رمضان.. ومفاهيم جوانب التغيير في سلوك المسلم
إمام محمد إمام
13 July, 2014
13 July, 2014
صفحة آفاق رحبة – صحيفة "التغيير" – الاثنين 30/6/2014
آفاق رحبة
مما لا ريب فيه، أن رمضان سانحة طيبة ليبذل المسلم خلاله جُهداً مُضاعفاً في العمل على تغيير بعض الجوانب السلوكية وتقويمها، وبذل جُهدٍ مُقدرٍ أيضاً في إصلاح النفوس وتهذيبها. من الضروري الاعتناء بجوانب تغيير المسلم لسلوكه في هذا الشهر الفضيل، والحرص على الاستفادة من مدرسة الصوم لتحقيق التقوى التي يسمو فيها المسلم للرقي في سلم الرفعة الروحية والأخلاقية، من أجل المقاصد التي شرع الصيام من أجلها، وليس أفضل من شهر الصوم لبدء علاقة جديدة مع التغيير الإيجابي المستمر إلى ما بعد رمضان، وذلك من خلال الترقي عبر مدارج التقوى، تصديقاً لقول الله تعالى: ".. كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ".
وأحسب أن من الأساليب المهمة التي ينبغي أن تُراعى في هذا الشهر الكريم، المقاربة بين شهر الفرقان، وكتاب القرآن، تلاوةً ودراسةً وتفسيراً وحفظاً، تأكيداً لما جاء في قوله تعالى: "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ". من خلال تقرب المسلم إلى القرآن في شهر القرآن، إنه بلا أدنى ريب يسعى جاهداً إلى تغيير بعض المفاهيم وبعض السلوكيات، إذ تتعدد جوانب التغيير وتتنوع، وهي تختلف باختلاف الأشخاص والبيئات والسلوك، ولكل جانب من هذه الجوانب وسائل وطرق للتغيير يحتاج فيها المسلم للتفكر والتدبر والتمعن فيها، لسد جوانب النقص التي تحتاج إلى تغيير لتصحيح المسار، مستصحباً في ذلك قربه وعلاقته المتجددة مع القرآن ومفاهيمه وتعاليمه التي تسهم إسهاماً فاعلاً في تيسير أمر التغيير في كثير من الجوانب السلوكية وتقويمها.
وفي رأيي الخاص، أن علاقة المسلم بخالقه تزداد ارتباطاً خلال هذا الشهر الكريم، وهي علاقة تتميز بكثرة طاعات العبد، والاجتهاد في التقرب إلى الله تعالى. وإنه في هذا التقرب يسلك مسلكين مهمين طوال هذا الشهر الفضيل، فإذا أراد أن يُكلمُ الله دخل في صلوات الفروض والسنن، وإذا رغب أن يُكلمه الله تعالى داوم على تلاوة القرآن الكريم، آناء الليل وأطراف النهار. فإنه من خلال هذين المسلكين يمكنه التزود بالتقوى التي هي زاد المؤمن، لقوله تعالى: ".. وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ". كل ذلك في سبيل تحقيق معاني ومفاهيم التقوى، والحرص على اغتنام شهر رمضان المعظم، باعتباره فرصةً للمسلم ليجدد علاقته مع ربه، ومن ثم يعمل مخلصاً على بدء علاقة جديدة مع التغيير الإيجابي المستمر إلى ما بعد شهر رمضان الكريم، من حيثُ تعدد جوانب التغيير وتنوعه، لسد جوانب النقص التي تحتاج منه إلى تغيير لتصحيح مسار سلوكه في الحياة الدنيا، استعداداً لجني ثمار هذا التغيير يوم يلقى ربه كفاحاً في اليوم الآخر.
=====