حرب ١٥ ابريل والامبريالية (الجديدة) (4 من 6)

 


 

 

12 أداة امبريالية… ها هنا الخرطوم

طارق بشري (شبين)

الاقتصاد الاستخراجي - جدلية الحرب و الامبريالية الجديدة {٢}
الذهب هنا بما هو مصدر وعامل في التلوث البيئي و الحرب والثروة المالية للدعم السريع و قيادة الجيش و الحركة الاسلاموية و بما هو ايضا مظهر أساسي في الاقتصاد الاستخراجي حيث حل محل البترول بعد انفصال الجنوب ليكون المصدر الأول للنقد الأجنبي و علاقته بتعميق علاقة التبعية للاقتصاد الخارجي.عكس ماهو متوقع ازداد النفوذ السياسي لقيادة الدعم السريع و قيادة الجيش(اللجنة الأمنية) و ازدادت سيطرتهم على القطاعات الأكثر أهمية في اقتصاد السودان الاستخراجي من مثل قطاع الذهب و الثروة الحيوانية والمحاصيل الزراعية و بينما تم تقليص النفوذ السياسي والاقتصادي للحكومة المدنية بشكل عام، كانت السيطرة على عمليات التعدين مرتبطة بالفعل بـ ”حماية المواقع وتوزيع ولايات السودان بين قيادتي الدعم السريع والجيش قبل و بعد الحرب.وعلى سبيل المثال سيطرت و تملكت قوات ميليشيا الدعم السريع على مربعات الذهب في سانجو في جنوب دارفور وجبل عوينات في الولاية الشمالية، جبل عامر،منطقتي السريف وكبكابية،محلية المالحة في شمال دارفور ومحلية ردوم في جنوب دارفور.منطقة كُتُم الغنية بالذهب ومناجم النعيم وأبو أودام في محلية أم كدادة. وأعقب ذلك التوسع في مناطق تهريب وتجارة الذهب عبر أم دافوق ثم إلى إفريقيا الوسطى.قيادة الجيش كانت قد تولت السيطرة على تعدين الذهب في النيل الأزرق؛ وفي كسلا والولاية الشمالية وجنوب كردفان. وقد حدث ذلك حدث ذلك بالتوازي مع هيمنتها على العديد من القطاعات الاقتصادية الأخرى.الاقتصاد السياسي للحرب يموضع الذهب عاملا أساسيا في السيطرة على السلطة و بل تربط بعض التقارير لدور هذا الذهب في بكيفية تمويل الحكومة الروسية لحربها ضد أوكرانيا حرب حماس ضد إسرائيل. وقد أدى هذا الربط بين تمويل الحرب وقطاع الذهاب إلى فرض الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات دولية من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي استهدفت شركات تعدين الذهب والشركات التجارية المرتبطة بالصراع (https://digitalcommons.csbsju.edu/social_encounters
الشريك الاقتصادي الأول في التجاره البينيه بين السودان و العالم الخارجي هي دولة الإمارات- الصادرات و الواردات- و على سبيل المثال، في عام 2022، صدّرت الإمارات ما قيمته 32.8 مليار دولار من الذهب، مما يجعلها ثالث أكبر مصدر للذهب في العالم. وفي العام نفسه، كان الذهب ثالث أكثر المنتجات واردا اليها. الواردات في عام 2022، استوردت الإمارات العربية المتحدة 57.1 مليار دولار من الذهب، لتصبح ثالث أكبر مستورد للذهب في العالم. تستورد الإمارات الذهب في المقام الأول من: مالي (5.57 مليار دولار)، وروسيا (5.36 مليار دولار)، وغانا (4.68 مليار دولار)، والمملكة المتحدة (4.5 مليار دولار)، وزيمبابوي (4.46 مليار دولار).https://shorturl.at/jqq2K.