أخيراً أصدرت قوى الحرية والتغيير، وتجمع المهنيين بيانات – بتاريخ 19 نوفمبر الجارى – أرجأت فيها مسألة تكوين المجلس التشريعي الى موعد "أقصاه 31 ديسمبر 2019؛ وذلك للمزيد من التشاور مع الجبهة الثورية. وقد جاء في بيان تنسيقية قوى الحرية والتغيير "تم الاتفاق على ارجاء التشكيل ... حتى نتمكن خلالها من التوافق مع الجبهة الثورية على صيغة متفق حولها في تكوين المجلس التشريعي وحتى نتمكن من إدارة حوار واسع مع القوى غير الموقعة على اعلان الحرية والتغيير حول اسهامها في البلمان الإنتفالى وفق أحكام الوثيقة الدستورية ". وعلى الرغم من أن قرار ارجاء تكوين المجلس أتى مخيباً لآمال الكثيرين الذين كانوا ينتظرون الإسراع بقيام المجلس واستكمال بنية الحكم الإنتقالى، الا أننى أرى أن يتم استثمار هذا الوقت المستقطع من عمر المجلس في وضع أسس سليمة وآلية فاعلة تفضى الى تكوين برلمان للثورة قادر على المضي بالمرحلة الانتقالية الى نهاياتها المرجوة في إرساء أسس التحوّل الديمقراطى والنهوض الوطنى.
فى أواخر ابريل الماضى، كنت قد نشرت مقالاً حول المجلس التشريعى الانتقالى قدمت فيه بعض الأفكار حول مكوناته وآلية تكوينه. حينها كانت المفاوضات فى بداياتها و لم يكن قد تم الاتفاق بعد على نسب المجلس على النحو الذى استقر فى الوثيقة الدستورية - 67% للحرية والتغيير و 33% للقوى الأخرى. ارتايت ان أعيد كتابة مقالى عن التشريعى الانتقالى آخذاً فى الاعتبار ما تم الاتفاق عليه فى الوثيقة، التطورات الأخيرة الخاصة بتأجيل تكوين المجلس ومستصحباً ما وصلنى من تعليقات واراء من بعض القراء، وذلك إسهاماً منى فى النقاش حول ضرورة استكمال هذا الاستحقاق الهام.
قلت بأن مقترح المجلس التشريعي الانتقالى يجترح درباً جديداً فى تجارب الانتقال السودانى نحو نظام ديمقراطى. فهو في تقديري مقترح ممتاز يستدرك بعض نواقص المراحل الانتقالية السابقة في تاريخ السودان المعاصر. فالناظر للتجارب الانتقالية السابقة (تحديداً مراحل الانتقال اللتان أعقبتا ثورة اكتوبر 6419، و انتفاضة ابريل 8519) يرى انهما افتقدتا مثل هذا الجهاز، الأمر الذى حصر سلطة اتخاذ القرارات الهامة بل والتشريعات فى ايدى مجموعة قليلة من المسؤولين هم طواقم مجالس الوزراء والسيادة بعد اكتوبر، او المجلس العسكرى والوزراء بعد ابريل؛ بل كان العسكرى وحده ردحاً من الزمان فى التجربة الابريلية قبل ان يتواضعوا على نظام تشريع المجلسين. (هكذا بتت هذه المجالس على محدوديتها فى قضايا مصيرية مثل قضايا الحرب والسلام، اجراء الانتخابات فى ظرف حرب أهلية، محاسبة (او عدم) محاسبة رموز النظام السابق إلخ. قد يحتج البعض بانه من غير اللائق ان توكل مهمة التشريع لمجلس غير منتخب حتى لو كان انتقالياً، والواقع ان المجالس التى مارست التشريع خلال فترات الانتقال السابقة كانت هى الأخرى غير منتخبة، بل وكان بعضها عسكرياً صرفاً. على صعيد متصل، فان غياب جهة تشريعية رقابية خلال المرحلة الانتقالية يقود بالضرورة لتزايد الضغوط من اجل الإسراع بطي صفحة المرحلة الانتقالية الاستثنائية والإتيان بحكومة مفوضة من الشعب "تعيد الأمور الى نصابها" وتحقق الاستقرار، وعلى الرغم من الوجاهة الظاهرية لهذا الرأي، الا ان تجارب السودان