رحم الله المحامي هاشم إبراهيم أحمد عبد الله (تصويب رثاء)

 


 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

"جنات عدن يدخلونها ومن صلح من آبائهم وازواجهم وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب"
صدق الله العظيم

بالهدوء الذي عرف به وبصبره المعهود تحمل معاناة مرض كان يتسلل خلسة في جسده النحيل حتى تمكن من أوصاله في قسوة لا تعرف الرحمة، وهو على ذلك الحال لم يشتك ولم يجأر بالأنين، كيف لا يكون ذلك والصبر ديدنه والجلد لباسه.

ظل الفقيد على هذا الحال حتى نقل الى المستشفى في حالة حرجة ظل عليها اسابيع متأرجحا بين الحياة والموت وسط تعقيدات طبية عجز الاطباء عن احتوائها.

كان يغالب آلامه بالتوكل واليقين حتى اكمل المرض دورته واطل الحمام عليه ليختطفه، وفي ظني وحسن ظني برب كريم انه حلق به في اعالي الجنان حيث مرقد الطيبين الأبرار، اولئك الذين وعدهم الله فوزا عظيما جزاء وفاقا.


ولد هاشم في بيت كريم في ظل والده عميد اسرتنا المرحوم المهندس ابراهيم احمد عبد الله، ذلك الرجل الواحة الظليلة التي نلجأ اليها ونسترشد بهديها في كل لحظة وحين، وهو يفرد جناح المودة والرحمة على كافة افراد الاسرة دون من ولا أذى.

اما والدته السيدة سكينة الفكي فنحسبها من صالحات النساء بحق وحقيقة لما عرفت به من حسن السيرة وطيب المعشر، انها تلك السيدة الحشوم التي لم ينطق لسانها الا خيرا والتي تتقطر حياء وادبا وتواضعا يعجز البيان عن وصفه، فدارها مشرعة رحيبة للزائرين والعابرين والمقيمين، وما ادل على ذلك الا ابتسامتها التي لا تفارق محياها الطلق الصبوح، وكأني بلسان حالها يقول:

يا ضيفنا لو جئتنا في بيتنا * لوجدتنا نحن الضيوف وانت رب المنزل

فلله درك يا سيدة الاكرمين في اعلى عليين.

كما حبا الله الفقيد بزوجة بارة كانت له خير رفيق في مشوار حياته وفي لحظاته الحرجة، كانت الى جانبه تشد من ازره في تجرد ونكران ذات وفاءاً واخلاصا ينم عن اصل كريم.

جاء هاشم الى الوجود يحمل جينات والديه من مكارم الاخلاق وطيب السجايا، فكان التهذيب خلقه والصدق مسلكه والكرم طبعه، نال مكانة سامية في قلوب افراد اسرته وظل طوال عمره محل التجلة والاحترام، بل تعدي هذا التقدير الى كل من عرفه وشهد له بالخير.

رحل هاشم ودموع الاهل والاصدقاء قد خلفت اسى وحزنا عميقا باقيا مع الايام، ففقيدنا العزيز واخوته الكرام احمد ومحمد وشقيقتهم السيدة عَليِّة يشاركونه نفس الفضائل والخصال، وهم فيما نعلم غرس طيب كريم، اسال الله لهم دوام الصحة والعافية.

ان قلمي وكلماتي تقف عاجزة عن التعبير، إذ تختلط علي مشاعر شتى هي خليط من الاسف والحزن العميق، نظرا للظروف التي حالت دون زيارتي للفقيد في ايامه الاخيرة ودون المشاركة في وداعه الاخير، فالقي كل ذلك عليًّ بظلال من الالم الدفيق على نفسي الجريحة.

سيظل مكان هاشم شاغرا في محيط الاسرة، وستبقى ذكراه حية في وجداننا كمنارة سامقة نهتدي بذكراها الى الفضيلة والخير واطيب المعاني ما بقي من العمر.

اللهم يا حنان يا منان يا ذا الجود والاحسان ارحم عبدك هاشم رحمة واسعة واسكنه جناتك مع الصديقين والصالحين، وانت القائل في محكم تنزيلك "نبئ عبادي إنني أنا الغفور الرحيم"، اللهم لا تفتنا بعده ولا تحرمنا اجره وتولانا وتوله برحمتك يا ارحم الراحمين.

ان كنت تكبر ان تختال في بشر * فإن قدرك على الاقدار يختال

كأن نفسك لا ترضاك صاحبها * إلا وانت على المفضال مفضال
رحمة واسعة تغشى قبرك فى أعلى عليين جنة وارثة الظلال
hassan.t.ali@gmail.com

 

آراء