حـبة باذنجــان

(كلام عابر)

 

جاء في الأخبار أن شابة سودانية عثرت على حبة باذنجان تحمل البسملة أو اسم الجلالة وعرضتها على أجهزة الإعلام التي أفردت للإكتشاف "المعجزة" مساحات كبيرة رغم "زحمة" الإنتخابات وهموم الوطن والمجتمع الأخرى الكبيرة، وفي الواقع هذه  ليست المرة الاولى التي يحدث فيها هذا "الاكتشاف"  في الطماطم والبطاطس والباذنجان وغيرها من الخضروات وفي كل مرة ، رغم التكرار، يجد الاهتمام الإعلامي، وعن هذا الموضوع يقول الدكتور كامل ابراهيم حسن ،عالم الزراعة والاقتصاد الزراعي ،في مقدمة روايته "متي يعود الخريف للجزيرة" إنه كثيرا ما يدعي البعض ظهور اسم الجلالة أو اسم سيد المرسلين عليه افضل الصلاة والسلام أو البسملة على قطع الخضروات "وكلنا يعلم أن الخضروات  قد تتخذ أشكالا مختلفة وما علينا إلا أن نشحذ خيالنا ليصورها لنا كما نريد" ، ثم يواصل الدكتور كامل بطريقته الساخرة فيقول "ألا يذكرك ذلك بقصص جداتنا ،نحن أهل الريف، عندما تتطلع إلى القمر.. عندها تقول الجدة :أنظر إلى من بداخل القمر إنها فاطمة بنت الرسول عليه الصلاة والسلام, والمرا  الوراها بتمشط فيها" وفعلا نرى السيدة فاطمة ابنة الرسول صلى الله عليه وسلم ونرى المرا تجلس خلفها وهي تمشط شعرها، ونفس الشيء عندما  تقول لك الجدة مرة أخرى إن القمر يظهر فيه أبوهريرة رضي الله عنه وهو يحتضن قطة".

اللافت للنظر كما يقول الدكتور ابراهيم كثرة "المعجزات" في ظل الأنظمة الشمولية ..الامثلة  كثيرة .. المعلم المرموق الذي لم يجد في نفسه حرجا  من القول بأنه رأي في المنام هالة  نورانية تهبط من السماء مباشرة إلى مسجد النيلين  في أم درمان وفي جوفها الرئيس الراحل جعفر نميري.. الحكايات والروايات التي كانت تحيط بالعصا الشهيرة التي كان يحملها النميري.. وفي أزمنتنا هذه القرود التي قامت بدور كاسحات الألغام في أحراش الجنوب..ثم الأرتال التي لا تنتهي من بنات الحور وحسناوات الجنان. وكل ذلك مرده لضعف ثقافة التوحيد وارتباط الموروث الديني  بالخرافة وليدة البيئة الاجتماعية  مع استعداد الناس الفطري لقبول هذه "المعجزات" وتوظيف بعض المستنيرين لهذه الحالة النفسية بطريقة سيئة.

الهزيمة والانكسار الذاتي في مواجهة مشاكل الدنيا التي تراكمت بفعل فشل جميع الأنظمة، الشمولي منها والديمقراطي، في إدارة الوطن يدفع بالمواطن  البسيط المسحوق للجوء للخرافة والدجل ، كما يقول الدكتور كامل لمعالجة مشاكله وتحقيق تطلعاته الدنيوية، فتظل المشاكل كما هي ويظل الإنسان البسيط في لجة إحباطه أسيرا للخرافة وهو في رصيف انتظار القوى الغيبية.

قبل الختام:

قال الكاتب السعودي المرموق  تركي الدخيل: "امريكا العظيمة اختارت بلالا ليكون رئيسا لها في الوقت الذي لا نزال نصر فيه على اعتبار بلال مؤذنا دون أن نتيح له فرصة لكي يكون إماما".

(عبدالله علقم)

khamma46@yahoo.com

عن عبد الله علقم

Avatar

شاهد أيضاً

الثور في مستودع الخزف!

مناظير الخميس 26 يونيو، 2025مِن سخرية الأقدار أن الانقلابي عبد الفتاح البرهان سيشارك في مؤتمر …

اترك تعليقاً