الديمقراطية السابقة لا تؤيده كثيراً اذ لم ترتبط بإنجازات تسد الطريق أمام المغامرات العسكرية التى أطاحت بها بعد سنوات قلائل. فضلاً عن ذلك فان الإسراع بالانتخابات فى خضم فوضى المراحل الانتقالية كثيراً ما يؤدى لتزايد حدة الاستقطاب، ولعل مثال ليبيا بعد القذافي خير شاهد على ذلك. فقد استعجلت القوى السياسية الليبية الانتخابات قبل التوصل لتوافق ناجز حول النظام السياسي والقضايا الكبرى التى تواجه البلاد، فكانت النتيجة ان تفاقم التشظي بفعل الاستقطاب الذي صحب الانتخابات، ودخلت البلاد فى دوامة من العنف لاتزال دائرة. خلاصة الامر ان الانتخابات مطلوبة للانتقال للنظام الديمقراطي، لكن اجرائها فى مناخ غير موات وظروف انقسام حادة غالباً ما يؤدى لمفاقمة الوضع بدلاً من ايجاد نقلة الى الامام. من الجانب الآخر شهدت التجربة التونسية بعد الثورة تشكيل الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة عبر تصعيد من "مجالس الثورة" في مختلف المناطق بالإضافة للأحزاب والمجتمع المدنى والشخصيات الوطنية. وكما أخبرنى بعض الأصدقاء التونسيين، فقد لعبت هذه الهيئة دوراً بارزاً في حماية الثورة اذ وفرت إطاراً جيداً للتوافق على المرحلة الانتقالية وهيئاتها المختلفة ومرتكزات الدستور الجديد.
وبالعودة لموضوع المجلس التشريعي الانتقالي في السودان، فقد تناولت الوثيقة الدستورية في فصلها السابع مسألة تكوين واختصاصات المجلس التشريعى. فى تقديرى، بالإضافة لمهام التشريع والرقابة المعهودة التي أوكلت للمجلس بنص الوثيقة، يمكن ان يشكل المجلس التشريعي منصة للحوار وإدارة الخلافات بين الأطراف المختلفة ومن ثم تهيئة الأجواء للوصول لتوافق حول القضايا الكبرى مثل الدستور والانتخابات والسلام. يمكن ان يتفق المجلس على ان يسعى لاتخاذ القرارات فى القضايا المصيرية بالتوافق بدلاً عن التصويت، على الرغم من أن الوثيقة نصت على أن المجلس يتخذ قراراته بالأغلبية البسيطة.
والآن لنتوقف عند قضية تكوين المجلس التشريعي. فصلّت المادة 24 من الوثيقة في موضوع تكوين المجلس حيث اشارت في فقرتها الخامسة الى أن "يراعى في تكوين المجلس التشريعى الانتقالي مكونات المجتمع السودانى بما فيها القوى السياسية والمدنية والمهنية والطرق الصوفية والإدارات الأهلية والحركات المسلحة الموقعة وغير الموقعة على إعلان الحرية واتغيير وغيرها من مكونات المجتمع السودانى"؛ كما نصت الفقرة الثانية من نفس المادة على ألا تقل نسبة مشاركة النساء عن 40% من عضوية المجلس.
ليس واضحاً، بالنسبة لى على الأقل، ان كانت الإشارة لمختلف للقوى الاجتماعية والسياسية الواردة في الفقرة أعلاه أتت على سبيل المثال أم الحصر، وان كنت أرجح أنها أتت على سبيل المثال؛ اذ تظل الفكرة الأساسية هي أن يراعى في تكوين المجلس مختلف "مكونات المجتمع السودانى".
والآن دعونا نتفحص في المكونات المختلفة التي يمكن أن يتشكل منها المجلس مع مقترحات حول طرق تمثيلها.
أولاً: شباب الثورة من الجنسين، وهؤلاء يمكن تصعيدهم عبر عملية انتخابية غير معقدة من لجان المقاومة في الأحياء والمدن من مختلف أقاليم السودان، وان تتراوح نسبتهم بين 25-30%. على أن يكون هنالك مسعى لتمثيل الشباب عبر المكونات الأخرى (مثل السياسية والمهنية).