اين السودان هنا.https://oec.world/en/profile/country/sdn بينما ما تشير البيانات إلى ما قدره 2.32 مليار دولار صدر ل الامارات ذهبا حيث أصبحت دبي أكبر نقطة دخول للذهب من السودان إلى التداول العالمي.الاقتصاد السياسي للذهب يرتبط جدليا مع الاقتصاد السياسي للفساد و الذي هو مظهر جوهري من الممارسه السياسيه و الاقتصاديه طوال سنوات سيطرة المؤتمر الوطني وخاصة في البترول و الذهب. وجد تحليل الفجوة في القيمة التجارية الذي أجرته مؤسسة التمويل العالمي: من بين 374 علاقة تجارية ثنائية بين السودان و70 من شركائه التجاريين الذين تم فحصهم بين عامي 2012 و 2018، والتي بلغت قيمتها الإجمالية المبلغ عنها 65.0 مليار دولار أمريكي (كما أبلغ عنها السودان),حددت مؤسسة GFI ما يقدر بنحو 30.9 مليار دولار أمريكي من فجوات القيمة(https://shorturl.at/yVurN).(ما هو لك هو لي: مأساة أو تراجيديا الامبريالية الاستخراجية..<What's Yours Is Mine: The Tragedy of Extractive Imperialism( https://shorturl.at/aJGYo )وفق الغطاء الأيديولوجي النيوليبرالية خصصت سلطة الانقاذ بما هي سلطة الرأسمالية الطفيلية كامل الاقتصاد السوداني لصالحها و هذا يعني في سياق آخر خاصة إبان الفترة الانتقالية خصخصة ما هو ملك للشعب من موارد -الذهب مثالا- لصالح تنمية اقتصاد الدعم السريع و اقتصاد الجيش و هذه هي تراجيديا الاقتصاد الاستخراجي و علاقتها الاجتماعية الطبقية و علاتها بالامبريالية الجديده و اياك نع نعني الامارات.
نهب أراضي السودان لخدمة الامبريالية {٣}
في سياق سيطرة النيوليبرالية كنظام سياسي و ايديولوجي على المستوى العالمي منذ بدايات ١٩٨٠ تنامت ظاهرة (الاستيلاء على الأراضي على مستوى عالمي-land grabbing) والتي أخذت منحى متصاعدا بخاصة بعد عام 2006-وفق تقرير صادر في 2012 ل The International Land Coalition) فإن هناك ما يفوق الـ 203 مليون هكتار على مستوى العالم قد تم انتزاعها في الفترة بين 2000 الى 2011(وفق أحدث تقرير كنا قد اشرنا اليه اعلاه فان ما يصل إلى ٨٢٢ مليون هكتار تم انتزاعها عالميا -.و لهذه الظاهرة العديد من الاسباب والتي منها استهداف إنتاج المزيد من المحاصيل لسد الطلب المتزايد عالميا على المنتجات الغذائية و التي تزداد أسعارها باضطراد واستخراج الموارد المعدنية و ايضا بسبب من الأزمة المالية العالمية والسعي لفتح منافذ جديدة لربحية رأس المال
ووفقا لتقرير منظمة أوكسفام المعنون (أرضنا حقوقنا) في أكتوبر 2012 يمكن تعريف حيازة الأراضي بأنها حيازة أي قطعة أرض على نطاق واسع تزيد مساحتها عن 200 هكتار، أو ضعف متوسط حيازة الأراضي، وفقًا للسياق الوطني(Elhadary & Abdelatty 2016). يشير ذات التقرير أيضًا إلى أن ما يجعل حيازة الأراضي عملية استيلاء على الأراضي هو عندما ينتهك المستثمر واحد أو أكثر من التالي :(1) انتهاك حقوق الإنسان، ولا سيما مساواة المرأة في الحقوق ، (2) الاستهزاء بمبادئ الموافقة الحرة والمسبقة والمستنيرة - التي بموجبها تكون المجتمعات المتضررة وإحاطته علما بالموافقة على مشروع ما وقدرتها على إعطائه أو رفضه ، (3) لا تستند إلى تقييم شامل