جهاد الإشاعات، والكذب: آخر المطاف لخدمة الإسلام؟

 


 

صلاح شعيب
1 June, 2021

 

 

أفرغ الإسلام السياسي آخر ما في جعبته ليرينا كيف أن قادته، ومنسوبيه، يريدون إعادة مجد الإسلام بجهاد الكذب، والنفاق، والبهتان، وقذف الناس بالباطل، هذا بخلاف الموبقات الأخرى التي من ضمنها إباحة التعذيب، والاغتصاب، ما داما يعززان تمكين الأخ المسلم في الأرض لخلق الدولة الإسلامية.
في الحقيقة تنتشر منذ حين شائعات تغمر وسائط التواصل الاجتماعي بشكل محموم يدل على استمرار غياب الفعل الراشد لدى منسوبي الإسلام السياسي. وهذا التخطيط الشرير وحده كفيل بمعرفة غياب القدرة في الحركة الإسلامية لقراءة راهن الواقع السوداني، والإقليمي، والدولي، بشكل سليم. وكذلك يدل على غياب القراءة المتبصرة لمستقبل تحولات العصر ما يعني أن الحركة الإسلامية تفتقر إلى مفكرين تصحيحين يعيدون مراجعة فكرة الإخوان المسلمين في مظانها، وممارستها. وذلك بعد مرور نحو قرن تقريبا منذ أن نشأ هذا هذا الفكر القاصر في بلادنا، وأفرز تجربة الفشل الكلية في الحفاظ على وحدتها، وأمنها واستقرارها، ورفاهية شعبها.
وللأسف فإن المراقب الحصيف لنتاج كل الجماعات التي انسلت عن الفكرة سيجد أنها عبثت بمفهوم الإصلاح، ولا تستبطنه في عميق نظرتها. كل ما في أمر هذه الاتجاهات الإسلاموية الجديدة أنها تملك نسخاً متماهية في الاحتيال الفكري ظناً أنها قد تجد فرصتها في التحشيد ثم السلطة لتبين لنا جانباً حديثاً من وحشية الفكرة مرة أخرى. ونسبة لهذه الاختلالات المفاهيمية لم يتبق لنثارات الحركة الإسلامية سوى توظيف سلاح الاحتيال الفكري الذي يجد في بيئاتنا مستقراً، وكذا تراهن هذه التيارات الإسلاموية على استغلال طيبة المجتمع السوداني، وسماحته، وسذاجة بعض سياسيينا، وضعف وهوان مفكرينا الذين لم يحسنوا في مواجهة الإخوان، كما أن المسؤولين عن البلد لم يستميتوا في مواجهة الابتزاز الذي يحسنه الإسلاميون كسلاح آخر للتخويف في زمان شراسة البحث عن الحرية.
لقد كشر المنهزمون فكرياً، واخلاقياً، بعد رمي المشروع الحضاري في مذبلة التاريخ عن أنيابهم في توظيف سلاح الإشاعة، والكذب الصراح، كمدخل لتفتيت الفترة الانتقالية، وضرب المكونات السياسية بعضها بعضا، بذات الطريقة التي استخدموا بها الدولة لرشوة قياداتها، وتمزيقها.
لقد استمرأ الإسلاميون منذ بدايات الوضع الجديد في إغراق الإنترنت يومياً بالأكاذيب التي تستهدف المرحلة، وأنشأوا مواقع إخبارية وهمية متخصصة في دس الخداع في موادها المخدومة بعناية لخلق رأي عام سالب.
وفي ظل مناخ الفشل السياسي لحكومة حمدوك في أكثر من ملف، وتباعد استراتيجيات القوى التي وقعت على إعلان الحرية والتغيير، تمكنت هذه المواقع في ضرب عصفورين: زيادة الفتق بين المكونات التي شاركت في إسقاطهم، وكذلك تدمير أي إمكانية للاستقرار السياسي الذي يساعد على تصفية تنظيمهم الحكومي الذي لحق الاتحاد الاشتراكي، والهدف الأبعد هو إفشال تحقيق دولة المواطنة التي تحجم أفكارهم الاستبدادية.
للأسف لم تسع حكومة حمدوك إلى خلق استراتيجية إعلامية قادرة على نشر الحقائق، وإنجاز الشفافية عبر إحاطة الرأي العام بالمعلومات، وتحجيم إعلام الفلول، وتحويل المؤسسات الإعلامية الرسمية إلى خلية لحماية أهداف الثورة.
بل أبقت بكل أريحية على الإعلام الخاص المملوك للإسلاميين دون موجهات تحافظ على مكتسبات الثورة، واعتمدت كثيرا من الكوادر الإسلامية المنتمية للمؤتمر الوطني في الإذاعة، والتلفزيون، وسونا. وأمام هذه التحديات الكثيرة التي جابهت الحكومة تهرب المسؤولون من تنوير الرأي العام. بل إن حكومة حمدوك أصبحت هي الوحيدة في العالم التي ليس لديها الآن أي ناطق رسمي باسمها ليخرج للمواطنين باستمرار لنفي تلك الشائعات قبل إبلاغهم بحقيقة دور الحكومة في ما يجري على سطح المشهد السياسي.
بالمناسبة أين وزير الثقافة والإعلام الذي نصبه لنا الإخوة الشباب في التجمع الاتحادي، والذين قدموا لنا أنفسهم بأنهم شباب جديد يحملون فكرا متقدما عن الطائفية؟، ولا أدري إن كان هؤلاء الشباب قصدوا أن يكون مرشد طائفة الختمية أفضل منهم حين أتى بوزيرين مؤثرين في الفترة الديموقراطية الثالثة، وهما الاستاذين محمد توفيق، والتوم محمد التوم؟!
فوزارة الثقافة والإعلام عجزت عن وضع استراتيجية لمواجهة إعلام الفلول الضال، وإيجاد وسيلة للتعامل مع التحديات الإعلامية الكثيرة، وأولها كيفية تحقيق الشفافية في تنوير المواطنين بشكل أفضل من أن يدس المسؤولون عنها رؤوسهم في الرمال، ويتركوا المواطن نهبا للأخبار الكاذبة. ومع ذلك فلن يجني الإسلاميون من سلاح الإشاعة شيئاً إذا عرفنا أن كل أسلحتهم النارية، والاقتصادية، والأمنية، والدبلوماسية والإعلامية التي احتكروا بها الدولة فشلت في أن تعينهم في تسليم السلطة إلى السيد المسيح ابن مريم، عليه السلام. وليتهم يتعقلون!

 

آراء