حوار الورد الالكتروني . . بقلم: جمال محمد إبراهيم

أقرب إلى القلب :

 

  jamalim@yahoo.com

 – 1- دعيني ألتقط أنفاسي ، أنا متعب هذا الصباح . . !      حسناً  . .  مابك ؟أود أن أسألك : هل سمعت بالجاذبية “الشعرية”  ؟ ؟      أعرف توارد الخواطر في  الشعر. . . لكن قل لي : الجاذبية “الشعرية” ، ماذا تقصد تحديدا ؟  بدا له حاسوبه أخرسا . راجع وضع الاتصال . تأكد أن حاسوبه مخادع . قلت لك ، أريد مهلة لإلتقاط أنفاسي  . . كنت   أمرح وراءك في منتديات التفاكر والسفر التثاقفي البديع  . . ما   كنت أعرف أن الجاذبية “الشعرية”   تجرني إليك لأعبر كل هذه المسافات . . حتى ألتقيك . . !  عن أيّ جاذبية تحكي ؟  كنت معك . . . كلمة بعد كلمة ، حرفاً بعد حرف  . أعدو  وراء النوارس ، في عمق البحار الحزينة . ثمة قوارب تبحر بلا أشرعة . .هل  دلفت اليوم إلى واحة التفاكر والأنس الشفيف في قريتنا     الالكترونية  . . ؟  أنا وراءك من حرف إلى حرف . لا يشبعني بريدي الالكتروني يا عزيزتي . . هل أدركت ما عنيت بالجاذبية  ” الشعرية” ؟ لكن أصبري علي ، سأعود إليك بعد التقاط أنفاسي . . هل تنتظرينني ؟؟  كما تشاء . .– 2 –الحاسوب أكثر حميمية من الهاتف ، لكنه فضائحي مخاتل .   صباح اللؤلؤ و المرجان . . ها قد أطلّ الصباح . . !   هل  التقطت الذي أحسه أنا ؟  نعم . . لا بد أن تعلمي  أن قلبي معقود بقلمك ! !أو إن شئت  بألمك (على نطق المصريين. .! )الضحك الإلكتروني لا يصدر عنه صوت في الحواسيب . رأى  أن يضع على شاشة حاسوبه  حرف الهاء متصلا ستة مرات. فهمت الرسالة في الجانب الآخر  وابتسمت –  كيف أصبحت هذا اليوم ؟بكل خير . .  فقط أفتقدك وأشتاق إليك . .   أريد  منك أن تسدي لي معروفا  . . هل تحفظني فأفرح معك  . . ؟  هيا قولي . .  أنا أسعد أن أفيدك في شيء . . !هل تحفظ لي كلامي معك في حوارنا هذا ، فاسترجعه  لاحقا . . ؟ أيكون هذا من وحي حديثي معك عن الجاذبية الشعرية وانعقاد القلب بالقلم   ؟   ربما  نعم وربما لا . . لست متأكدة . . !– 3-  دعيني أهذي قليلا ، معك . . هل تحتملين هذياني . . ؟  أفعل . . أنا أنصت . .         لم يستعصِ عليه فأر  حاسوبه  فتقافزت الحروف على الشاشة وتناثرت كحبات لؤلؤ   ينقصها اللمعان . متى يخترعون للحواسيب برقه بعد أن  رتبوا إرعاده ؟  لكنه سالها :  أنا وأنت في شبكة  وجدٍ  لاسلكية . . صحيح ؟        أمعن النظر في الشاشة . لا شيء . إجابتها  أصفار متلاحقة وصمت مطبق .   . . . . . . . . . . . . . .لكنه واصل كتابته  نقرا على لوحة مفاتيح الحروف . ثمة من ينتظر:   أنا وأنت يجرفنا شوق إلكتروني عارم . . صحيح ؟   أتابع . . الذي تكتب . . واصل هذيانك  فيا . . !