ثانياً: المرأة. يمكن ان يتم التوافق على 'كوتا' للمرأة بنسبة 40 %، على ان يراعى تمثيل المرأة التعدد المهنى والفكرى والسياسى؛ والأفضل في نظرى أن يكون هنالك تمثيلاً للمرأة فى كافة مكوّنات المجلس وبنسبة 40%. هذا سيعطى مؤشراً جيداً لمشاركة المرأة على أساس الكفاءة والإنخراط في الشأن العام، أي أن تكون المرأة ممثلة لكيانات أخرى وليس فقط للمرأة، فالنساء شقائق الرجال. ثمة خيار آخر، وهو أن يتم تخصيص نصف نسبة المرأة (20%) ليأتى عبر كوتا نسائية تمثل كافة الولايات، بينما يأتي النصف الآخر للتمثيل النسائى عبر المكونات الأخرى.
ثالثاً: القوى السياسية الحزبية: أولا بالنسبة للقوى السياسية المنضوية تحت الحرية والتغيير ربما من الأفضل ان يتم التمثيل على أساس الكتل السياسية (نداء السودان، أو التكتل الذى حلّ محله؛ الإجماع الوطنى، التجمع الاتحادى المعارض الخ) وليس الأحزاب منفردة، على ان ترشح كل كتلة ممثليها ضمن النسبة التى يتم التوافق عليها داخل تنسيقية الحرية والتغيير او مجلسها المركزى. تبقى قضية القوى السياسية الأخرى التي لم توقع على ميثاق الحرية والتغيير ولكنها ناصرت الثورة، والقوى التي وقعّت على الميثاق لكنها ظلت خارج الكتل الرئيسية الثلاث. هذه مسألة تحتاج للمزيد من النقاش من قبل كافة مكونات الحرية والتغيير بغرض الوصول لصيغة تمثيلية معقولة (حتى وان لم تكن مرضية للجميع).
رابعاً: المهنيين والعمال والحرفيين والمزارعين وغيرهم من الفئات المختلفة، وهذه يمكن إيكال مسؤولية تنسيق تمثيلها لتجمع المهنيين مع التنظيمات الفئوية لهذه القطاعات.
خامساً: الحركات المسلحة الموقعة وغير الموقعة على الميثاق: يمكن أن تؤشر أي اتفاقيات سلام مقبلة الى آلية معينة لتمثيل للحركات المسلحة في المجلس التشريعى، او أن يحجز لها مكان ما في المجلس المرتقب. وعلى صعيد متصل يمكن أن يتم التوافق على أن يتم تمثيل الفصائل المنضوية تحت الجبهة الثورية ضمن حصة الحرية والتغيير، بينما تمثل الفصائل غير الموقعة ضمن ال33% الأخرى. السؤال الذى يطرح نفسه في قضية تمثيل هذا المكون هو: هل ستمثل هذه المجموعات كفصائل مسلحة، أم كأذرع سياسية لحركات مسلحة؟ في تقديرى يجب ألا تدخل هذه المجموعات الى البرلمان الا كتنظيمات سياسية أو مشروع تنظيمات سياسية لكن بالتزام واضح ونهائى بالعمل السياسى السلمى.
سادساً: المجتمع المدنى؛ من المفيد ألا يقتصر الاختيار هنا على المنظمات الموقعة على اعلان الحرية والتغيير وإنما يتعداه لمنظمات وناشطين لعبو دورا فى العمل الطوعي او الحقوقى من خارج المجموعة الموقعة؛ كما يجب أن يكون هنالك سعياً جاداً تمثيل الأشخاص ذوي الإعاقة، وهذه ستكون بادرة ممتازة وسابقة فريدة فى العمل السياسي السودانى.
