مراكز التفكير وعلاقتها برفع السودان من قائمة الارهاب (2) .. عرض وتلخيص: د. أحمد محمد أحمد آدم صافي الدين

 


 

 

 

تقرير راند حول Building Moderate Muslim Networks2-2

الغرض من هذه المقدمة بيان خطورة السلوك الاميركي تجاه السودان وغيره من البلدان بذريعة دعم الارهاب. فالحقيقة هي ان الارهاب يتخذ كغطاء لتحقيق المصالح الاستراتيجية الحيوية. ولا يمكن تفسير تلكؤ الادارة الاميريكية في اتخاذ قرار رفع السودان من القائمة الا لتحقيق اجندتها الخاصة التي تستهدف تهيئة المناخ لتطبيق رؤيتها. كثيرون لا يدركون ان قضية رفع السودان من القائمة الاميريكية تنطوي على تعقيدات واجراءات تنطوي على تعقيدات. فالغرب لا يدخر جهداً في دراسة وتحليل الواقع الإسلامي والعربي، مع أنه قد استطاع التمكن من الهيمنة الاقتصادية والعسكرية على بلدان العالم الإسلامي، بل استطاع أيضا ممارسة دور كبير في التأثير الفكري والتوجيهي في كثير من المجالات العلمية والفكرية.إن مشروع إنشاء شبكات إسلامية معتدلة يمكن أن يمضي على ثلاثة مستويات:
1- دعم الشبكات الموجودة بالفعل.
2- تحديد الشبكات المحتملة ودعمها ومساعدتها على التطور.
3- الإسهام في تنامي الظروف المواتية للتعددية والتسامح بما يخدم نمو الشبكات، وبرغم توافر عدد من برامج الحكومة الأمريكية التي تخلف تأثيرات على المستويين الأولين، تنتمي غالبية الجهود الأمريكية حتى اليوم إلى المستوى الثالث.

ويعود جزء من السبب وراء ذلك إلى عدم توفر سوى عدد ضئيل من الشبكات المعتدلة القائمة بالفعل داخل أجزاء كثيرة من العالم الإسلامي التي يمكن لواشنطن المشاركة معها.علاوة على ذلك فإنه في إطار سعيها لبناء شبكات معتدلة يتعين على الولايات المتحدة التعامل مع بيئات اجتماعية وسياسية قمعية ومشاعر عداء قوية إزاءها بمعظم أنحاء العالم المسلم.وتنتمي غالبية الجهود الأمريكية بشكل عام إلى مجالات تعزيز الديمقراطية وتنمية المجتمع المدني والدبلوماسية العامة.
نشر الديمقراطية:
من خلال الدبلوماسية التقليدية تشارك واشنطن عبر الجهود الدبلوماسية التقليدية في حوار على مستوى الدول، وصاغت حوافز مثل "حساب تحدي الألفية"؛ بهدف تشجيع الدول على الانضمام إلى "مجتمع الديمقراطيات".وتشدد الولايات المتحدة على الصعيدين العام والخاص على فوائد اتباع القيم الديمقراطية الليبرالية؛ مثل المساواة والتسامح والتعددية وحكم القانون واحترام الحقوق المدنية وحقوق الإنسان، بما يسهم في تنمية بيئة سياسية واجتماعية تيسر بناء شبكات معتدلة.وعلاوة على ذلك، تقوم كل من وزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وكالة التنمية العالمية بالولايات المتحدة بوضع أوامر رسمية معينة لنشر الديمقراطية، ومن أجل الاضطلاع بهذه الواجبات تتعاقد كلتا الجهتين مع المنظمات الأهلية خاصة الهيئة القومية للديمقراطية (NED) و(المعهد الجمهوري الدولي (IRI) والمعهد الدولي للديمقراطية (NDI) ومؤسسة آسيا ومركز دراسات الإسلام والديمقراطية (CSID)، وكل هذه المنظمات غير هادفة للربح، وتمولها حكومة الولايات المتحدة الأمريكية.وتمثل مبادرة الشراكة مع الشرق الأوسط محاولة بارزة للتخلص من التوجهات التقليدية التي ظهرت في أعقاب هجمات 11 سبتمبر، برغم أنها لا تعد بأي حال من الأحوال أكبر برنامج أمريكي للتعاون مع العالم المسلم، وتصيغ المبادرة برامجها على أربعة محاور أساسية : الإصلاح السياسي والإصلاح الاقتصادي والتعليم وتمكين المرأة، إلى جانب دعمها المباشر للمنظمات الأهلية الأصلية غير الحكومية المحلية بصور أكثر إبداعًا ومرونة.
وقد تم افتتاح المبادرة كمكتب جديد يتبع مكتب شئون الشرق الأوسط بوزارة الخارجية كمحاولة للتخلص من التوجه التقليدي القائم على الاتصالات بين الحكومات، عبر الاعتماد على المنظمات غير الحكومية الأمريكية في توزيع منح صغيرة بصورة مباشرة على المنظمات غير الحكومية المحلية داخل إطار المحاور الأربعة.

