سفينة الانتقالية تمضي رغم التحديات

 


 

 


على الرغم من السخرية التى صاحبت تكوين هذه الحكومة الانتقالية، من حيث انها تحالف بين قوى مدنية قادات الحراك الثوري من جهة، ومن جهة اخرى قيادة عسكرية انبثقت من عظم الترسانة الامنية للنظام البائد. و التى كانت مثار شك و حذر في حقيقة ولائها الثوري، وانضمامها الي مسيرة التغيير و خاصةً بعد حادثة فض الاعتصام التى كادت ان تعصف بهذه الشراكة التاريخية. الا انها في نهاية المطاف اثبتت هذه الشراكة قدرتها على الصمود وتحلت بروح المسؤولية الوطنية الرفيعة لتبحر سفينتها بشعار سوف نعبر رغم تلاطم الامواجهنا وهناك.

من اهم إنجازات هذه الحكومة:-

١- انجاز مشروع السلام
٢- إعادة السودان الى الأسرة الدولية ذلك برفعه من قائمة الدول الراعية للارهاب.
٣- اتخاذ خطوات حثيثة نحو تحقيق العدالة الدولية و ذلك بالتعاون الإيجابي مع المحكمة الجنائية الدولية.

استطاعت هذه الحكومة وبإرادة سياسية صلبة ان تحدث اختراقًا تاريخيًا غير مسبوق في مسألة تحقيق السلام. وذلك بمناقشة جذور الأزمة السودانية و كيفية معالجة الاختلالات التاريخية، التى صاحبت تكوين الدولة السودانية الحديثة منذ الاستقلال. بالتالي عالجت هذه الاتفاقية بدرجة عالية اختلال ميزان السلطة و الثروة و وضعت كذلك المبادئ الاساسية لإدارة التنوع و علاقة الدين بالدولة.

اعتمدت هذه الحكومة سياسية خارجية قائمة على مبدأ تحقيق المصالح العُليا للسودان (السودان أولاً) هكذا تجاوزت الكوابح الايديولوجية والقومية التى تتحكم فيها عقليات مشدودة نحو ستينيات القرن الماضي. و كانت ثمرة هذه السياسة الرشيدة عودة السودان الى منصات المؤسسات الدولية؛ الاقتصادية و السياسية بعد غياب يقارب الثلاث عقود قضيناها في طيات قوائم الارهاب السوداء كرهائن لدى نظام الجبهة الاسلامية البائس.

أُنجزت هذه الملفات فى فترة زمنية وجيزة قياسًا بحجم القضايا و تعقيداتها، بفضل الكفاءة المهنية و الروح الوطنية السامية التى تحلت بها هذه المجموعة التى ادارت هذه الملفات بإرادة سياسية صادقة و رؤية واضحة، مكنتها من خلق منصة انطلاق جديدة للدولة السودانية علي أسس (السودنة) ، و التى منحت هذه المجموعة القدرة على تخطي حواجز الاوهام الايديولوجية والهتافات القومية..... لتلتقي بدولة اسرائيل في الضفة الاخرى ، في اطار المصالح المشتركة . في تقديري كانت هذه خطوة جريئة و ذكية. اما موقفنا او التعاطف مع القضية الفلسطينية ينبغي ان تحكمها التزاماتنا بالمعاهدات الدولية و قوانينها فيما يتعلق بحقوق الدول و الشعوب.

التحديات:-

من اهم التحديات التى واجهت هذه الحكومة؛ الأزمة الاقتصادية الطاحنة و أثرها على معاش المواطنين، وذلك ناجم عن الفساد المورث من النظام البائد، الذي مازال بعض أياديه الخفية تستثمر في هذه الازمة ظناً منها انها بذلك تستطيع ان تألب الشارع الثائر ضد موقفه الثوري الثابت و حكومته. و لكن خاب ظنهم و نسوا او تناسوا بان هذه الثورة مقاصدها العُليا التحرر الكامل من قبضة الإنقاذ و عهده المظلم ، مهما كانت التكلفة باهظة. فضرب شعبنا البطل نموذجاً يتعلم منه الشعوب في الصبر على ضنك العيش و الإصرار على تحقيق اهداف ثورته السامية. مع ذلك آن الأوان على حكومتنا ان تضع كل التدابير الممكنة للتخفيف من معاناة المواطن في سُبل عيشه و محاربة الفساد داخل اروقة الحكومة الانتقالية.

من التحديات التى سوف تواجه هذه الحكومة أيضاً هي تكوين حكومة وطنية، من جميع الأطراف منسجمة ومتفقة على رؤية وطنية واضحة، في تحويل مشروع السلام من واقعه النظري الي إطاره العملي، الذي ينبغي ان تنعكس نتائجه علي الانتاج الاقتصادي و الاستقرار السياسي. و هذا لا يتاتي الا بمواصلة الحوار و تحلي جميع الأطراف بالمسؤولية الوطنية الاستثنائية لعبور هذه المرحلة المفصلية، بالتسامي فوق كل الكيانات و التركيز على الكيان الام السودان.

لا شك انه قد تحقق الكثير من الانجازات بفضل سياستنا الخارجية المتزنة، و كانت ثمرة هذه السياسية ؛ الانفتاح على العالم الخارجي، والتطبيع مع دولة اسرائيل. و يجب ان تتحول هذه العلاقات الى مكاسب حقيقية على الارض . وذلك يتطلب من هذه الحكومة الاستثمار الجيد في هذا التحول الكبير، من خلال مشروعات اقتصادية حقيقية بين الدوليين على المستوى الرسمي ، و على المستوي الشعبي يجب انتعقب هذه العلاقات مؤتمرات اقتصادية بين اصحاب الاعمال من الدولتين، تفضي الي شراكة اقتصادية فاعلة في المنطقة. و هذا يعني الدفع بهذه الاتفاقيات من اطار المهرجانات السياسية التى تهمها اسرائيل بالدرجة الاولى، اكثر من الجانب الاقتصادي. لذلك ضمان تحقيق البعد الاقتصادي في هذه العلاقة من مسؤولية هذه الحكومة.

على هذه الحكومة أيضاً الانفتاح على الكفاءات الوطنية و تفجير طاقتها الكامنة، و الاعتماد عليها في تحريك عجلة الاقتصاد الوطني من خلال توظيف فك العزلة الدولية في استقلال مواردنا الذاتية لبناء اقتصاد وطني قوي بدلاً من الهبات و القروض الاستهلاكية التى اثقلت ميزان ديوننا الخارجية دون ان تعود بالفائدة على اي وجه من أوجه التنمية.

احمد ادم الزغبي


janmusa87@icloud.com

///////////////////

 

آراء