مبارك مامان
اليوم نريد ان نسلط الضوء علي اهمية سياسات حماية الأطفال وضرورة وجودها وانفاذها في المدارس والمؤسساتالعاملة مع الأطفال لفعالياتها في تقليل مخاطر الاستغلال الجنسي والأساءة للأطفال.
يبرز ذلك جلياً في الحادثة الأخيرة التي راحت ضحيتها الطفلة ذات الست سنوات بمدينة الأبيض والتي تعرضت للاغتصاب من قبل احد المعلمين بالمدرسة.
والتي حاولت ادارة المدرسة التستر عليها لحماية سمعة المدرسة وليست لحماية الطفلة والآثار الكارثية المترتبة عليها وعلي مستقبلها وعلي اسرتها وعلي بقية الاطفال بالأسرة والمجتمع.
في ظل تقدم نظم الحماية تعمل كثير من الدول علي إلزام كل المؤسسات العاملة مع الاطفال علي إنفاذ سياسة متكاملة لحماية الأطفال كواحدة من انجع السبل لتقليل المخاطر علي الأطفال وحمايتهم من الاستغلال و الأشكال العديدة من الإساءات ، لفظية، جسمية، نفسية، عاطفية او جنسية او الإهمال.
تعريف السياسة
سياسة حماية الطفل هي حزمة من الاجراءات والخطوات تتبعها اي مؤسسة تعمل معهم، وتعتبر ملزمة بالقانون.
ففي عالم يتزايد فيه الوعي بحقوق الطفل ومتطلبات حمايته، تبرز سياسة حماية الأطفال كضرورة ملحة لا غنى عنها لأي مؤسسة تتعامل مع هذه الشريحة الهشة من المجتمع. ولا يعد الأمر خياراً ثانوياً يمكن تأجيله أو تجاهله، بل يجب أن يكون سياسة ملزمة لجميع المؤسسات العاملة في مجال الأطفال، سواء كانت حكومية أم خاصة، مع ربطها كشرط أساسي لمنح التراخيص التشغيلية لهذه المؤسسات.
ضرورة سياسة حماية الأطفال وإلزاميتها
تشكل سياسات حماية الأطفال درعاً وقائياً يحمي الأطفال من مختلف أشكال الإساءة والإهمال والاستغلال. فهي توفر إطاراً واضحاً للممارسات الآمنة، وتحدد المسؤوليات، وتؤسس لبيئة آمنة وداعمة لنمو الطفل بشكل صحي. إن وجوب تطبيق هذه السياسة ينبع من:
- الطبيعة الخاصة لفئة الأطفال:فهم أكثر عرضة للاستغلال والإيذاء نتيجة لضعفهم وقلة خبرتهم في الحياة.
- المسؤولية الأخلاقية: تتحمل المؤسسات العاملة مع الأطفال مسؤولية أخلاقية وقانونية لضمان سلامتهم النفسية والجسدية.
- الالتزام بالمعايير الدولية: حيث تنص اتفاقية حقوق الطفل على ضرورة توفير الحماية للأطفال من كافة أشكال العنف والإساءة.
مكونات سياسة حماية الأطفال الفعالة
يجب أن تشمل السياسة الفعالة عدة عناصر أساسية:
- آليات واضحة للتبليغ عن حالات الإساءة المشتبه بها
- إجراءات للاستجابة السريعة والمناسبة للحوادث
- برامج تدريبية منتظمة للعاملين حول حماية الطفل
- مدونات سلوك للموظفين والمتطوعين
- استراتيجيات للوقاية من الإيذاء
- آليات دعم للأطفال المتأثرين
- الرقابة والمحاسبة: ضمانة التنفيذ
لا تكفي جعل سياسة حماية الأطفال شرطاً للترخيص دون وجود جهة رقابية مستقلة تتمتع بالصلاحيات الكافية لمراقبة التزام المؤسسات وتطبيق العقوبات على المخالفين. يجب أن تقوم هذه الجهة الرقابية بما يلي:
- التفتيش الدوري: زيارة المؤسسات بشكل دوري وغير مسبوق للتحقق من تطبيق سياسات الحماية.
- تلقي الشكاوى: توفير قنوات واضحة وميسرة لتلقي شكاوى الأطفال والأسر حول أي تقصير.
- تقييم السياسات: مراجعة سياسات الحماية في المؤسسات وتقييم فاعليتها.
- تطبيق العقوبات: فرض عقوبات تصاعدية تتراوح بين الإنذار والغرامات المالية وإلغاء الترخيص في حالات المخالفات الجسيمة، تشمل الاجراءات الجنائية وتنفيذ القانون.
- بناء القدرات: تقديم الدعم الفني للمؤسسات لمساعدتها على تطوير سياساتها.
حماية الأطفال ليست ترفاً يمكن الاستغناء عنه، بل واجب إنساني وقانوني يجب أن تلتزم به كل مؤسسة تضع على عاتقها مسؤولية رعاية الأطفال وتنشئتهم.
سياسة حماية الأطفال تلعب دورًا أساسيًا في منع الإساءة إليهم وضمان سلامتهم ورفاههم، سواء في المؤسسات التعليمية أو المجتمعية أو السياحية أو غيرها من البيئات التي يتفاعل فيها الأطفال مع البالغين.
وفيما يلي أبرز أدوار هذه السياسة:
- الوقاية من الإساءة قبل وقوعها
- من خلال وضع معايير واضحة للسلوك المقبول وغير المقبول عند التعامل مع الأطفال.
- تدريب العاملين على اكتشاف العلامات المبكرة للإساءة والإهمال وكيفية التصرف حيالها.
- توفير بيئة آمنة ومحفزة للأطفال
- تضمن السياسة أن تكون كل الأنشطة والبرامج مراعية لحقوق الطفل وآمنة نفسيًا وجسديًا.
- تشجع الأطفال على التعبير عن آرائهم ومخاوفهم بحرية.
- المساءلة والشفافية
- تضع آليات واضحة للإبلاغ عن أي اشتباه في إساءة، وتحدد المسؤوليات بدقة.
- تضمن التحقيق العادل وحماية المبلغين والضحايا من الانتقام أو الوصم.
- تعزيز ثقافة الحماية داخل المؤسسة والمجتمع
- تجعل حماية الأطفال مسؤولية جماعية يشارك فيها الجميع، وليس فقط المتخصصين.
- ترفع الوعي بحقوق الطفل ومفاهيم الحماية لدى الموظفين، الأهالي، والمجتمع المحلي.
باختصار، سياسة حماية الأطفال ليست مجرد وثيقة رسمية، بل إطار عملي يرسخ ثقافة الحماية والاحترام ويحول دون تعرض الأطفال لأي شكل من أشكال العنف أو الاستغلال.
حادثة الطفلة في الأبيض ليست الاولي وللأسف لن تكون الأخيرة في ظل غياب سياسات حماية الأطفال، حالياً هناك العديد من الأطفال الذين يعانون من التحرش والاستغلال الجنسي وكثير من الحوادث المسكوت عنها ولم يتم التبليغ عنها ل اي جهة نتيجة للتهاون وعدم وجود اجراءات وسياسات واضحة تلزم المؤسسات بإنفاذ سياسة حماية الأطفال.
نطالب وزارة التربية والتعليم والجهات الحكومية ذات الصلة ان تصدر هذه السياسات وتعمل علي فرضها علي كل المؤسسات العاملة مع الاطفال.
سودانايل أول صحيفة سودانية رقمية تصدر من الخرطوم