رأي يتجدد حول معضلة الجيش والحكم الديمقراطي المدني

 


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

في ظني أن الوضع المستقبلي للجيش يمثل أحد عوامل تأخير إحداث التغيير المرتقب. فالجيش الحالي بتركيبته الإنقلابية التي ترسَّخت عبر أعوام الإستقلال الست و الستين ، و بمركزية هيكليته و قيادته التي تُخضع كل مكوناته بأمر قيادي فردي ، و بتلويثه السياسي عبر كامل عقود الإستقلال و الذي لا تسلم منه أي جهة أو حزب ، و بعقيدته المتغيرة حسب الأهواء ، و بمحدودية تجربته القتالية منذ الاستقلال و إقتصارها أساساً علي قمع أبناء الوطن ، تاركين الحدود لعبث الجيران ، إحتلالاً عسكرياً أو إستغلالاً إقتصادياً، و بما أضاعه أفراده من مظاهر الضبط و الربط ، و ما إبتُلي به من التعيينات الفوقية دون إستحقاق ، و بما يقوم به من ممارسات إقتصادية خارج الإطار المالي المركزي للدولة ، و ما فرّط فيه من مساحات من أرض الوطن جنوباً و شمالاً و شرقاً للجيران و غرباً للميليشيات و المهجَّرين ، و ما أصبح يشاهد علناً من إنحناء ضباط عظام لتحية قيادات جنجويدية..الخ من مظاهر و حقائق سلبية مشاهدة و معلومة يعرفها عامة الناس، دعك مما يعرفه المختصون !!! ألا يقود كل ذلك للتفكير بصوت مسموع حول وضع الجيش الحالي و المستقبلي عبر رؤى شجاعة مؤمنة بحتمية الإصلاح و التغيير ، و متفائلة بقرب بزوغ شمس جديدة و عهد جديد من الحرية و الديمقراطية رغم العثرات !! ألا يجب على كل المعنيين أفراداً و احزاباً و تنظيمات ثورية شبابية و مجتمعية التفكير بصوت مسموع حول أهمية التخطيط المسبق إزاء الجيش حماية للوطن من أي تطلعات إنقلابية مستقبلية عبر الدعوة بشجاعة لتسريح الجيش الحالي تماماً ، و إعادة بنائه من جديد خلال فترة زمنية محدودة يمكن خلالها أن تخضع حماية الدولة إلى قوى شعبية ثورية ،كما حدث يوماً في أثيوبيا بعد الثورة ، أو تخضع مؤقتاً لحماية تأمينية دولية إختيارية لحين إعادة بناء جيش وطني جديد يليق بما نتطلع له من ديمقراطية و حكم مدني مستقر . إنه أمر يتلازم معه وضع تقنين دستوري قوي و دائم يؤطر مهنية الجيش و حرفيته ، و ينظم علاقة الجيش بالسياسة و بمدنية الحكم ، عبر تقنين آليات تجعل الإنقلابات خارج إطار تفكير الجيش المهني المستهدف الذي سيتم تأهيله لحماية الأرض و العِرض ، تحت ظلال حكم مدني ديمقراطي مستقر تحتاجه البلاد للنهوض بعد كبوات طالت و مخاطر تكررت .
إن الأمر يحتاج إلى تفكير آني شجاع و مسموع من الجميع ، بل مهم أن يكون البحث فيه جزءاً من برامج و مواثيق من يهمهم مستقبل الوطن العزيز ..
كفانا تكراراً لتجاربنا الفاشلة، و كفانا سكوتاً عن ما اثبتت الأيام أنه يمثل خطراً حقيقياً قد يؤدي إلى وأد الحكم المدني الديمقراطي القادم بإذن الله و عزم الشباب.
و لك الله يا وطني.

بروفيسور
مهدي أمين التوم
23 أبريل 2022 م

mahditom1941@yahoo.com

 

آراء