للآثار الاجتماعية والاقتصادية والبيئية (4) تجنب العقود الشفافة الواضحة والالتزامات الملزمة بشأن العمالة وتقاسم المنافع ، (5) تجاوز الديمقراطية والمشاركة الهادفة,في هذا المبحث نتبنى هذا التعريف بكونه يتماثل لحد كبير مع واقع الحالة السودانية من حيث تجاوز الحكومة الاسلاموية – 1989 الى 2019 - لحقوق الإنسان وخاصة حقوق المرأة و هو تجاوز شهدت به كافة المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان.
تمظهر هذا النوع أو ذاك من الاستيلاء على الأرض و بالتالي ممارسة للتراكم الرأسمالي أو الاستحواذ على الأموال علي مستوي غير مسبوق تاريخيا من قبل- و من ثم بيعها أو تأجيرها لمدة قد تصل في بعض الحالات إلى 99 عاما الى دول عديدة و شركات متعدية الجنسية.وهذه الدول التي حظيت بالأراضي الزراعية الخصبة في السودان: كوريا الجنوبية 1.8( مليون هكتار)،(100 ألف) هكتار للولايات المتحدة ،دولة الإمارات (168 ألف هكتار) ،840( ألف هكتار) لمدة 50 عاما لكل من مصر و السعودية،(33 ألف) هكتار لسوريا،(100 ألف هكتار) للصين في منطقة الجزيرة ، 170( الف هكتار) ل الأردن ،ومن الشركات - على سبيل المثال لا الحصر -التي استحوذت على أراضي زراعية (150 ألف هكتار) لشركة قطرية و (168 ألف هكتار) لشركة كورية. يعتقد أنه من 2004 و 2008، بلغ إجمالي مساحة الأراضي المستأجرة ( ما بين 20 إلى 99 سنة) في السودان ما قدره 4( مليون هكتار) و هذا مما يقارب المساحة الكلية لمجموع القطاع الزراعي الآلي و الذي يتغذى على الأمطار والذي تقدر مساحته ب 6 مليون هكتار أي حوالي 36٪ من مساحة الأراضي المزروعة في عموم السودان،و هذا مما يعني في نهاية التحليل أن ما يقارب الـ 27% من المساحة الكلية ( المنزوعة لصالح الأجنبي) في السودان باتت في حيازة رأس المال الأجنبي
هذه المشاريع تخدم في نهاية التحليل سلاسل السلع و التي هي جزء من استراتيجيات الأمن الغذائي. و هي مثلها مثل مربعات مناجم الذهب جيوب أو مناطق استخراجية( أشبه بالمنطقة العسكرية ممنوع الإقتراب منها والتصوير وهي ذات صلة بمصالح اقتصادي الدعم السريع و الجيش)، و الاستغلال للموارد الزراعية يتمظهر في نقل فائض القيمة على شكل وقت العمل، وكذلك المادة البيوفيزيائية الحيوية مثل المياه والطاقة.ينتج عن هذا التمازج بين الجيوب الاستخراجية في الخليج وسلاسل السلع الأساسية ديناميكية إقليمية ”للتبادل الإيكولوجي غير المتكافئ“ (EUE) وهو مفهوم يستخدمه بانكر و وباحثين آخرين لتفسير إنتقال المواد البيوفيزيائية الحيوية مثل الماء والأرض والطاقة وكذلك العمالة( https://shorturl.at/5hOWt )
كان المحرك لهذا الاتجاه الخليجي ل الاستحواذ على الأراضي الزراعية في أفريقيا في العموم و في السودان هو ارتفاع تكلفة الإنتاج المحلي في الخليج (مثالا الامارات و السعوديه)، ايضا بسبب استنفاد طبقات المياه الجوفية والتكلفة المالية. في عام 2008 بدأت الحكومة السعودية بخفض الدعم المقدم لمزارعي القمح المحليين، وأُلغي الدعم الحكومي للزراعة كثيفة الاستهلاك للمياه على نطاق واسع، وأُلغي الدعم الحكومي للزراعة كثيفة الاستهلاك للمياه بالكامل بحلول عام 2016. وفي الإمارات العربية المتحدة تم حظر زراعة المحاصيل كثيفة الاستهلاك للمياه مثل البرسيم الحجازي وغيره من أعشاب علف الحيوانات منذ عام 2006، وذلك أيضًا من أجل الحفاظ على احتياطيات المياه.
