غير الشرعية :هجرة وأشياء أخر

 
بقلم: منى عبد الفتاح
moaney15@yahoo.com
 السودان من أكثر بلاد الله رحابة ، فعلى تقلص المليون ميل مربع في الشريط النيلي وتمركز السكان في مناطق يتوفر فيها نشاطات اقتصادية مثل الزراعة والرعي، فيظل التوزيع الجغرافي للسكان غير عادل لاعتبارات ضمور التنمية في مساحات شاسعة منه.
هذا فيما يخص السكان المحليين ، أما من ناحية أخرى فقد بدأت تطفو على السطح مرة أخرى مشكلة “المهاجرين غير الشرعيين ” ، وهذا التعبير جديد في أدبنا الشعبي السوداني ولم يتم تداوله إلا بعد طفرة البترول تمشياً مع واقع مؤمل فيه بعد انصلاح الحال بأن تكون للسودان حدود وبوابات دخول تدقق في هوية الداخلين، فقد مررت عبر أهم بوابتين للبلد هما مطار الخرطوم وميناء سواكن ويمكنني أن أجزم بأنه من الممكن جداً الزوغان لأي من أراد ، فالقطط تزوغ من بين أقدام العائدين في كلا البوابتين غير أن قطط سواكن أضخم من قطط مطار الخرطوم.
  الهجرة غير الشرعية إلى السودان قديمة وقد كنا نعرّف المهاجرين من هؤلاء باللاجئين ، وحتى هذه محصورة في التداول الرسمي فقط في أجندة وزارة الداخلية ، أما على مستوى تداولنا اليومي في الإعلام وبين الناس فكنا نقول عن اللاجئين الأثيوبين مثلاً ” الإخوة الأثيوبين” حتى أصبحوا في بعض مناطق الخرطوم كالخرطوم 2 والديوم جزءاً من النسيج الاجتماعي.وكنا نقول عن المصريين الأشقاء وأبناء النيل.
 شيء تحمد عليه مجهودات وزارة الداخلية في التفاتتها إلى مشكلة وجود مهاجرين غير شرعيين يتسللون إلى الخرطوم، ولو أنه من واجبها النظر في هذه المشكلة القديمة الحديثة نوعاً ما ، إلا أن ورود أخبار كمثل الذي تصدر صحيفة الرأي العام يوم 13 فبراير بالخط العريض :  “القبض على (5) مهاجرين غير شرعيين بالخرطوم” .خبر كهذا يجعل المرء يتحسس بوصلة انتمائه ومعرفته للبلد التي هاجر منها إلى أخرى ، ويجعل المهاجرين الخمسة أنفسهم يتحسسون تقييم أنفسهم وسط بلد ملأى بأصناف المهاجرين غير الشرعيين من أصقاع أخرى وحتى توطنوا وأصبحوا جزءاً منها ، ما الذي تغير يا ترى؟ سؤال مشروع  نتوجه به لإدارة الجوازات والهجرة : ما هي الأهمية التي اكتسبها هؤلاء المهاجرين الخمسة عن غيرهم ولم نتشرف بمعرفة هوياتهم بعد ولا أورد الخبر المأخوذ من مصادر من المفترض أن تكون رسمية غير أن المتهم بتهريب اللاجئين شخص معتاد على مثل هذا الفعل قام بترك المساكين “لايصين”عند مدخل الخرطوم بشرق النيل. ويشبه الخبر من حيث التعتيم على بعض أركانه بعض أخبار الصحف الاجتماعية التي تتحدث كل صباح عن وجود مواليد جدد مجهولي الأبوين عند بوابات المساجد وعند المقابر وفي كلا الخبرين الفاعل مجهول والمتهم هارب .انتهى الخبر الرسمي الذي يحاول إقناعنا بأن السودان بلد لا يأتيه التائهون من بين بواباته غير محكمة الإغلاق ولا المتسللين من خلفه.
 والحديث يجر بعضه بعضاً فلنا أن نتفكر في مشكلة أخرى تعاني منها وزارة الخارجية المصرية وهي هجرة الشباب المصري إلى السودان ، لا ليستقروا في جنوب الوادي الحبيب ولكن لأن السودان أسهل الطرق التي تؤدي إلى أوربا عبر محطة تركيا.وفي محاربتها لشبكة من العصابات التي تغرّر بالشباب المصري ، أجد أن السلطات المصرية في تصريحاتها حريصة كل الحرص في التأكيد على أن السودان نقطة عبور فقط لهؤلاء الشباب وليس هو الملاذ المأمول .. فتأمل.
 وبعد التأمل استفسار مشروع آخر لإدارة الجوازات والهجرة السودانية : تتحدثون عن خمسة مهاجرين مجهولي الهوية ، هل الضوابط والإجراءات حسب مصطفى جندي وزير الخارجية للشؤون القنصلية المصرية كافية بشأن الحد من الظاهرة وهي عقاب المخالفين بإعادتهم إلى السودان من الدولة الأوربية التي تسللوا إليها. تأمل أخيراً  معي بل تحسر كثيراً حينما تكون الإعادة إلى السودان هي شر عقاب.

عن صحيفة “الأحداث”

شاهد أيضاً

الصحفي أمين حسن عمر وصويحبات يُوسف .. بقلم: منى عبد الفتاح