذكرتني بقصة قديمة قرأناها قبل أكثر من ستين عامآ عن فرعون وقلة عقله اذ سخر منه أحدهم بانه حاك له جلبابآ لا يراه الأغبياء , فألبسه الجلباب الوهمي الذي لم يره هو نفسه ، و لكنه خشي إن أعلن ذلك أن يدرك الحائك غباءه ، و عند خروجه الي الشارع, بهت الناس عندما رأوه ولكنهم خافوا الا طفل صغير صرخ قائلآ(انظروا الي ملكنا العريان)..!!!!
* و اليوم ملايين الأطفال يصرخون : أنظروا إلى حكومتنا العريانة !!.