تفاقم أزمة الحكم في السودان … بقلم: تاج السر عثمان
18 November, 2009
alsir osman" <alsirbabo@yahoo.co.uk
وصلت أزمة الحكم في السودان الي نقطة حرجة تنذر بالانفجار وتشظي البلاد، وتتلخص هذه الأزمة في: عدم تنفيذ جوهر اتفاقية نيفاشا بعد أكثر من أربع سنوات، والذي يتمثل في التحول الديمقراطي وتحسين أحوال الناس المعيشية وتوفير التنمية والاحتياجات الأساسية في الشمال والجنوب(التعليم والصحة والخدمات..) مما يرسخ السلام ووحدة البلاد، اضافة لعدم تنفيذ جوانب الاتقاقية الأخري مثل: ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب وتنفيذ قرار محكمة لاهاي الخاص بابيي، وتفاقم ازمة الشريكين والتي اكدت فشل الحل الثنائي مما يؤكد ضرورة الآلية القومية لحل أزمة البلاد والتي تشترك فيها كل القوي السياسية ومنظمات المجتمع المدني.
هذا اضافة لأزمة دارفور التي ما زالت تراوح مكانها، ولابديل غير الحل الشامل والعادل لتلك المشكلة كشرط لاستقرار البلاد وقيام انتخابات حرة نزيهة، هذا اضافة لتداعيات المحكمة الجنائية، وكثافة التدخل الأجنبي في السودان في حين أن السودانيين قادرون علي حل مشاكلهم، اذا تحقق المؤتمر القومي الجامع.
كما تدهورت الأوضاع المعيشية طيلة الأربع السنوات الماضية من عمر الاتفاقية اذ استمر النظام في سياسته التقليدية باجازة ميزانية الأعوام:2006، و2007، و2008، و2009، و2010م، والتي زادت الشعب السوداني رهقا علي رهق، واستمرار النظام في خصخصة مرافق الدولة العامة مثل: مشروع الجزيرة الذي شكل عصب الاقتصاد السوداني لعقود من الزمان ومايرتبط بذلك من تشريد العاملين وتخفيض أجورهم،وبالتالي يظل ذلك مفارقا لأهداف اتفاقية نيفاشا التي اوقفت الحرب وبشرت بتحسين أحوال الناس المعيشية والاقتصادية والعمل من أجل الوحدة الجاذبة، وفي حين كان يتوقع الناس أن تذهب عائدات البترول لدعم القطاع الزراعي والحيواني والصناعة وتوفير فرص عمل لالاف الشباب العاطلين عن العمل ودعم التعليم والصحة والخدمات..الخ، ولكن ذلك لم يحدث. هذا علما بضآلة المبالغ المخصصة للصحة والتعليم. كما تلوح في الأفق نذر المجاعة هذا العام لشح الامطار وفشل الموسم الزراعي وارتفاع أسعار الذرة والخضروات وضروريات الحياة الأخري، هذا اضافة للفساد في مرافق الدولة والذي اصبح يزكم الأنوف كما وضح من تقرير المراجع العام الأخير الذي قدمه في المجلس الوطني، اضافة لأزمة المفصولين عن العمل.
ومن مظاهر تفاقم أزمة النظام عدم تنفيذ استحقاقات التحول الديمقراطي والغاء القوانين المقيدة للحريات، وكفالة حق الأحزاب السياسية بعمل ندواتها في الميادين العامة والفرص المتساوية في أجهزة الاعلام التي يحتكرها المؤتمر الوطني، ومحاولة تمرير قانون الأمن الوطني الذي يتعارض مع الدستور الذي حدد مهام الأمن في جمع المعلومات وتحليلها ورفعها، هذا اضافة للشكاوي التي وردت من النقابيين بتزوير انتخابات المعلمين والاطباء والمهندسين..الخ، وشكاوي القوي السياسية لمفوضيات الانتخابات حول التجاوزات في التسجيل مثل: تسجيل القوات النظامية في أماكن العمل مخالفا في ذلك قانون الانتخابات الذي يشير الي التسجيل في مكان السكن اسوة ببقية المواطنين، وتلاعب مناديب المؤتمر الوطني في مراكز التسجيل والذي يتجلي في أخذ بطاقات المواطنين عن طريق التضليل، وعدم دقة التسجيل مثل تحديد المربع ورقم المنزل في بعض المراكز مما يفتح الباب علي مصراعيه لعملية التزوير..الخ، كل ذلك ارهاصات ونذر بتزوير الانتخابات مما يعيد انتاج أزمة كينيا وايران الأخيرتين.
كما تتفاقم الصراعات القبلية في الجنوب والتي راح ضحيتها الالاف في السنوات الماضية والتي تنذر بعودة الحرب في الجنوب، ولاسيما ان المواطن الجنوبي لم يحس بتوفير أي خدمات او تنمية، ولم ينعكس السلام ايجابا في حياته واوضاعه المعيشية اضافة لانتشار الفساد وبودار المجاعة التي تحذر منها الأمم المتحدة، هذا اضافة لأزمات الشمال الأخري مثل مشاكل السدود(كجبار، دال، الشريك..).
ومن مظاهر تفاقم ازمة الحكم الصراعات التي بدات تطل برأسها والتي يشير الي شرخ داخل الحزب الحاكم(المؤتمر الوطني)، كما ظهر في منطقة الجزيرة ومايرشح في الصحف وأوساط الطلاب حول تداعيات ذلك الصراع، اضافة لعزلة المؤتمر الوطني كما اتضح من عدم مشاركته في مؤتمر جوبا الأخير والذي وضع خريطة طريق للخروج من الأزمة والنفق المظلم.
وفي سبيل نزع فتيل الأزمة التي تهدد وحدة السودان، لابديل غير التحول الديمقراطي، والغاء كل القوانين المقيدة للحريات والتي تفتح الطريق لقيام انتخابات حرة نزيهة وتحقيق بقية الشروط الأخري لتلك الانتخابات مثل: تنفيذ اتفاقية نيفاشا وبقية الاتفاقات والحل الشامل والعادل لقضية دارفور، وتخفيف الضائقة المعيشية علي المواطنين، ولجم الفساد، ووقف بيع مشروع الجزيرة والاراضي الزراعية للأجانب، وبقية المرافق العامة..
ولاطريق للخروج من الأزمة سوي النهوض الجماهيري وخلق اوسع تحالف من اجل تحقيق تلك المطالب والتي تضمن انتخابات حرة نزيهة تضمن وحدة البلاد وتصفية الشمولية والديكتاتورية من الحياة السياسية.