هدد وزير دفاع العدو الإسرائيلي طهران بأنه سيخرس بوقهم أي إعلامهم ممثلا في جهاز تلفزيونهم ، ونفذ وعيده وضرب مبني قناة ( خبر ) وليس هذا هو الخبر وانما الخبر هو الشجاعة الفائقة التي ابدتها المذيعة وهي تقدم النشرة الإخبارية ورأينا من خلال حركة يديها وتعابير وجهها أنها كانت ترد علي الوزير الصهيوني المتغطرس بعبارات ليس بأقل قوة من عباراته ولما حصل الانفجار وبدأت بعض محتويات سقف الاستديو تنهال عليها انسحبت ولم تسجل أي علامات خوف عليها وانما تصرفها كان طبيعيا لترك مكان الخطر لمكان آخر تتوفر فيه السلامة !!..
والدليل علي شجاعتها ورباطة جأشها أنها عادت لنفس الاستديو ولنفس كرسيها وواصلت النشرة مع زميل لها يدعي يونس !!..
واضح لكل ذي عينين انها حرب شرسة ضد عدو ماكر يستهدف منشآتهم النووية وانظمتهم الصاروخية ويريد فوق كل ذلك ان يزيل نظامهم الحاكم ويسعي لقتل زعيمهم الروحي بعد ان اغتال عددا كبيرا من قيادات الصف الأول العسكرية وصفوة علمائهم في مجال الذرة !!..
نعود لتلفزيون السودان صبيحة حرب يوم ١٥ ابريل ٢٠٢٥ اكيد كانت هنالك نشرة إخبارية صباحية عندما اندلعت الحرب … اولا نريد ان نعرف من هو المذيع أو المذيعة في ذاك الصباح وهل إن الأمر يتعلق بانقلاب عسكري من أي جهة كانت هل طلب منه بعد ان تكون الجهات الانقلابية قد أحاطت به ان يعلن للشعب إن هنالك بيانا هاما سيذاع عليكم بعد قليل فترقبوه … وفي هذا الاثناء يكون الانقلابيون قد استولوا علي المبني بكامله واعتقلوا من اعتقلوا وهددو بعض الفنيين منهم ان يكونوا في خدمتهم أو سيكون مصيرهم ضربة رصاص في مؤخرة الرأس .
مبني التلفزيون بالذات ومعه القصر الجمهوري ومطار الخرطوم وبعض مقار الحاميات المهمة منذ أيام المخلوع آلت مسؤولية حراستها للدعم السريع وكانوا يباشرون عملهم ولا احد قد استنكر هذا الأمر ومن نطق بكلمة ضد هذا الإجراء تتخذ في حقه الإجراءات التأديبية لمخالفته لقرار المخلوع الذي جعل من كلمة حميدتي تتحول إلي ( حمايتي ) !!..
إذن إن مبني التلفزيون لم تقع فيه معركة بين انقلابيبن وبين نظام الحكم القائم فحتي ذاك الوقت كان الدعم السريع يعتبر جزء من السلطة القائمة ورئيسة ترفع الي منصب الرجل الثاني في الدولة ويحمل رتبة الفريق أول والمهم أنه كان يتمتع بكل امتيازات رجل الدولة ويمثلها في الخارج ويمشي في مطارات العالم علي الموكيت الاحمر وهو يتفقد قرقول الشرف وتعزف له موسيقي السلام الوطني وهو علي المنصة مع الرؤساء الأجانب والعرب !!..
نريد ان نقول إن الحرب قد وقعت تماما ومازالت مشتعلة وكل صباح يوم جديد يزداد اوارها ويرتفع لهيبها ودخانها الي عنان السماء .
احتل الدعم السريع ولاية الخرطوم بالكامل وخرج سكانها علي عجل مابين نازح ولاجيء وصارت كل الأعيان المدنية بها تحت رحمة الآلاف من هذه المليشيا ومنهم من استجلب من دول الساحل والصحراء وبدأ الأمر وكأن تغييرا ديموغرافيا كبيرا في طريقه للتطبيق ممولا من دولة بالاقليم قيل إنها راعية للدعم السريع الذي كان يرفدها بالذهب الذي يهرب إليها وتحرم منه الخزينة العامة وتموت الأسد في الغابات جوعا ولحم الضأن تأكله الكلاب .
حرب إيران وإسرائيل هي حرب مدن بامتياز والطرفان يبذلان كل ما في وسعهما من أجل التفوق والحسم … اسرائيل تعربد في أجواء طهران كما يحلو لها وكان نسورها في رحلة اكروباتية وطهران ترشقهما بالضربات البالستية الموجعة ولها في هذا المجال تفوق ورأينا لاول مرة الشعب الإسرائيلي يولول ويهرع الي المخابي … وحتي كبيرهم نتنياهو اخفوه عن الأنظار بعد ان وصلت الضربات الي بيته والكنيست صار يعقد جلساته في مكان غير معلوم … واختلط حابل رحلاتهم الجوية بنابلها وصارت مطاراتها مقفرة تعزف فيها الريح الاحزان الجنائزية !!..
نحن كمان حربنا أيضا حرب مدن والدعم السريع أصلا لم يحتل الأعيان المدنية والمقار السيادية والوزارات إلا لأن المخلوع مكنهم من ذلك وبذل لهم هذه الأماكن الحساسة ظنا منه أنهم ( حمايته ) فعلا وأضعف الجيش عمدا خوفا من الانقلاب عليه وهكذا دائما الديكتاتوريين يحبون أنفسهم ويؤثرون سلامتهم أما الشعب فابالنسبة لهم مجرد أداة من الأدوات يحركونها ساعة الحاجة إليهم ويركلونها ب ( البوت ) عندما لايكون هنالك نفع من ورائهم !!..
للاسف حربنا التي نقتل فيها بعضنا البعض وقد رجعنا ببلادنا الحبيبة الي عصر الكهوف ولم يكن هنالك عدو خارجي نحاربه بل كنا ومازلنا نحارب أنفسنا بكل شراسة والنتيجة بتنا كالمنبت ( لا أرضا قطع ولا ظهرا ابقي ) !!..
يااهل السودان دعونا من دا قحاطي ودا دعامي ودا وجه غريب ودا داعشي ودا من الكنابي ودا علماني ودا فلان الفلتكاني ودا ابو الفرج الأصفهاني ودا طالباني وحتي الكيزان الذين دمروا السودان وأشعلوا هذه الحرب ظنا منهم أنهم عائدون عائدون نقول لهم أنتم اول من يستحق الرثاء لانه لم يبقي شيء نتقاتل عليه ولم تبق غنيمة مازلتم تحلمون بها !!..
حمدالنيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم .
ghamedalneil@gmail.com