وفقا Middle East Eye( و هو موقع بريطاني علي النت):....وقد لاحظ المراقبون وجود علاقة قوية بين دعم الإمارات لميليشيات قوات الدعم السريع في السودان ونوايا أبو ظبي في استغلال ثروات البلاد الزراعية والمعدنية الهائلة(https://shorturl.at/w1Wwv ).و هذا قد يعني أن نزع والاستيلاء علي الأراضي الزراعية قي يتخذ الشكل المعسكر او المسلح و هنا وعونا نتدارس حول القطاع الحيواني من الزراعة و كيف تحول الى حرب دائمة بين المزارعين و الرعاة و بخاصة في غرب دارفور.
اقتصاد البرسيم و صادراته للخليج
تشير بيانات للمنتدى الاقتصادي العالمية ومنظمة التجارة العالمية، إلى أن حجم سوق البرسيم العالمي بلغ 19.87 مليار دولار في عام 2020 وصعد إلى 21.7 مليار دولار في عام 2021.بينما تشير التقديرات إلى أن حجم سوق البرسيم حول العالم سيتجاوز 35.20 مليار دولار في عام 2028 بمعدل نمو سنوي مركب نسبته 7.2% خلال الفترة 2021-2028( https://shorturl.at/IvQvl).
خلال الأعوام العشرة الأخيرة، استثمرت دول مجلس التعاون الخليجي ما لا يقل عن 53 مليار دولار، الجزء الأكبر منها في القطاع الزراعي.وجاءت السعودية في المرتبة الأولى باستثمارات بلغت نحو35.7 مليار دولار، تركز معظمها بقطاع الزراعة، حيث دعمت الاستثمارات السعودية 250 مشروعا في السودان.تستثمر الإمارات 7 مليارات دولار بالسودان، منها 6 مليارات دولار في القطاع الزراعي، بحسب وسائل إعلام عربية بينها قناة CNBC عربي أصبحت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة أكبر مستوردي البرسيم الحجازي في العالم إلى جانب اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان.وتحتاج السوق العربية إلى حوالي 20 مليون طن من البرسيم الحجازي ولا ينتج حالياً سوى جزء صغير منه على المستوى الإقليمي، حيث ينتج السودان 5 ملايين طن…
يقع مشروع GLB اللبناني للاستثمار الزراعي على بعد 130 كم شمال الخرطوم، وهو واحد من أكبر المشاريع التي تستخدم المحور المركزي لإنتاج البرسيم. وقد أنشئ في عام 2011 في منطقة غير بعيدة عن قوز الحبشي. وقد اشترطت الحكومة السودانية عقد إيجار لمدة 99 عاماً قابلة للتجديد لمساحة 87,200 هكتار من الأراضي.ومن أبرز الشركات الأخرى التي تعمل في مجال الزراعة الجديدة في السودان شركة الراجحي الدولية للاستثمار، وهي شركة سعودية لديها العديد من المشاريع الزراعية ليس فقط في هذا البلد، بل في المملكة العربية السعودية ومصر وأوكرانيا وبولندا. كما أنها تخطط للتوسع في موريتانيا. أما مشروعها الرئيسي في السودان فهو مشروع الكفاءة، وهو المشروع الذي زُرعت فيه أول محاصيلها في عام 2009. وقد استحوذت الشركة على 50,000 فدان في منطقة بربر حيث تمتلك 140 محوراً وتزرع البرسيم وعشب رودس بشكل رئيسي.

tarig.b.elamin@gmail.com

 

آراء