(الوراق) و(غسان) بيضا وجه الثقافة السودانية

 


 

 

(الوراق) و(غسان) بيضا وجه الثقافة السودانية وسدا ثغرة كان ينفذ منها التخلي عن القراءة لحساب الكسل الذهني والثرثرة الفارغة والتحديق في المجهول واللامعقول وكان إن ضاعت معظم السنين والبيان والتبيين !!..

هذا البرنامج ( الوراق ) ينتظره الكثيرون علي احر من الجمر ونقول بكل ثقة أنه أعاد إلينا فردوسنا المفقود من ناحية الثقافة التي كادت ان تندثر بعد ان اهملها الجميع حكومة وشعبا وصار الاشتغال بالامور الانصرافية شغل الناس الشاغل يقضون سحابة يومهم وجزءا كبيرا من الليل في ردهات العالم الافتراضي بين التسكع والوهم وفي النهاية الألم وحصاد الندم وقبض الريح !!..
كل حلقة من هذا البرنامج تمثل دائرة ثقافية مكتملة الأركان ومركز إشعاع وتنوير مع مقدم البرنامج العارف بأدب الحوار واسرار الدرر الكامنة في خبايا الحسن والجمال والضيوف من حملة القلم والبهاء المعرفي والعلم المنثور علي موائد الرحابة ينهل منه عطشي القول الرصين والمعني الثمين ولسان حالهم يردد في لهفة الصوفي المعذب : ( هل من مزيد ) ؟!
يكفي ان تشاهد حلقة واحدة من هذا البرنامج الفلتة لتحصل علي خلاصة سفر سكب فيه مؤلفه روحه الوثابة وانفاسه الطاهرة وكم سهر وعاني لتخرج الاحرف صافية رقراقة لا تقل بحال من الأحوال عن ديوان ( إشراقة ) !!..
ساعة من الزمان يحاور فيها غسان المؤلف ويتم سبر غور الأفكار وتقليبها علي نار هادئة في استعراض يأخذ بمجامع القلوب يروي قلة الصادي ونهم الجوعي للرصانة والتفنن في الرسم بالكلمات وحديث الذكريات الجميلة وايام مضت يوم كان لنا مكتبات وقراء وأدب رفيع ومدارس وجامعات يتبختر المتنبي بين ردهاتها وعميد الادب العربي طه حسين بصوته العميق يتغلغل عبر مسامات الأذواق المرهفة الطامحة للنبيل والجديد في دنيا الأغذية الروحية والأخلاقية والدواء الشافي لعودة الروح الي مربدها وسط الزهور اليانعة مع اعذب الالحان واشجاها والقلم يصول ويجول من الخليج الي المحيط والأمة العربية كانت غارقة في بحار التصفح والمطابع تهدر والصحف والمجلات الوقورة بملاحقها الأدبية الثرة كانت تسد عين الشمس !!..
اين هذا النعيم الذي ساد ثم باد تحت وطأة سنابك خيل الهمجية وطغيان الحياة المادية والافتقار الي الحرية وتواري العدالة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وصار الناس سكاري يسيرون خبط عشواء حار بهم الدليل يبحثون عن الخطوة بداية رحلة الالف ميل لعل وعسى تعويض ما فات من الزمن الجميل !!..
شكرا غسان ما قصرت و ( الوراق ) سد لنا فراغا عجزت وزارة الثقافة إن تملاه وعجزت عن أداء ابسط مهامها لأن القائمين عليها يفتقرون الي العلم والمعرفة والتفاني والإخلاص في الأخذ بيد المواطن لواحات الفكر والعلم والنور ليعم الخير والصلاح والجمال أرجاء أرضنا الطيبة ونعيش سعداء نستنشق حبر المطابع ونعانق نبض الحروف ونتحسس الورق المصقول ونملا عيوننا من الصور والرسوم الملونة ومن كل ماهو جميل بين دفتي كتاب خير جليس وانيس في زمن عز فيه الصديق الصدوق!!..

حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم .

ghamedalneil@gmail.com

 

آراء