تنمية المجتمع المدني:
تسير جهود تعزيز الديمقراطية جنبًا إلى جنب مع تنمية المجتمع المدني، بل ويعتقد الكثير من المتخصصين أن تنمية المجتمع المدني تمثل خطوة مسبقة ضرورية لإحلال الديمقراطية.ويشير مصطلح المجتمع المدني إلى مجموعة من المؤسسات والقيم التي تعمل كحائط عازل، وفي الوقت ذاته حلقة وصل جوهرية بين الدولة والأفراد والأسر والعشائر، ويتضح عندما تتمكن المنظمات الاجتماعية والمدنية - مثل المنظمات غير الحكومية - من الوقوف في وجه قوى الدولة.إن إنشاء شبكات من المعتدلين جزء لا يتجزأ من المجتمع المدني، فالاثنان يقويان بعضهما البعض ويعتمدان على بعضهما، ومن الناحية النظرية، إذا نشأ المجتمع المدني يتبعه الشبكات المعتدلة والعكس صحيح، أما من ناحية التطبيق؛ تأتي الجهود الأمريكية لتنمية المجتمع المدني على نطاق أوسع من جهود تعزيز الديمقراطية، وتتضمن جهودًا لتدعيم الفرص الاقتصادية ووسائل الإعلام المستقلة والمتميزة بالشعور بالمسئولية وحماية حقوق الأقليات وتوفير الرعاية الصحية والتعليم.
وتتمثل مقاومة الأنظمة في القوانين المانعة لإنشاء المنظمات الأهلية أو قبول المساعدات الخارجية والإدارة الصارمة لأنشطة المنظمات الأهلية وقد حدث ذلك مؤخرا في البحرين حيث طردت بعض المسئولين وفي مصر عندما قامت بتعليق الأنشطة. وعلى الجبهة الدبلوماسية العامة بذلت وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس جهود للتوفيق بين سياسة وزارة الخارجية والحكومة الأمريكية في "الدبلوماسية الانتقالية" التي سيقوم فيها مسئولي الحكومة الأمريكية بغرس الدبلوماسية العامة على الصعيدين صناعة السياسة والتطبيق، ولكن داخل الحكو مة ستظل أهداف الدبلوماسية العامة متنوعة وليس من الغريب أن تأثيرها هو الأكثر تعقيدا ومن الصعب تقييمه.
أما أكثر الآليات التي جرت الاستعانة بها في نقل جهود الدبلوماسية العامة إلى داخل العالم المسلم فتمثلت في محطات الإذاعة والأخرى المرتبطة بالأقمار الصناعية خاصة راديو "سوا" وقناة "الحرة".
وبينما تعرضت قناة "الحرة" لانتقادات لاذعة لإخفاقها في بناء قاعدة جماهيرية لها، حقق راديو "سوا" نجاحًا في هذا الشأن، بيد أن النجاح في بناء جمهور لا يترجم بوضوح إلى مكاسب ملموسة على صعيد تعزيز الاعتدال داخل المجتمعات المستهدفة أو بناء مؤسسات معتدلة، ذلك أنه برغم كلفتهما المرتفعة والبالغة 700 مليون دولار سنويًّا.