سابعاً: شخصيات وطنية؛ هنا أيضاً يجب البحث عن شخصيات وطنية مقبولة لدى قطاع عريض من الراي العام بغض النظر عن التوجهات السياسية او الفكرية؛ ويمكن أن يتم اختيار الشخصيات الوطنية من قائمه طويلة يتم تجميعها من عدة مصادر. الى ذلك، من الضرورى النظر، ضمن هذا المكونات لضمانة تمثيل أعضاء من الطوائف المسيحية أو غير المسلمين بصفة عامة. قد تكون هنالك مجموعات أخرى لم يتم التطرق اليها أعلاه، ولكن يمكن ادراجها ضمن هذا المكوّن أو ذاك، المهم أن يؤخذ في الإعتبار الجوانب العملية وإمكانية الاختيار التمثيلي دون تعقيدات. والآن، قد يكون من المفيد التوقف عند بعض القضايا والإشكاليات المحتملة في اختيار عضوية المجلس التشريعى: أولاً: أشارت الوثيقة الدستورية في فقرتها المشار اليها عاليه، الى "الطرق الصوفية والإدارات الأهلية" كأحدى المكونات الواجب تمثيلها في المجلس التشريعى. على أهمية هاتين الفئتين، الا أننى أرى أن هنالك إشكاليات عدة في كيفية الإختيار من أوساطهما. أولاً، هل سيكون الاختيار على أساس من الموقف تجاه الثورة، أم البحث عمن يمثل حقيقة قواعد وأتباع الطرق الصوفية والإدارات الأهلية؛ ثم هل يكون التمثيل عبر الأطر والهياكل المعروفة لهذه الفئات: مجلس الطرق الصوفية ومشايخها وخلفائها؛ والعمد والنظار والأمراء في حالة الادارات الأهلية؟ وما هو التصرف المناسب في حالة وجود انقسامات في داخل القبيلة، أو الطريقة/الطائفة الواحدة؛ أو داخل البيوتات صاحبة الشأن في هذه الكيانات؟. الى كل ذلك يجب أن نأخذ بالأعتبار ما حدث لهذه الكيانات خلال فترة النظام السابق من خلال محاولات التجييش وزرع الانقسامات وشراء الولاءات، خاصة في مناطق النزاعات المسلحة، بل وفى غيرها. أرى أن الاتفاق على الية موضوعية تضمن تمثيل جماهير الطرق الصوفية والإدارات الأهلية أمر شبه مستحيل، واذا كان القصد تمثيل من اتخذ موقفاً واضحاً مع الثورة من بعض النخب الأهلية والدينية فليكن تمثيلهم ضمن الشخصيات الوطنية.
ثانياً: ماهى الطريقة المثلى لتحقيق التوازن الجغرافى والمناطقى في المجلس؟ هل يكون ذلك عبر تخصيص ما يشبه الدوائر الجغرافية وذلك عبر تخصيص مقاعد محددة من كافة الولايات الثمانية عشر لتمثلها في المجلس؟ مثل هذا الاجراء لن يكون عملياً في غياب آلية انتخابية لتحديد من يمثل الولاية في التشريعى، فضلآ عن أنه سيزيد من تعقيد عملية اختيار عضوية المجلس. الخيار الأفضل في نظرى أن يراعى التمثيل الجغرافى والمناطقى ضمن المكونات الأخرى (السياسية، المهنية، الشبابية، المرأة.. الخ).
ثالثاً: بالنسبة للمكوّن السياسى الحزبى، ثمة سؤال فيما يتعلق باحتمالية أن يكون هنالك تمثيل لأصحاب التوجه الاسلامى (سواء كان هذا التوجه سياسياً أم فكرياً).، ممن أبدى انحيازاً واضحاً للثورة والخيار الديمقراطى. قد يكون رفض الفكرة من أساسها هو رد الفعل الطبيعى لدى الكثيرين، لكن الموضوع يحتاج لقدر من التفكير والتدبر؛ لأن الغرض الإسترتيجى هو بناء نظام سياسى ديمقراطى يحظى بقدر من الإجماع من كافة ألوان الصيف.
نأتى الآن للنقطة الهامة الخاصة بكيفية اختيار أعضاء المجلس، ومن يقوم بعملية الانتخاب او الاختيار. بالنسبة للجهة التى تقوم بالاختيار، ارى ان يتم تشكيل لجنة قومية برئاسة قاض ومن رجال ونساء فى حدود 5-7 أعضاء، واذا تعذر تكوين هذه اللجنة لهذا السبب او ذاك، يجب الإسراع بتكوين مفوضية الانتخابات للإشراف على تشكيل المجلس التشريعى. الفكرة هنا، ان تكون هنالك جهة تتمتع بقدر من الحيادية تشرف على تشكيل المجلس بدلاً من ترك تشكيله للجهات التى ستحتل مقاعداً فيه. ولعل الإجراء الأصوب فى نظرى ان يتم تشكيل المجلس بواسطة قانون أو أمر تشكيل، يتم إقراره فى اجتماع مشترك بين مجلسي السيادة والوزراء. يمكن