في السودان ام في جنيف ؟ .. بقلمك محمد عتيق

 


 

 


خارج المتاهة /

 

الصديق ‏والصحفي الكبير الاستاذ محمد لطيف ، صاحب التحليل السياسي الرشيق والمقروء ، كان نجم التغطية الصحفية التحليلية لاجتماعات الدورة 39 لمجلس حقوق الإنسان التابع ‏للأمم المتحدة (جنيف سبتمبر ‏٢٠١٨) ‏عبر سلسلة من حوالي خمس حلقات مستصحباً ‏معه صفتين بارزتين : ‏كونه - كصحفي كبير - ‏لديه مداخل ومصادر في كل مراتب ‏السلطة وأجهزتها ، ثم قدرته العالية على إظهار الحياد .. ‏ورغم ذلك يستطيع المتابع أن يكتشف الانحياز للنظام ‏ومصالحه ‏اذ تقول ‏نتائج تحليلاته ‏ان ‏الحكومة هي الطرف المنتصر في معركة كسر العظم حسب العنوان الذي صاغه ‏لواحدة منها :(حقوق الانسان .. او معركة كسر العظم) .. ‏والمتأمل ‏لعبارة ‏واحدة وردت في ‏هذا المقال سيجد وميض الصفتين في جزئيها ، وهي التي تقول : (.... ‏ورغم وجود السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب ، الا ان ‏هذا لم يغير من حقيقة أن السودان يلعب دوراً متميزاً في مكافحة الإرهاب ..!! ‏ويقول مسؤولون ‏سودانيون ‏أن هذا التناقض ليس مسؤولية الخرطوم .. بل مسؤولية واشنطن ... و عليها وحدها ازالة هذا التناقض .. ) ‏بعيداً عن الخلاف حول النصر والهزيمة ، ارهاب النظام ام مكافحة الإرهاب ، فلننظر ‏أولاً الى الحقائق على الأرض ، ‏الحقائق التي تقول :
- ‏مصادرة الصحف ‏من وقت لآخر ، لا زالت مستمرة ، ولمزيد من الإيلام المادي ، تتم المصادرة بعد الطبع ..
- ‏وإصدار قرارات بمنع بعض الصحفيين من الكتابة في صحفهم ..
- ‏لا زال قانون أمن ‏المجتمع سارياً ‏ورجاله يوسعون الناس -خاصة النساء - شتماً وجلداً وتشهيراً ..
- ‏لا زالت مراكز الشرطة وامن المجتمع هي الأسوأ في إذلال الناس (المتهمين) وهدر كرامتهم الإنسانية ..
- ‏لا زالت الأحزاب السياسية مقيدة بالاذن المسبق لممارسة مناشطها الجماهيرية من ندوات ومسيرات ....الخ وفي الغالب لا ينالون الاذن ..
- ‏وهل حقوق الإنسان في السياسة والحريات فقط ؟ أليس السودان - حتى في عاصمته ومدنه الكبيرة - ساحةً لاسوا تدهور بيءي تشهده المنطقة ؟ ‏هل نتحدث عن انواع الباعوض والحشرات في العاصمة أم عن (الكنكشة) ‏التي بدأت كسلا في تصديرها لدول الجوار بعد أن صرعت - ولا زالت - الرجال والنساء من مختلف الأعمار أم ؟ وأم ...
- ‏تجمع الجنجويد ‏المسمي بقوات ‏الدعم السريع ، يتبختر عناصرها في كل أصقاع السودان ، وأخيراً طافوا في طرقات العاصمة بأسلحتهم وسياراتهم يهجمون على الشباب يحلقون ‏شعور رؤوسهم تحت تهديد القوة والسلاح في ابلغ إهانة للإنسان !!..
‏وغيرها من مظاهر الهدر ‏الفردي ‏والجماعي لكرامة الإنسان السوداني التي تمثل المقياس الحقيقي لاوضاع ‏حقوق الإنسان في بلادنا وليس الإدعاءات الكاذبة للنظام ومواقف الأنظمة الشبيهة معه في اجتماعات جنيف فنسود صحفنا ونملأ ‏مجالسنا بالجدل حول المنتصر في تلك (المباراة) .. ‏ينقصنا ‏شيء من الحياء وسؤال النفس والضمير ..
مؤخراً ، ‏وبعد اجتماعات جنيف ، نشر ‏الاخ محمد (تحليلاً سياسياً) ‏تحت ‏عنوان ( المعارضة : اختبار مبكر للنظام .. ام خلط الأوراق) ، ‏والذي يهمنا فيه ‏ما ذكره على لسان (قيادي بارز في نداء السودان بالخارج) ‏باغت ‏النظام (حسب الاستاذ لطيف)بصفقة مفادها : ‏إذا كان البشير ينوي تغيير الدستور ليخوض ‏انتخابات ٢٠٢٠ ‏، فلماذا لا نعقد مؤتمراً دستورياً يخرج بصيغة توافقية تنال ‏فيها المعارضة مكاسب مقدرة ويحصل ‏الرئيس على فرصة جديدة للترشح فنمنحه شرعية مثل شرعية نيفاشا ؟؟ ‏لن اذكر اسم القيادي المقصود طالما لم يذكره ‏الأستاذ محمد ، ولكن هل فات على ‏المصدر المتحدث أو على الصحفي أن المؤتمر الدستوري المتوافق ‏عليه في نداء السودان يدعو لحكومة انتقالية ‏ولا وجود للنظام الرئاسي في أدبيات المعارضة إطلاقاً ؟؟ ‏أم انه (الإستبطان) أو (الاستصحاب) لسيناريوهات (تغلي) قدورها في مطابخ النظام واجهزته ؟؟ الم نقل انه - كصحافي بارز - لديه مداخل ومصادر داخل السلطة واجهزتها ..


atieg@icloud.com

 

آراء