خارطة الطريق لبناء شبكات معتدلة
وبعد الاطلاع على أكثر الاستراتيجيات تأثيرًا في بناء وتكوين هيئات قوية وموثوق فيها من المنشقين البارزين، وكذلك في مجال تغيير الأفكار أثناء الحرب الباردة - قمنا بعمل تقصي وتحري عن مثقفي العالم الإسلامي وهيئاته ومؤسساته، وفي نفس الوقت قمنا بتقييم سياسة الولايات المتحدة ودبلوماسيتها العامة؛ لإعادة صياغة الخطاب السياسي تجاه الشرق الأوسط، ومن خلال هذا البحث استخلصنا طريقة تطبيق مذكورة لاحقًا.
إن الخطوة الأولي تتعلق بالولايات المتحدة وحلفائها لاتخاذ قرارا بإنشاء شبكات من المعتدلين وكذلك عمل علاقة صريحة بين هذا الهدف واستراتيجية الولايات المتحدة وبرامجها بالكامل.إن التطبيق الفعال لهذه الاستراتيجية يتطلب إنشاء هيكل تأسيسي داخل الإدارة الأمريكية؛ لتوجيه هذا الجهد ودعمه وإدارته. وداخل هذا الإطار يتحتم على الولايات المتحدة أن تكتسب خبرة ضرورية وقدرة استيعابية لتنفيذ هذه الاستراتيجية، والتي تشمل الآتي:
1- وضع معايير صارمة وحادة لتحديد المعتدلين الحقيقيين في العالم الإسلامي، والتمييز بينهم وبين الانتهازيين والمتطرفين الذين يروجون لأنفسهم على أنهم معتدلين، وتمييز الليبراليين العلمانيين من العلمانيين الاستبداديين، وتحتاج الولايات المتحدة إلى القدرة على اتخاذ قرارات حاسمة لتحديد ودعم الأفراد خارج هذا النطاق في ظروف محددة.
2- عمل قاعدة بيانات دولية عن شركائها (الأفراد، الجماعات، المؤسسات، والهيئات والأحزاب إلخ).
3- عمل آليات لإدارة وتنقيح البرامج والمشاريع والقرارات، ويشمل ذلك حلقة استرجاعية لإدخال بيانات وعمل تصحيحات تأتي من قبل هؤلاء الشركاء الذين تم تحديدهم على أنهم مصادر موثوق فيها.
إن جهود إنشاء الشبكات يركز مبدئيا على جماعة رئيسية من الشركاء الموثوق فيهم ومعروف توجهاتهم الفكرية ويعملون بشكل خارجي في هذا الهدف، مثل اتباع منهج المؤسسات السرية، وبعد التأكد من أيديولوجية المؤسسات الجديدة التي تم استهدافها تقوم الولايات المتحدة بمنح مستويات أعلى من الاستقلالية.
إن بحثنا هذا يدعو لإحداث تغييرات جوهرية في الاستراتيجية الحالية تجاه العالم الإسلامي، ويحدد البحث الحالي منطقة المشكلة في الشرق الأوسط ويقوم بصياغة برامجها بناءا عليه، إن هذه البقعة من العالم كبيرة جدًّا ومتنوعة جدًّا ومعقدة، وتقع في أيدي قطاع عريض من القطاعات غير المعتدلة، وقد تسحب هذه المنطقة الكثير من الموارد دون أي تأثير، وبالتالي على الولايات المتحدة أن تتبع استراتيجية جديدة تكون غير متماثلة وتنقيحية. ويجب أن تعطى الأولوية للآتي:
1- الأكاديميون الليبراليون العلمانيون من المسلمين والمثقفين.
2- صغار علماء الدين المعتدلين.
3- النشطاء من الجماعات.
4- جماعات الدفاع عن المرأة التي تدعو للمساواة بين الرجل والمرأة.
5- الكتاب والصحفيون المعتدلون.
يجب على الولايات المتحدة أن تضمن أن هؤلاء الشخصيات مدرجين في قائمة زيارات الكونجرس، وتعريف دوائر صنع القرار بهم، والمساعدة في الحفاظ على دعم الموارد من قبل الإدارة الأمريكية لجهود الدبلوماسية العامة.
