محاولة قراءة موازية لما بعد العقل الواعي (١)

 


 

 

‏‏‎من الحقائق التي أصبحت معترفا ً بها من الجميع , أننا البشر لا نستعمل سوى جزءا ً صغيرا ً من قدراتنا العقلية الكامنة . وقد أكد ذلك أحد العلماء قائلا ً : " في الغالب أن 99% من القدرات البشرية تضيع كليا ً وتذهب هباء , وحتى اليوم , فالذين يعتبرون مثقفين ومتعلمين بيننا , غالبا ً يسلكون في معظم الوقت سلوك الآلة الميكانيكية , ولا يتسنى لهم الفرصة للإحساس بوجود الثروات الكامنة في أعماق كيانهم إلا بلمحات خاطفة لمرة أو مرتين في الحياة .
‏‎مضى من الزمن نحو عشرة ملايين سنة من النشوء والتطور , للعقل الإنساني المثير للدهشة , والذي على ما يبدو يملك قدرات لا حد لها , غير أننا لا نستعمل سوى جزءا ً ضئيلا ً منه فحسب ونشبه في ذلك عائلة تملكت قصرا ً ضخما ً إلا أنها تفضل القبوع في ركن من أركان خارجه..
‏‎إن إصرار الحضارة الغربية على الاهتمام بالشكل الخارجي للحياة وعلى المحاولة الدائمة للسيطرة على الطبيعة وتسخيرها قد أدّى إلى تحقيق إنجازات تكنولوجية كبيرة , ولكنها كلفته ثمنا ً غاليا ً . إنها بذلك تجاهلت وأهملت تجاربنا النفسية الداخلية وأصبحت " النفسية المنكمشة " للإنسان اليوم تصرخ طلبا ً في التوسع والانبساط وهكذا نرى الآن في العالم كله حولنا اهتماما ً مجددا ً ومحموما ً بالعلوم الروحانية وأيضا ً بالعلوم النفسية والقدرات الغيبية , ومدارس التأمل والتصوف , والعقاقير المؤثرة على العقل والتنويم المغناطيسي واليوغا و .. و.. إن ظمأ البشر لعالم الغيب ولتخطي المظاهر الشكلية والتوصل إلى جوهر الأشياء قد اشتدت ويتزايد عدد القائمين "برحلات داخلية " هدفها الإدراك المتزايد لقدراتهم الكامنة , ولتنمية الطاقات الكبيرة المخفية بجوهرهم, ولكن كما قال لنا أحد علماء الأحياء المعاصرين:
‏‎" علينا أن نعرف إلى أين نذهب وكيف لنا أن نصل هناك "
‏‎إلى أين نذهب , وكيف لنا أن نصل هناك ؟ فإذا كنا في طريقنا لرحلة إلى أعماق كياننا فإننا في حاجة إلى خريطة توضح لنا المناطق أو الأشياء المراد استكشافها .

mohamed79salih@gmail.com

 

آراء