نحن ومصر

قرات مقالات كثير عن الجدل الحاصل هذه الايام خصوصا بعد الحرب عن علاقتنا مع مصر . و بعض الغلو الذي اتسمت به بعض الأقلام وهي لكتاب ذو وزن كما سمعت بعض الفيديوهات لأصحاب راي و مفكرين و سياسين و ناشطين يعتبرون ان مصر وراء كل مشكلة تحدث لنا في السودان ! .

حجج معظم هولاء من شاكلة ان مصر تدعم النظم العسكرية الدكتاتورية بالسودان بل هي من كانت وراء الانقلابات العسكرية .

ويري هولاء ان هذه الرغبة القوية لمصر في ان يكون نظام الحكم بالسودان عسكريا هي نهب ثرواته بسبب إخضاعها للعسكر بمساندتهم و السيطرة عليهم بزعم ان مصر تمثل لهم الصليح الوحيد في بيئة اقليمية و دولية ترفض حكم العساكر بل بعضهم يفرض علي العسكر عقوبات .

اكيد بعض مما يروج له صحيحا ولكن لماذا نلوم مصر ؟ الم يكن ذلك من صميم سعي الدول للبحث عن مصالحها و مصالح شعوبها ؟

تخوفنا من نقل النظام العسكري المصري لنا يطرح سوال ، هل الحكم العسكري في مصر يماثل حكم عساكرنا ؟ بالطبع هناك فرق كبير بين نظام الحكم العسكري الشمولي في مصر وما يحدث عندما من العسكر .

مصر دولة مستقرة توجد بها مؤسسات منضبطة و خدمة مدنية مستقرة تعتمد علي التراتيبية في اتخاذ القرارات كما ان هيبة الدولة لأ تخطئها عين . كما انه من الملاحظ ان النظم العسكرية في مصر أنشأت بنية تحتية لاتقل عن اي دولة اوربية . نلاحظ ذلك التقدم عند زيارتها المتباعدة لها علي عكس ما احدثه عساكرنا من تهديم للبنية التحتية حتي صرنا نري ماضينا افضل من حاضرنا بسبب – ستون عاما من حكم العسكر .

اكيد الكل بما فيهم المصرين يتطلع الي ان تسود الديموقراطية مصر وكل دول الاقليم . لكن علينا ان نضع في الاعتبار اننا نختلف عن مصر شعبا و حكومة .

ماذا يفعل العسكر عندنا عند تسنم الحكم ؟ يبدا بإلقاء الدستور و وضع دساتير تمكنهم من التدخل في كل مفاصل الدولة و موظفيها من الخفير الي المدير ! و تطهير (كما حدث في مايو ) كل مخالف او الاحالة للصالح العام ( كما حدث في الانقاذ ) و لابراز حجم هذه المشكلة ، ففي هذا الصدد ذكر دكتور منصور خالد في مذكراته (شذرات ) نقلا عن الصحفي النابه السر سيد احمد (ان عدد المحالين للصالح العام في بداية حكم الانقاذ في الفترة من يوليو 1989 الي سبتمبر 1993 وصل الي 76,640 موظف !! في حين لم يتجاوز عدد المحالين للمعاش منذ تاسيس الخدمة المدنية عام 1904م في عهد الاستعمار والي تاريخ استيلاء الانقاذ للسلطة 32,419 موظف فقط بمن فيهم من احيل للمعاش وفقا لقانون المعاشات )!!!

مثل هذه الامور بلاشك تودي الي انهيار الخدمة المدنية وبالتالي دولاب العمل والانتاج بالدولة. لكنك لا نجد اثر لذلك عند حكام مصر من العسكرين. كنا في الخليج نري الموظفين المصرين عندما تنتهي فترة انتدابهم يعودوا لوظائفهم بمصر مع حفظ كل حقوقهم بمساواتهم بزملائهم الموظفين من علاوات و ترقيات .

ما نفعله بأيدنا لا يجب ان نبرره بخلق شماعات نرمي عليها إخفاقاتنا و الترويج لنظريات المؤامرات و الاستهداف بالرغم من انها للأسف حقيقة و موجودة في عالم اليوم تظهر عند تضارب مصالح الاخرين مع مصالحك ولكنها لن تؤثر إذا أتحدت الشعوب و تبرا القادة من العمالة .

ولنا في تاريخ الصين الحديث خير مثال وعبرة حين تكالبت عليها دول الغرب و الاتحاد السوفيتي مجتمعين و طوّقوها بعزله صارمة جعلتها تنكب علي نفسها و لم تنكسر الي التآمر او العزلة و نجحت في بناء المجتمع و رفع قدرات العمالة بثورة ثقافية صارمة و بمناوراتها الدبلوماسية استغلت الحرب الباردة و العداء بين الاتحاد السوفيتي و امريكا بإعادة علاقتها بامريكا حتي خرجت ماردا مهاب .

عن جعفر فضل

جعفر فضل

شاهد أيضاً

الوجه الاخر للجالية السودانية بلندن

الوجه الاخر للجالية السودانية بلندن كل عام ترذلون! السودانيون في بريطانيا واسقاطات التدهور الفكري والأخلاقي …