كما يجب تنظيم برامج المساعدات في القطاعات الآتية، وتشمل الآتي:
1- التعليم الديمقراطي: وخاصة البرامج التي تستخدم نصوص وأعراف إسلامية تواجه التعاليم الفاشستية، وذلك لنشر القيم الديمقراطية والمبادئ التعددية.
2- وسائل الإعلام: دعم الإعلام المعتدل من أهم الطرق لمواجهة السيطرة على الإعلام من قبل العناصر غير الديمقراطية والمسلمين المحافظين.
3- المساواة بين الجنسين: إن أهم معركة فكرية نواجهها مع الإسلام هي حقوق المرأة، ويذكر أن أنصار حقوق المرأة موجودون في كل مكان. إن الترويج للمساواة بين الجنسين يعد مكونًا رئيسيًّا لأي مشروع يهدف لتمكين المسلمين المعتدلين.
4- تأييد السياسة: إن الإسلاميين لديهم أجندات سياسية وبالتالي يحتاج المعتدلون إلى تأييد لسياساتهم وأنشطة التأييد للسياسة مهمة من أجل صياغة البيئة السياسية والقانونية للعالم الإسلامي.
هناك بالفعل بعض الشبكات العاملة الآن، ولكنها تعمل بشكل عشوائي وغير كافية، أما الشبكات التي تم التأكد من أن أفرادها بالفعل معتدلون لم يتم تأسيسها بعد أما تأسيس الشبكات التي يشتبه في أفرادها على أنهم معتدلون تبقى غير مجدية وتبدد الموارد والنفقات، والمثال على ذلك ما حدث في الدانمارك، حيث عندما تم اختيار أئمة دنماركيين معتدلين تبين أنهم هم من قادوا الحملة الشعواء ضد الرسوم المسيئة لنبي الإسلام، والتي امتد أثرها لتعم العالم الإسلامي، وبالتالي تبين في النهاية أنهم غير معتدلين بعد التحري عنهم عقب الحادث.
أثناء الحرب الباردة كان دور الإذاعات مجديًا؛ لأنه كان يصل للأفراد الذين يقطنون مناطق مترامية الأطراف، وساعدهم على الحصول على المعلومات، أما اليوم؛ فإن العالم الإسلامي يغرق في كم هائل من المعلومات متحيزة وغير دقيقة. فمثلا قناة الحرة وإذاعة سوا تعدان بالفعل صوت أمريكا في الشرق الأوسط، إلا أنه بالرغم من التكاليف الباهظة إلا أن تأثيرهما ضئيلاً جدًّا، ولم تساعد في تلميع صورة أمريكا وتعطي معلومات إيجابية عنها، وبالتالي فإننا نرى أنه يجب أن تذهب هذه الأموال للإعلام المحلي والصحفيين الذين يعتنقون الديمقراطية ويؤمنون بالتعددية. ونقترح أن يتم إطلاق المبادرة المنصوص عليها في هذا التقرير من خلال ورشة عمل يتم إجرائها في واشنطن أو أي مكان مناسب، وتضم عدد من ممثلي المسلمين المعتدلين، وستساعد هذه الورشة في الحصول على معلومات، وستدعم المبادرة، وكذلك سيتم تحضير الأجندة وحصر الأسماء من المشاركين للمؤتمر الدولي الذي سيعقد في الكونجرس بعنوان "الحرية الثقافية".
وإن كُتِب لهذا الحدث النجاح فسوف نعمل عندئذ مع المجموعة الأساسية لعقد المؤتمر الدولي الذي سيقام في مكان ذي أهمية رمزية بالنسبة للمسلمين - مثل قرطبة في إسبانيا - لإطلاق منظمة دائمة لمكافحة الحركة الإسلامية الراديكالية.

dr.ahmedsafidinfdi@gmail.com

//////////////////

 

آراء