ان ينص هذا القانون أو الأمر على الآليات التى ستتبعها اللجنة القومية المفوضية الانتخابات فى اختيار أعضاء المجلس، وان يفتح باباً للجمهور للطعن فى الترشيحات اذا رؤى ذلك مناسباً؛ كما يجب ان يحدد مرسوم التشكيل الفترة الزمنية الواجب اتمام عملية اختيار المجلس فى خلالها، والتى يجب ألا تتعدى الشهر منذ تسلم اللجنة للترشيحات. فى موازاة ذلك يتعين على قوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين الانصراف الى إعداد قوائم المرشحين للمجلس بحيث تشمل كافة المكونات التى فصلنا فيها أعلاه والتي يجب أن تضمن تمثيلاً متنوعاً ومتوازناً لمختلف مكونات المجتمع السودانى. فى هذا الصدد يمكن استكمال إعداد قوائم المرشحين عبر العملية التالية: • تشاور مكثف داخل مكونات الحرية والتغيير وتجمع المهنيين للاتفاق النهائي على الفئات والمجموعات التى ستحتل مقاعداً فى المجلس وحصة كل مجموعة وذلك ضمن نسبة ال67% التى هى من نصيب الحرية والتغيير؛ • التوافق بين الحرية والتغيير والحركات المسلحة والجهات الأخرى ذات الصلة مثل على كيفية التمثيل البرلماني للمجموعات المسلحة؛ اما عن طريق تضمين ما يتم التوصل اليه عبر مفاوضات السلام، او التوافق على ترك نسبة شاغرة من المقاعد يتم تخصيصها لهذه المجموعات والجهات/المناطق التى تمثلها. • تشاور بين كتلة الحرية والتغيير والمكوّن العسكرى فى مجلس السيادة للاتفاق على نسبة ال33% من المقاعد التى ستتشكل من القوى غير الموقعة على الميثاق - ماهية هذه القوى والمجموعات التى ستحتل هذه المقاعد (التى تبلغ مائة مقعد)، وحصة كل مجموعة. بعد الفراغ من توزيع مقاعد المجلس على المكوّنات والفئات المختلفة والتوافق على حصص التمثيل لكل، تنصرف الجهات واللجان المختلفة لإعداد قوائم المرشحين لمقاعد المجلس حسب الحصص التى يتم التوافق عليها وذلك بواقع 5 مرشحين لكل مقعد برلمانى. عند الفراغ من هذه الترشيحات يتم رفع اسماء المرشحين للجنة القومية او مفوضية الانتخابات مصحوبة بمعلومات كاملة حول كل مرشح تشمل، بالإضافة للسيرة الذاتية، الانتماء السياسى او المهنى او لأى مكون اخر (مجتمع مدنى، شخصيات وطنية، مجموعات شبابية.. الخ)، وذلك حتى تتمكن اللجنة او المفوضية من اجراء الاختيار بين المرشحين على أساس واضح من المعلومات والبيانات الوافية. الى ذلك يمكن ان تسترشد اللجنة او المفوضية بالموجهات التالية عند قيامها بالاختيار بين المرشحين: • الشروط المفترض توفرها فى عضو المجلس الواردة فى الوثيقة الدستورية؛ • ضمانة تحقق نسبة ال40% من النساء؛ • التوازن الجغرافي؛ • تمثيلية المجلس لغالب اهل السودان مع تنوعهم واتجاهاتهم المختلفة؛ • توافر الحد الأدنى من المعرفة أو الخبرة والوعي السياسى التي تمكن المرشح من القيام بدوره(ها) كعضو برلماني. يتم أخيراً الاتفاق على آلية للطعن فى قوائم المرشحين من قبل الجمهور وفق اجل زمني محدد، وسبل الفصل فيها (بواسطة اللجنة او القضاء)؛ ويمكن أن يتم النص على هذه الآلية فى قانون او امر تشكيل المجلس، الذى اقترحناه أعلاه.
نقطة أخيرة، من المهم أن يعكس المجلس تنوعاً ديمغرافياً، عرقياً، جهوياً، وطائفياً؛ فضلاً عن التنوع الفكرى والأيديولوجي. على أن هنالك ضرورة للابتعاد عن التوجهات الشعبوية التي تسعى لإرضاء العديد من الكيانات والتجمعات التي تمثل أطراً فئوية أو مناطقية، أو التي تنشط في هذه القضية أو تلك، وذلك حتى لا ينتهى الأمر الى حشد المجلس بالعديد من الكيانات والتجمعات الصغيرة ذات التوجهات المتباينة، بل وربما المتنافرة. فالهدف في نهاية المطاف يرمى الى إنشاء هيئة تشريعية قادرة على الرقابة والتشريع، وأن تكون منصة للتداول الحيوي حول القضايا الوطنية الكبرى ومحاولة الوصول الى توافق حولها.