معنى أن تكون رفيقاً للبطل … بقلم: منى عبد الفتاح

 


 

 

كيف لا

 

محروسين (2)

 

منى عبد الفتاح

 

moaney15@yahoo.com

 

 

رجال الأمن يعرفون لون منشفتي ،  وبما أن رجال الأمن ليس لديهم عمى ألوان فقد عرفوا من الوهلة الأولى أن لونها "بمبي" . وأن رقم غرفتي هو (607) بينما رقم غرفة الكاتب الكبير مصطفى البطل هو (706) لذا لزم توضيح ألا يكون العمى في الألوان وإنما في إدراكنا نحن نزلاء "بلازا هوتيل" من إعلاميي الخارج لمعقولية الأرقام.

 

معنى أن تكون رفيقاً للبطل هو أن تنام ملء جفنيك بينما يسهر في حراستك رجال جهاز الأمن وربما يختصموا  ، فتحس بتصاعد أنفاسهم وهبوطها كما يبادلونك هم نفس الإحساس سوى أنهم يحصونها  في كل مرة ، وهذه ميزة لن تؤتى للفرد منا إلا كل مائة عام.

 

 سعادتي الشخصية برفقة الأستاذ مصطفى البطل أنا ومحمد عثمان إبراهيم نابعة من أنه صديق عزيز تحققت لنا معرفته واقعياً بعد أن كانت معرفة إفتراضية. هذه الصداقة أتاحها لنا الأستاذ عادل الباز من قبل وحققها الملتقى وصدّقها إيمان كلّ من ثلاثتنا بالآخر ، فكنا ظهوراً في الملتقى الثاني للإعلاميين السودانيين العاملين بالخارج بمظهر"أحداثي" صميم زينه الأستاذ عادل نفسه بحضوره من القاهرة  واكتمل بالحضور الرزين للأستاذة وصال ناصر من ماليزيا ومحمد عثمان من استراليا ومصطفى البطل من أمريكا وخالد أحمد بابكر من مرابطي ثغور الأحداث بالسودان، فكان قد انطبق علينا وصف البطل بأنه تكتل "أحداثي" عابر للقارات وأغرانا توحدنا في "الأحداث" في الظهور مرات ومرات في الدعوات والحفلات للدرجة التي أثارت حسد المختلفين والمتشاحنين من الجمعيات والروابط الإعلامية شرقاً وغرباً.

  حين سجلت تلك الذاكرة الحية تقارير عنه عام 89 سُجل اسمه بأحرف منحوتة بماء الذاكرة الجمعية المشاهداتية لتغيير المناصب بمجلس الوزراء في التسعينيات بعد أن وصل إلى مدير الإدارة السياسية في رئاسة مجلس الوزراء. وبما أن مصطفى البطل من طراز الراسخين على مستوى مسارح الحياة العامة السودانية  بما فيها خدمتها المدنية فقد سمح له هذا التاريخ في الرسوخ وعلى مدى أكثر من خمسة عشر عام خلت في الخارج ، من تأسيس كينونة خاصة يشار إليه باعتباره شاملاً متعدد المواهب والخبرات .وفي صقله لهذه المواهب عبر مهاراته الذاتية  التي استطاع من خلالها أن يؤطر نتاجه ، اجتهد أن ترتقي به لمصاف الاحتراف ولكن ليسكن بها مطمئناً في بلاد لا يضام فيها عزيز قوم.

 لا يدانيني شك في أن البطل هو صانع المسامحة الأولى عندما ترفّع عن إعادة قصة الذئب وقميص يوسف على مسامعه . ويشهد الجميع أنه كان في كل أيام الملتقى أبعد ما يكون عن الواجهة والمنصة وإضاءاتها حتى لا يأتيه من يطلب منه مسامحة أخطاء الزمن من خلال دورة جديدة برئاسة مجلس الوزراء.

 

  بين البطل والصادق الفقيه أجلس ، البطل الخارج من الوزارة في زمانه و الفقيه مستلم الوظيفة بعده  . أكن لهما التقدير  فالأول صديق عزيز والثاني علمني أكثر من حرف في إحدى دورات وزارة الثقافة والإعلام.أجلس وأتأمل ما في ذاكرة الإثنين وبيني وبينهما أمل في حفظ ما يدوزنه حافظ عبد الرحمن ، حتى يذكرني بنهارات منتصف مايو هذه . وبين مايو الحاضر ومايو الماضي لي ذكراي الخاصة ، فعلى ذكر الموسيقى والغناء كان أبي يحب صوت الكابلي ، حيث كان صوته هو صوت العاطفة الحقيقية التي كانت تنام في جهاز الراديو (الناشيونال) في ليل شارع كاترينا ، ففي بيتنا كانت أممية الأغنية تعم الذوق العام.ونهارات منتصف مايو الحالي تسكنها أممية عصير الكركدي والتبلدي وأممية حب الوطن بطريقة منهجية.فإلى أي مايو أنا أحتاج أكثر أم أحتاج إلى دودة قز ترتق ما بين الزمانين.

  عن صحيفة "الاحداث"

 

آراء