سيمفونية العقوبات الفردية !!

 


 

 

أطياف -
تزامن قرار مجلس الشيوخ بإدانة الانقلاب العسكري في السودان ودعم الشعب السوداني كقرار غير ملزم باجماع كل اعضائه وبتصويت سريع من دون اي اعتراض. تزامن مع بداية التحضير لانطلاق الحوار الوطني الذي تقوده الآلية الثلاثية المتحدة والاتحاد الإفريقي، وكانت قد أقرت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي في الثالث والعشرين من مارس الماضي ، بالإجماع مشروع قرار، يدين الانقلاب العسكري في السودان ويدعو الإدارة الأمريكية إلى فرض عقوبات على المسؤولين عن الانقلاب.
ويؤكد المشروع الذي أقرته لجنة العلاقات الخارجية، دعم تطلعات الشعب السوداني للحكم المدني الديمقراطي، كما يدعو القوى الأمنية السودانية إلى احترام حق التظاهر السلمي وتحميل أي عناصر تابعة لهم مسؤولية استعمال القوة المفرطة وأي انتهاكات بحق المتظاهرين، عبر مسار شفاف وعادل ويحث المشروع المذكور المجلس العسكري على «التوقف عن كل المحاولات لتغيير التركيبة المدنية للحكومة والمجلس السيادي ومؤسسات حكومية أخرى إضافة إلى احترام بنود الوثيقة الدستورية ,
فالتزامن يأتى بعد ان اصبحت الاساليب الزائفة للمكون العسكري مكشوفة ليس للقوى السياسية والثورية في الداخل بل المجتمع الدولي اصبح يعلم ان لا ثقة في العسكريين الذين يمكن ان ينقضون العهد والمواثيق .
لكن الشعب السوداني ماعاد يطرب لعزف سيمفونية العقوبات التي تعزفها امريكا وقت ماتريد ان تطرب نفسها ، فقرار فرض عقوبات غير ملزمة هو مجرد تلويح وورقة ضغط وتهديد ، فامريكا اثبتت انها غير جادة في فرض العقوبات على العسكريين وهذا اصبح معلوما لدى الشعب السوداني وان الدولة تمارس عمليات ( التخدير ) التي تتناسب مع مصالحها وقت ماتريد وليس وقت مايريد الشعب السوداني الذي تدعي انها تقف بجانب دعم تطلعاته من اجل الوصول الي غاياته عبر الحكم المدني الديمقراطي,.
ففرض عقوبات غير ملزمة استعجلته الآن امريكا بعد ما ادركت ان الجانب العسكري مازال متشبثا ومتمسكا بالسلطة بالرغم من عمليات القتل والبطش التي مارسها في حق الشعب السوداني ، ذلك التعنت الذي يقف عقبة امام بداية الحوار الوطني وعمل الالية الثلاثية ، لذلك ارادت امريكا ان تشهر عصاة التهديد ، بفرض عقوبات فردية على قادة الانقلاب ، فهي رسالة واضحة في بريد العسكر ، للتخلي عن عنادهم واصرارهم على قيادة المركب بالرغم من ادراكهم انها على طريق الغرق ، خاصة ان امريكا تراقب عن قرب مقاطعة القوى الثورية ولجان المقاومة لأي حوار يحتفظ باللجنة الامنية للمخلوع كطرف اصيل في الحوار ، وتعلم ايضا رأي عدد من الاحزاب التي اعلنت رفضها للجلوس، او قبولها وفق شروط معينة اهمها وقف اطلاق النار على المتظاهرين واطلاق سراح المعتقلين من لجان المقاومة .
قد تكون العقوبات ملزمة في وقت قريب وقد لاتكون لأن امريكا تراعي مصالحها اولا ،ومن ثم تأتي مصالح الدول في مرحلة ثانية ، هذا الذي يجعل الثقة في قراراتها ناقصة وغير مكتملة ففرض عقوبات على اشخاص بعينهم ارتكبوا جرائم واضحة وتسببوا في عرقلة المسار الديمقراطي لايحتاج الي كل هذا الوقت ولكنها تضع الميزان السياسي لقياس القضايا الانسانية ، التي يجب ان تقاس بميزان انساني .
لكن مايفوت على امريكا والكونغرس ومجلس الأمن ودول الاقليم هو أن القرار ماعاد بيدهم ، القرار الآن بيد الشعب ، الذي لم تمت نيران ثورته منذ انطلاق شرارتها وحتى هذا اليوم ، وان الشارع السوداني ، لم يمل النضال ولم يسترح قليلاً لينتظر قرار من امريكا ولا كل دول العالم ، فبالرغم من طرح عدد من المبادرات والاجتماعات والوفود الزائرة والتدخلات الخارجية الايجابية والسلبية بالرغم من ابتعاد الاحزاب عن الحكم وترجل رئيس الوزراء ، وتساقط عدد من الداعمين للثورة، الا ان الشارع السوداني لم يلتفت لكل هذا ،وظل يواصل ثورته ونضاله ولاينظر الي الخلف ، ويحتفظ باستمرارية مشواره .
هذا لم يأت صدفة لكنه يؤكد ان القرار الاخير في التغيير سيكون قرار سوداني يصنعه هؤلاء الشباب البواسل فعلى امريكا ان تقرر عاجلا او آجلا اليوم او غدا او ( تاخد راحتها للآخر ) فالشارع لايهتم الآن إلا بالشارع فإن توقف لقراءة هذه القرارات وتحليلها... ستفوته المواكب .
طيف أخير :
سنجد نهاية نستحقها بعد كل ما مررنا به.
الجريدة

 

آراء