تنفس حاسوبه معه واستطرد :  يخرج إليك من ” رام “  قلبي . . ثم ما أن  يهرب من ثقب قلبي ، حتى  أصطاده لك في ذاكرة “الفلاش” . . !  أمتع بصري  و قلبي  بما تكتب . .   و احفظه لك في “ديسك” الشوق ، حتى يمكنك استرجاعه وقتما تشائين . . !     لكن إلى متى يظل عشقي لك إفتراضيا ، وشوقي إليك ملفاً مضغوطا في  “الفلاش”  ؟  يآآ آ آه . . ما هذا البديع الذي تقوله . . ؟  افتحي لي نافذة استدنيك فيها وأساررك عبرها بعشقي  . . سوّريها من رمش عينيك ،  ثم اتركيني أمرح مع تلك التي أحلم بها  ليل نهار . . !         لم ترد كلمة من طرفها . لم يرد حرف . آثر أن يضع علامة استفهام ملونة وكأنه استحثها لترد .  أخيراً قالت :  دعني أعيد إليك ذات السؤال  : إلى متى يظل عشقك لي افتراضيا . . ؟  هيا أهذي معي ، إذن  . . !  لست مثلك . . أنا  لا أجيد الهذيان ولا أعرف  أن أفرح أوأعدو بفرحي مثل غزلان الوادي   . .   أنتِ التي علمتني  . . أقسم لك . . !  إن  في داخلك عاشقة خجولة . . حاسوبك أشجع من لسانك ، أيتها العزيزة . . لا تتركيني لهذياني فتفترسني شبكة الإنترنت  . .  !  لست عاشقة خجولة . . !  إذن اهذي معي . . !         قالت مستنكرة :  أهذي فرحا ، وحاسوبي  مخادع كما ترى ؟نقر على لوحة مفاتيح حاسوبه  عجلاً :  يختبيء الفرح “الناعم”  في الأحزان “الصلبة”  ؟ضحكت وسألت :  هل تعتقد بأني أحتاج لهذيان العشق في أواني هذا ؟  نعم إلى حين . . . أنا أروض نفسي معك على إعادة  اكتشاف دواخلي وتفاصيل  ملفاتها وأحجامها بالميقابايت  . .   لا اظنني الآن  في حاجة لأي هذيان . . !  و آمل أن أصطحبك معي  دائما في هذه الرحلة . . . نحتاج يا عزيزتي لأن نهذي ،  حتى ترينني كتابا رقمياً مفتوحا ، كما أريد أن أراك كتابا رقمياً مفتوحا . . .أحسّ بها تعد نفسها لهروبٍ كبير  وانفلات لا نكوص عنه   .  لا أمل لديّ . . ما الذي يحملني على ذلك . . ؟ ما قبلت  يوما أنصاف العلاقات ،  ولا نصف العشق ، أعلق نفسي بين الواقعي  والإفتراضي  !  لكني لست نصف عاشق .  أنا نصف قتيل  في الحقيقة . . و هذا ليس هذيانا . . أما قلت لي ذات مرة ،  أن عتمة في قاع البحر . . . تحول بيننا . .   ألا ترين أنني مثقل بجراح طويل ، وكنت أهفو  لأن أجد عندك دواءا  يغير ما بي . . ؟  وفي الليلة الظلماء هل تجد البدر ؟ ؟  فأنا ليل مظلم  لا دواء عندي . . . لا قمر ولا ضياء . . !           لا يتذكر بعد ذلك كيف ارتبك حاسوبه ، وفقد فأره حركته على الشاشة . حدث نفسه أن  ربما “هكراً ” تسلل إلى ملفاته ، فانهار عشقه ملفا إثر ملف . . 2005  

شاهد أيضاً

مرآة ذهنيتي على بندقية الوطن: الجيش السوداني في معادلة الشرق الأوسط

زهير عثمان zuhair.osman@aol.com هذه مقاربة فيها الكثير من الخيال المجنون، الذي ساقني إليه التأمل العميق …