المعارضة السودانية في صالة الانتظار! .. بقلم: فيصل علي سليمان الدابي

بتاريخ 8/12/2009 ، واثناء مشاهدتي لتلفزيون بي بي سي الناطق بالإنجليزية، فؤجئت بمشهد عجيب مصحوب بتعليق أعجب ، فقد ظهر على الشاشة معارض سياسي صيني يقبع في صالة الانتظار بأحد المطارات اليابانية منذ أكثر من شهر بسبب عدم سماح الحكومة الصينية له بالعودة إلى الصين وإصراره هو على العودة إلى الصين بأي ثمن وعدم قبوله باللجوء السياسي إلى اليابان أو أي دولة أخرى ولأن رأس الحكومة الصينية ناشف ورأس المعارض الصيني أنشف فليس من الممكن تخيل أي نهاية لهذا الانتظار المفتوح الذي قد يمتد إلى أجل غير مسمى وقد نقل تلفزيون بي بي سي أبرز تفاصيل الحياة اليومية للمعارض الصيني حيث يعيش على صدقات الطعام الي يقدمه له بعض المغادرين أو الواصلين ويغسل وجهه من الصنابير العمومية وحينما يخيم الليل يتمدد على إحدى الكنبات الجافة ثم ينام وهو يحلم بالعودة إلى الصين فقط لا غير!

وبتاريخ 7/12/2009 تناقلت نشرات الأخبار العالمية أنباء سودانية غير طيبة على الإطلاق مفادها قيام حكومة المؤتمر الوطني القابضة على عنان السلطة في الخرطوم بقمع مظاهرة للمعارضة السودانية بقوة الشرطة والأمن والجيش واعتقال قيادات من الحركة الشعبية السودانية شريكة المؤتمر الوطني في حكم السودان وتواردت أخبار أخرى عن قيام جنوبيين بإحراق بعض مقار المؤتمر الوطني في جنوب السودان!

من المؤكد أن المعارضة السودانية في الوقت الراهن في حالة انتظار غير مفهومة فهاهي مظاهرتها السلمية قد انتهت بلا نتيجة وفوق ذلك فالمعارضة السودانية منقسمة على نفسها أشد الانقسام ومتناقضة مع ذاتها أشد التناقض فحزب الأمة العريق أصبح أحزاباً غير أممية والحزب الاتحادي العظيم أصبح كنتونات غير اتحادية والحركة الشعبية تُطالب بالديمقراطية في الشمال ولا تطبقها في الجنوب وهي في ذات الوقت مع الحكومة ضد المعارضة ومع المعارضة ضد الحكومة ، أما المؤتمر الوطني فيلعب على جميع حبال المعارضة وهو ينادي بأعلى صوته بالاستعداد لخوض الانتخابات الديمقراطية القادمة بينما يلجأ لقوة الجيش والشرطة والأمن لتفريق المظاهرات السلمية الديمقراطية!

إن حال المعارضة السودانية في الوقت الراهن لا يختلف عن حال المعارض الصيني القابع في المطار الياباني طالما ظل رأس حكومة المؤتمر الوطني ناشفاً فهي الآن من أهل الأعراف فلا هي استطاعت الدخول إلى جنة الديمقراطية ولا هي تلظت بنار الثورة المسلحة ضد حكومة المؤتمر الوطني، وهي في ذات الوقت قد تنال عطف كل الدول الديمقراطية في العالم الخارجي ولكنها ، حسب المعطيات السياسية الراهنة، لن تستطيع أن تكسب الانتخابات السودانية المقبلة طالما أن صناديق الاقتراع ستكون تحت عهدة نفس الجيش أو الشرطة أو الأمن الذي قمع المظاهرة الديمقراطية التي نظمتها المعارضة السودانية بالأمس، والمحصلة النهائية لهذا الفوضى السياسية غير الخلاقة  هي أن المعارضة السودانية القابعة في صالة الانتظار السياسي في الوقت الراهن لا تملك إلا أن تنام على الكنبة الجافة وتحلم بالفوز بالانتخابات القادمة!

فيصل علي سليمان الدابي/المحامي/الدوحة/قطر

fsuliman1@gmail.com

عن فيصل علي سليمان الدابي

Avatar

شاهد أيضاً

الثور في مستودع الخزف!

مناظير الخميس 26 يونيو، 2025مِن سخرية الأقدار أن الانقلابي عبد الفتاح البرهان سيشارك في مؤتمر …

اترك تعليقاً