الشيخ الترابي كما عرفته

 


 

 

elkbashofe@gmail.com

    الحلقة الأولي

    لا أدعي أن صلتي بالراحل الشيخ الدكتور حسن الترابي كانت صلة تنظيمية أو بالأحري سياسية ولكنني عرفته عن قرب من خلال السفر معه كما عرفته في بيته العامر وفي بيوت الآخرين وفي الأفراح والأتراح واللقاءات والمؤتمرات السياسية والصحفية . وكان الشيخ الترابي حريص علي معرفة الناس بالتفاصيل من خشم البيت إلي القبيلة ولا يجد فرصة للحديث مع الناس إلا وأغتنمها فهو لا يكتم علما ولا يترك مجال للدعوة إلا دخل فيه دخوله إلأي الصلاة حيث كان الأمر عنده أمر توحيد ينتظم كافة شعاب الحياة وكان يتحدث إلي الشخص الذي يجلس إلي جواره ويقدم ملاحظاته حول الظواهر وتحليل الظواهر وهو الذي أطلق إسم أهل السودان علي الشعب السوداني فقد ثبت بالفعل أن السودانيين أهل أكثر عن كونهم شعب من الشعوب فهم يختلفون مثلا عن جيرانهم في شمال الوادي في كونهم شعب ولكن السودانيين علاقاتهم أعمق وأقوي من كونهم شعب وهذا ما لاجظه الراحل وردده في كثير من المحافل والمناسبات .

    وعرفت الشيخ الترابي علي مرحلتين وأنا طالب صغير بجامعة أم درمان الإسلامية حيث كان شيخنا وأستاذنا وصديقنا الذي كان كريما معنا غاية الكرم الدكتور محمد وقيع الله أستاذ العلوم السياسية والإقتصاد يحدثنا عن الدكتور الترابي وعن علمه وإستقامته وإجتهاده في الدين وعن أرائه الجرئية . وكان الدكتور وقيع الله يطرب للحديث عن الترابي وكان بحق خبيرا به سائرا علي نهجه ومطلعا علي أفكاره وكان يري فيه العالم المجدد وكان ينفي عنه اقوال حاسديه ودعاوي الحاقدين وما أكثر هؤلاء في حياة الراحل الشيخ الترابي فقط لانه كان يتفوق عليهم بعلمه و بحب الناس له و الذي ظهر في اليومين الاخرين في حياته يوم أن دخل مستشفي رويال كير و يوم وفاته الذي سالرت فيه الجموع و جاء الناس منذ الصباح الباكر و تم إغلاق الطرق الجسور و من لم يستطيع المشاركة ظل في سيارته أو بيته يتابع الحدث من خلال وسائل الإعلام .

    وكانت المرة الأولي التي رأيت فيها الشيخ الترابي وجها لوجه في مطلع ثمانينيات القرن العشرين في داخلية وقيع الله أو (أقم) كما يحلو للطلاب تسميتها بذلك الاسم فقم هي مقر الامام الخميني في إيران و بالنسبة لطلاب الجامعة كانت هي مكان للصلاة وايقاظ الطلاب بالداخلية لاداء صلاة الفجر فإن لم تكن من المداومين علي صلاة الصبح في موعدها فلا تبيت تلك الليلة بقم وإلا فشيخ المدينة عليه رحمة الله حاضرا ينادي أن حي علي الصلاة و قد كانت قم خالصة لطلاب الاتجاه الاسلامي و الحركة الإسلامية و كانت ملاذا و مزارالكثير من الشباب و الطلاب و بعضهم إمتحن الشهادة السودانية من تلك الداخلية و من (وقيع الله أو قم ) كانت تصدر صحيفة الإتجاه الاسلامي بجامعة أم درمان الإسلامية المعروفة بإسم المرصد و أحيانا آخري صحف حائطية بجامعات أخري . وكانت بها ماكنة (رونيو) لطباعة البيانات و بها مكتبة و إرشيف للوثائق الخاصة بطلاب الإتجاه الإسلامي بالجامعة و إتحاد الطلاب . و في إحدي الايام من العام 1982م تمت دعوتنا الي وقيع الله و في الصالون جلسنا علي الأرض و تم وضع منضدة و كرسي و لا أحد كان يدري من هو القادم إلينا و بعد قليل و قبيل المغرب كان الداخل هو الشيخ الراحل الدكتور حسن الترابي سلم علينا و تحدث يومها عن العلاقة الراهنة بين الحركة الإسلامية و نظام مايو و عن مستقبل العمل الإسلامي في السودان و كان حديثه قد أخذ طابع صراحته المعهودة و إحترامه للناس بغض النظر عن أعمارهم و أدوارهم .

    نواصل

 

آراء